طرح نواب في مجلس الأمة أخيراً اقتراحات بقوانين، تتعلق بالشأن العقاري، من قبيل فرض ضريبة سنوية على قسائم السكن الخاص المملوكة لشخص واحد والقسائم المملوكة لشركاء، والضريبة على مالكي أكثر من عقار ورفع دعم الكهرباء والماء عنهم، وفرض رسوم على شراء قسائم السكن الخاص للعقارين الثالث والرابع.

فما مدى تأثير تلك الاقتراحات إن تم إقرارها على سوق العقار عموماً، والعقار السكني على وجه الخصوص؟

يرى عقاريون في مثل هذه الاقتراحات، متى ما رأت النور، خطوة في المسار الصحيح للحد من ارتفاع الأسعار والمضاربة في قطاع السكني، إلا أنها غير كافية لوحدها، مؤكدين في تصريحات متفرقة لـ«الراي» أن مثل هذه القوانين يجب أن يتزامن تطبيقها مع إجراءات أخرى ليس أقلها توفير الأراضي الجاهزة للاستخدام في القطاع لمستحقي الرعاية السكنية لتقليل عدد الطلبات الإسكانية التي وصلت حتى مايو الماضي إلى ما يناهز الـ90 ألفاً، حيث يميل المواطنون إلى التأجير في هذا القطاع إلى أن يصل دورهم في طابور الرعاية الصحية، ويصل معدل الانتظار ما بين 15 و20 عاماً.

وأبدى عدد من العقاريين تخوفهم من أن يكون المواطن الكويتي هو المتضرر الوحيد مما هو مقترح نيابياً من فرض للضرائب والرسوم ورفع للدعوم، مشيرين إلى أن أصحاب العقارات والمستثمرين في القطاع السكني سيعملون على تمرير تلك الزيادات إلى المستأجرين (الشريحة العظمى منهم مواطنون)، لأنهم المتحكمون في عملية التأجير دون رقيب يحدّد وينظم العملية.

ولفتوا إلى أن الحلول تكمن كذلك في تقليص عدد الطلبات الإسكانية بالسرعة القصوى، وإنشاء هيئة تُعنى بالعقارات والأراضي من جميع الجوانب، مع وضع القوانين المنظمة وتلك المتعلقة بتقييم العقارات وإجراء الاحصائيات وتحصيل الرسوم والضرائب للشراء والبيع بشكل عادل وشفاف، للتحكم بأسعار السوق والقضاء على المضاربات، ما يؤدي بالتالي إلى هبوط الأسعار.

وكان النواب عبدالعزيز الصقعبي وعبدالكريم الكندري ومهند الساير وعبدالله المضف وبدر نشمي قد تقدموا باقتراح بقانون يقضي بفرض ضريبة سنوية على قسائم السكن الخاص المملوكة لشخص واحد، والقسائم المملوكة لشركاء إذا كان إجمالي ما يملكه أحدهم 2000 متر مربع فأكثر، سواء كان ذلك في موقع واحد أو مواقع متعددة، وفي مشروع واحد أو مشاريع متعددة، موضحين أن الاقتراح يأتي سعياً للحد من ارتفاع أسعار السكن الخاص.

وينص الاقتراح على إعفاء العقار الأول والثاني المملوكين لشخص واحد من الضريبة، على أن تفرض بنسبة 2.5 في المئة من القيمة السوقية للعقار الثالث، و5 في المئة للعقار الرابع، و7.5 في المئة للخامس، و10 في المئة للسادس فأكثر.

كما قدم النواب الخمسة أنفسهم اقتراحاً آخر لرفع تعرفة الكهرباء على السكن الثاني والثالث، بحيث «يعامل السكن الخاص الثالث فأكثر لأي مالك معاملة السكن التجاري، كما يعامل السكن الثاني الأكثر استهلاكاً للماء والكهرباء معاملة السكن التجاري، إذا ما كانت المساحة الإجمالية للسكن الأول والثاني مجتمعة تتجاوز 2000 متر مربع».

واقترح النواب الصقعبي والكندري والساير والمضف وحمد المطر، إضافة مادة جديدة برقم «58 مكرراً أ» إلى المرسوم الأميري 5 /1959 بقانون التسجيل العقاري، تقضي بفرض رسوم على شراء قسائم السكن الخاص للعقارين الثالث والرابع.

حل ثانوي

من ناحيته، قال رئيس اتحاد العقاريين والرئيس التنفيذي لشركة أعيان العقارية، إبراهيم العوضي، إن المقترحات المقدمة من بعض النواب هي حل ثانوي لارتفاع الأسعار في القطاع السكني والحد من المضاربة فيه، في حين أن المشكلة الأساسية تكمن في الطلب الكبير مقابل العرض المحدود.

وذكر أن عدد الطلبات الإسكانية حتى مايو 2023 وفقاً لموقع المؤسسة العامة للرعاية السكنية بلغ أكثر من 90 ألفاً، مع ارتفاعها عاماً بعد عام بسبب حالات الزواج، يقابل ذلك عدد توزيعات أقل من المطلوب، وبالتالي فإن أزمة الكويتيين الباحثين عن مسكن للإيجار لحين وصول دورهم في طابور الرعاية السكنية، مستمرة.

ولفت العوضي إلى أن عدد الأراضي الفضاء الموجودة في الكويت (باستثناء مدينة المطلاع) والمخصّصة للقطاع السكني لا تتجاوز 13500 قطعة أرض، وبالتالي لو فرضنا نظرياً أنها لبّت جزءاً من الـ90 ألف طلب القائمة، فإن عدد المنتظرين سيبقى مرتفعاً جداً، وهؤلاء يفضلون السكن في القطاع السكني، وبالتالي فإن الطلب سيظل مرتفعاً.

وذكر أن تلك المقترحات لن تحل الأزمة بل إن الانفراجة تكمن في زيادة المعروض وتوفير أكبر عدد ممكن من الأراضي والسماح لمستحقي الرعاية السكنية بتملكها وزيادة قدرة المواطن على الشراء.

المستهلك النهائي

من جهته، قال الخبير العقاري سليمان الدليجان إن فرض الرسوم والضريبة على قطاع السكن الخاص سينعكس على المستهلك النهائي، سواء المستأجر أو المشتري، مدللاً على ذلك بأن تداولات السكن الخاص اتخذت منحنى تصاعدياً منذ العام 2011 (بدء تطبيق رسوم الأراضي الفضاء لكل من يملك أكثر من 5000 متر بدفع 10 دنانير سنوياً على كل متر زيادة).

وذكر أن انعكاس الضرائب - في حال طُبّقت - سيكون على المستهلك النهائي لأن العروض قليلة والطلب مرتفع، كما أن رفع رسوم الكهرباء والماء سيُمرّر إلى المستأجرين وسيتحملها المواطن الكويتي الذي يستأجر عادة في هذا القطاع.

أمور أخرى

بدوره، أيّد المتخصص في إدارة وتطوير العقارات، محمد النوري، فرض ضرائب على بيع وشراء عقارات قطاع السكن الخاص، مشدّداً على أن فرض الضريبة يجب أن تسبقه أمور عدة لمنع المضاربة والتلاعب بالأسعار وتلافي استخدام السكن الخاص لغير غرضه كما هو سائد الآن.

ولفت إلى أن فرض الضرائب يجب أن يتزامن مع وجود نظام تقييم عالمي مبني على أسس علمية ومنهجية، لكي لا نعيش حالة أخرى من المضاربة والأسعار المصطنعة، لأن السوق حالياً غير منظم وفوضوي ولا توجد هيئة عقار تُعنى به، وأغلب التقييمات قائمة على البيوع السابقة من دون أسس.

وأضاف النوري أن ضريبة الشراء تنقسم إلى قسمين حسب النظم العالمية، الأولى تكون على المباني الجديدة غير المسكونة من قبل وتتراوح بين 8 إلى 10 في المئة، في حين أن ضريبة شراء العقارات المستخدمة تتراوح بين 7 و8 في المئة وتتناقص وفقاً لعدد مرات البيع إلى أن تصل إلى 3 في المئة.

وفي ما يخص تعرفة الماء والكهرباء، ذكر النوري أن الكثير من المستثمرين يستغلون دعم الدولة لقطاع السكن الخاص بجميع الخدمات، حيث عملوا خلال الفترة الماضية على تحويل الكثير من العقارات إلى شقق استثمارية لتعظيم القيمة الإيجارية والاستفادة منها بالحد الأعلى، وهو ما أوصل الأسعار إلى مستويات جنونية.

وأوضح أن تعرفة الكهرباء والماء للبيت الثاني والثالث في السكن الخاص يجب أن تكون كمثيلتها في القطاع التجاري، لمنع ضعيفي النفوس من استغلال هذا الجانب والتكسب من الدولة التي تدفع ملايين الدنانير لتوفير الكهرباء والماء بهذه الأسعار البسيطة.

وأشار النوري إلى أن القضاء على المضاربة والحد من ارتفاع أسعار قطاع العقار السكني يكون عبر تنظيم السوق عن طريق وجود هيئة تعنى بالعقارات والأراضي بجميع الجوانب، من فرض القوانين والتقييم والفحص والاطلاع وإجراء الاحصائيات وتحصيل الرسوم والضرائب للشراء والبيع بكل عدالة وشفافية، فعندها سيتم التحكم بأسعار السوق والقضاء على المضاربات، الأمر الذي سيهبط بالأسعار.

ميرزا: زيادة معروض الأراضي وطرح مشاريع للقطاع الخاص

قال الرئيس التنفيذي لشركة عقار للاستثمار، خالد ميرزا، إن الحل لتخفيض أسعار السكن الخاص والحدّ من المضاربة فيه يكمن في خطوات جادة لزيادة المعروض من الأراضي وطرح مشاريع للقطاع الخاص وتوفير أكبر قدر ممكن من المنتجات العقارية لمستحقي الرعاية السكنية، مؤكداً أن حل فرض الضرائب والرسوم ورفع الدعم عن الكهرباء والماء جيد لكنه يجب أن تصاحبه خطوات أخرى تعالج جذور المشكلة، وهي أن الطلب الكبير من الكويتيين للسكن في هذا القطاع أغلبه من منتظري الرعاية السكنية.

وذكر ميرزا أن حجم التداولات في القطاع السكني شهد تباطؤاً بنسب كبيرة هذا العام مقارنة بالعام الماضي والذي قبله، في حين أن الأسعار حافظت على استقرارها في المناطق الداخلية بينما شهدت مناطق خارجية مثل المناطق المضاربية انخفاضاً بالأسعار بنحو 10 في المئة لارتباط ذلك بسعر الفائدة الذي يؤثر في جدوى الاستثمار، إلى جانب وصول أسعارها لمستويات غير مسبوقة بما يجعلها عديمة الجدوى.