لاحظ موقع «ديلويت إنسايتس» ظهور أنماط تجارية جديدة في العالم، متسائلاً عما إذا كان ذلك يعني انفصالاً أو نزعاً للمخاطر أو شيئاً آخر.
وأشار الموقع في مقال إلى أن أنماط التجارة الصينية تشهد تبدّلات مع تحوّل للتركيز عن الولايات المتحدة وأوروبا بعد أن كانتا على مدى العقود القليلة الماضية أكبر شريكين تجاريين للصين، منوهاً إلى أن هذا الموقع احتله الآن جنوب شرقي آسيا، ما دفع بأوروبا الى المركز الثاني وبالولايات المتحدة إلى المركز الثالث.
وأرجع المقال سبب هذا التبدّل الى عوامل عدة في مقدمتها القيود التجارية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين، الأمر الذي دفع بالمنتجين الصينيين لنقل مصانعهم إلى مناطق أخرى غير خاضعة للتعرفات الأميركية، كما أن ارتفاع الأجور في الصين أدى الى ارتقائها لسلسلة القيمة، ما حدّ من الكميات الهائلة من السلع ذات التكلفة المنخفضة التي تصدّرها إلى الولايات المتحدة مثل الملابس والمنسوجات، لتحل بلدان آسيوية أخرى محل الصين في هذا المضمار، فيما باتت بكين تنتج سلعاً ذات قيمة مضافة عالية وترسلها إلى أماكن أخرى في جنوب شرقي آسيا حيث تجري عملية التجميع النهائية لها.
وأوضح الموقع أنه في الوقت ذاته تتراجع علاقة أوروبا الاقتصادية ببكين وسط تقارير عن أن بعض الشركات الأوروبية يعمل على نقل سلسلة توريداته إلى خارج الصين، مشيراً إلى استطلاع أجرته غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين وجد أن 11 في المئة من المشاركين قاموا بالفعل بنقل أصولهم من الصين، وأن نسبة ضئيلة بشكل قياسي من المشاركين يعتزمون التوسع في الصين العام المقبل، مع نسبة ضئيلة أيضاً لا يزالون يعتبرون الصين واحدة من وجهات الاستثمار الرئيسة لهم.
وكشف المقال عن أنه للمرة الأولى خلال عقدين من الزمن تجاوزت صادرت كوريا الجنوبية إلى الولايات المتحدة صادرات الصين، مرجعاً جانباً من ذلك إلى ازدياد واردات الولايات المتحدة من السيارات الكورية الجنوبية من جهة، وإلى تراجع صادرات كوريا الجنوبية من أشباه النواقل إلى الصين.
ونقل المقال عن تحليل لمعهد التمويل الدولي تأكيده أن «الصادرات الصينية إلى الاقتصادات المتقدمة تراجعت، ولكن بسبب تراجع الطلب الناجم عن الدورة الاقتصادية العالمية، مع عدم وجود دلالة قوية على تراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة المقيمة إلى الصين. ولكن التراجع كان ملموساً في تدفقات المحافظ الاستثمارية المقيمة، وذلك في دلالة على تفادي المخاطر في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا».
وخلص المقال إلى أنه من المرجح في السنوات المقبلة حدوث مزيد من التنوع في سلاسل التوريد مع تركيز على تقليص الانكشاف للصين، لكن هذا لا يعني نهاية دور الصين الهائل في الاقتصاد العالمي، منوهاً إلى أنه إذا كان هنالك انفصال فإنه لا يحدث في مجمل الاقتصاد، بل على مستوى صناعات معينة حسب ظروف كل صناعة.