بات من الملاحظ في الآونة الأخيرة ابتعاد عدد كبير من الشركات المعلنة عن التعاون مع مشاهير «السوشيال ميديا» أو مَنْ يُعرفون بالمؤثرين (Influencers) لأسباب مجهولة، ما يؤدي إلى استحضار أسئلة تحليلية، منها ما إذا كانت أسهمهم باتت في تراجع، لأسباب تعود إلى أن الجمهور (المتلقي) فقد الثقة بهم وبما يقدمونه من إعلانات، أم أنه قرار يخصّ الشركات المعلنة التي ربما فقدت الثقة بهم أيضاً، أو لأمور مادية تفوق ميزانية التسويق، وباتت ترى أنها تخسر الأموال التي تدفعها للإعلانات من دون الحصول على مردود مُرضٍ؟... أو أن هناك أسباباً أخرى نجهلها!

«الراي» طرقت باب الإجابة، في محاولة لكشف الدوافع في هذا الأمر، من أهل الاختصاص في علم الإدارة والتسويق، إلى جانب المعنيين بهذا الموضوع من المشاهير.

نهى نبيل: الأمر يعتمد على الهدف والمستهدف

- لا يُمكننا الاستغناء عن الصحافة الورقية أو التلفزيون مهما حصل

اعتبرت الـ «Influencer» نهى نبيل أن قوة تأثير المشاهير في ازدياد، لافتة إلى أنها تسلمت أخيراً «جائزة كأفضل صانعة محتوى في مجال الجمال على مستوى العالم من (Wiba Awards) ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي بحضور أكثر من 600 صانع محتوى من جميع دول العالم، وخلال مراسم التكريم تطرقنا في الحديث إلى مدى قوة تأثير مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي».

وأضافت «عن نفسي أتكلم، فجدولي مزدحم هذا العام بشكل كبير جداً ما بين فعاليات وتغطيات وإعلانات وأمور أخرى عديدة، لذلك لا أتوقع أن ضوء المؤثرين سوف يخفت قريباً، بل تأثيرهم يزداد يوماً بعد يوم، وهم النجوم اليوم».

وتابعت نبيل: «لا يُمكننا أن نستغني عن الصحافة الورقية أو التلفزيون مهما حصل، فأنا إنسانة سبق وعملت في الإعلام التقليدي، سواء في التلفزيون أو الصحافة والإذاعة، وكذلك في الإعلام الإلكتروني، وأؤكد أننا في النهاية جميعنا نكمل بعضنا البعض».

سارة إسحاق: خلل لدى بعض المؤثرين متعلّق في طريقة السلوك الشرائي

- المصداقية أمر مهم

أوضحت الـ «Influencer» سارة إسحاق سبب تراجع تعاون الشركات مع المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، لو تمت مقارنتها قبل سنة، بالقول: «نحن نعيش في عالم متغير، والمنافسة فيه شديدة مع وجود مستهلك وإستراتيجيات معيّنة وعروض ترويجية تسويقية، وهو أمر مستمر ودائم، الأمر الذي يصنع تفاعلاً مع المستهلك، وفي الوقت ذاته يؤثر على الـ (Influencer) نفسه، وعلى السوق بشكل عام».

وتابعت: «لكن كتوجه في مواقع التواصل الاجتماعي وهل جميع الـ(influencers) مؤثرين، فهذا يعتمد على جاذبية المصدر، وأيضاً عندما تكون هناك نية شرائية لدى المستهلك. إذ أشعر بوجود تأثير بسيط أو خلل – إن صحّ التعبير - لدى بعض المؤثرين متعلّق في طريقة السلوك الشرائي، كونهم لا يمتلكون وعياً كافياً به، أو لأنهم يأخذون عدداً كبيراً من الإعلانات في اليوم الواحد. فأساس البيع والشراء يعتمد على صورة تصورية أو ذهنية عن الشركة ذاتها ومنتجاتها، الأمر الذي سيجذب العميل. لذلك، المصداقية بالنسبة إليّ أمر مهم، والجاذبية والخبرة والثقة نفسها هي مفتاح نجاح المشهور، وفي النهاية يعتمد الأمر على قدراتهم في بناء علاقات مستمرة مع المستهلكين وبمستوى عال من الثقة».

فهد المحيسن: قلّة الإعلانات لأن الشركات لم تحصل على المتوقع

اعتبر الـ«nfluencer» فهد المحيسن أن «تراجع تعاون الشركات مع المؤثرين بات ملحوظاً، ويعود ذلك إلى أكثر من سبب، منها أن طريقة التسويق تختلف يوماً بعد يوم، إلى جانب وجود توجه إلى الـ(Life Style) أكثر مع عامة الناس وليس فقط مع المؤثرين، إذ أصبحوا يروجون بأنفسهم للمنتجات الجيدة».

وأضاف: «أصبحت هناك قلة في الإعلانات، ليس بسبب المؤثرين، بل السبب يعود إلى الشركات ذاتها التي ربما لم تحصل على المردود المالي المتوقع خلال فترة سنة من تخصيصها لميزانية التسويق، ما دفعها إلى تقليل التعاون مع المؤثرين».

سمر باقر: عدم توافر المقومات الأساسية سبب التراجع

رأت الأستاذ المساعد في قسم الإدارة والتسويق بكلية العلوم الإدارية في جامعة الكويت، الدكتورة سمر محمد باقر أن «التعاون مع المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي أمر طبيعي جداً، والذي يُعتبر نوعاً للتطور الخاص بعملية الإعلانات الخاصة بالشركات، إذ عادة عندما تكون الشركة جادة من الاستفادة من خدمات هذا المؤثر، حينها عليها اتباع الكثير من النقاط والتأكد منها، أولها أن المؤثر ليس فقط مجموعة من المتابعين (فولورز) من دون نسيان أنه شيء ضروري، لكن هناك أمور أخرى، منها أن يكون جمهور المؤثر من الفئة المستهدفة الخاصة بالشركة».

وأضافت «كذلك ما يدل على جدية الشركة واستيعابها لأهمية وجود المؤثرين، هو البحث عن المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي ممَنْ يكون لهم سمعة معينة ولديهم مصداقية في عملهم».

وتابعت باقر موضحة أسباب ابتعاد كثير من الشركات عن التعاون مع بعض المؤثرين في الآونة الأخيرة: «هذا الأمر يرجع إلى العديد من الأسباب، إذ إنه في حال عدم توافر المقومات الأساسية الثلاث السالف ذكرها، فمن الطبيعي أن نجد تراجعاً من الشركات عن التعاون مع المؤثر».

نادية الخالدي: السبب نضوج الشركات فكرياً

أرجعت الاستشارية النفسية والكاتبة الروائية الدكتورة نادية خالد الخالدي، سبب تراجع تعاون الشركات مع المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، إلى نضوج تلك الشركات فكرياً، مضيفة أنها «بدأت تعرف مسؤولياتها المجتمعية.

وأن عدد المتابعين قد يكون مهماً للدعاية، لكنه مدمر إذا كان ذلك المشهور قد يؤثر على فكر الشباب أو سلوكهم.

لذلك، أصبح التوجه نحو الجودة لا الكمّ، ونحو التأثير الإيجابي لا السلبي، حيث إن هناك مَنْ لهم بصمة وتأثير إيجابي من خلال الرقي بالسلوك والتصرفات، وهناك مَنْ هم ذوو التأثير السلبي. ومن هذا المنطلق أصبح الانتقاء واجباً بعد حصد نتائج العشوائية في الانتقاء على السلوك».