استطاعت حزمة من الشركات المدرجة في بورصة الكويت أن تتجاوز أزمة الخسائر المتراكة لديها لتبدأ مرحلة جديدة في إطار خطة متكاملة لإعادة هيكلة أوضاعها.

وفيما تختلف الشركات المدرجة المتعثرة مالياً أو التي أثقلتها الخسائر ما بين كيانات لا تزال الكرة في ملعبها وتحاول جاهدة الخروج من المأزق، تتمثل في الشركات التي فقدت ما بين 50 وأقل من 75 في المئة من رأس المال، وكيانات أخرى تعرضت لخسائر ضخمة أفقدتها توازنها ولم تعد مؤشرات عودتها واضحة حتى الآن، فإن قائمة النوع الأول من الشركات المتعثرة سجلت تراجعاً في أعدادها لتصل إلى 10 شركات موزعة على قطاعات بعينها في البورصة، فيما لا تزال الفرصة سانحة أمام بعضها لاستعادة متانتها مالياً في حال أعادت هيكلة أوضاعها بالشكل المطلوب.

حقوق المساهمين

وبالنظر إلى الشركات التي فقدت أكثر من 50 في المئة وأقل من 75 في المئة من رأسمالها، يتضح أن إجمالي خسائرها المتراكمة بلغ نحو 156 مليون دينار تشكل نحو 61.6 في المئة من إجمالي رؤوس أموالها مجتمعة والبالغ 253.4 مليون دينار.

ويبلغ إجمالي حقوق المساهمين لدى تلك الشركات العشر، ذات العلامة البرتقالية على موقع البورصة، نحو 139.7 مليون دينار، حيث تتراوح حقوق مساهميها بين 3 و37 مليوناً.

وفي حين تسعى غالبية تلك الشركات إلى إعادة هيكلة أوضاعها المالية، فإن بعض خسائرها يتمثل في الهبوط الواضح بقيمة محافظ مالية وأسهم وأصول تابعة بعيداً عن التنوع في الأصول والخطط الاستثمارية.

وقالت مصادر استثمارية لـ«الراي»: «هناك شركات لديها إمكانات واحتياطيات اختيارية وإجبارية إلى جانب علاوات إصدار كفيلة بإخراجها من دائرة الخسائر المتراكمة حال سلكت طريق الإطفاء الذي يستوجب موافقة جمعياتها العمومية، إلا أن شركات أخرى لم يعد لديها أي احتياطيات أو إمكانات مالية لإنجاز الهيكلة المطلوبة باستثناء رفع رأس المال ثم خفضه، ما سيثقل كاهل تلك الشركات ومساهميها بإشكاليات مختلفة».

وأضافت المصادر أن شركات تشغيلية تواصل نشاطها المعتاد في السوق رغم خسائرها المتراكمة، ما يعني إمكانية استعادة رأسمالها تدريجياً، إلا أن الأمر قد يحتاج لمزيد من الوقت، فيما أشارت إلى أن أكثر من شركة لم تعد لديها احتياطيات بل إن بنوداً رئيسية بميزانيتها باتت (سالبة)، ما يشكّل هاجساً ليس لمساهميها فقط، وإنما للمتداولين في البورصة عموماً.

وأوضحت أن شركة نقل وتجارة المواشي على سبيل المثال باعتبارها ضمن الكيانات التي سجلت خسائر تفوق 50 في المئة بقليل وفقاً لموقع البورصة، تمثل نموذجاً مليئاً قادراً على العودة مالياً من جديد لتعدد الخيارات، فهي شركة تشغيلية تحقق عوائد جيدة، إلى جانب توافر احتياطيات تمثل ضعف الخسائر المتراكمة لديها، إذ تحظى الشركة باحتياطيات وعلاوة إصدار تفوق 21 مليون دينار.

شركات مهدّدة

ورغم محاولة شركات ضمن القائمة الابتعاد عن الدخول ضمن الكيانات الخاسرة لـ75 في المئة وأكثر من رأسمالها، إلا أنها ما زالت مُهددة بذلك، إن لم تتخذ إجراءات صريحة لمعالجة أوضاعها المالية، لاسيما وأن منها من فقد نحو 70 في المئة من رأس المال ما يضعها بمنطقة الخطر.

وقالت المصادر: «الشركات التي تمتلك أصولاً وموجودات مختلفة وتعمل وفق نموذج أعمال مستقر لا خوف عليها، لكن هناك شركات لا تتبع نموذجاً استثمارياً آمناً وتعتمد فقط على ملكيات بشركات ورقية ستكون أمام تحديات جسيمة»، مبينة أن ضخامة رأسمال شركة مقارنة بالاحتياطيات الضعيفة وما تتضمنه الميزانية من معطيات مالية متواضعة تستوجب المواجهة واتباع إستراتيجية واضحة للخروج من المأزق دون الاعتماد على الصدفة.

ونوهت إلى أن «هيئة الأسواق» تتابع أوضاع الشركات المدرجة، سواءً ذات الأوضاع المستقرة أو المتعثرة من خلال ميزانياتها السنوية والفصلية للوقوف على مدى متانة قطاعات السوق.

يذكر أن الشركات العشر التي تتراوح خسائرها بين 50 وأقل من 75 في المئة مدرجة بالسوق الرئيسي وموزعة على قطاعات العقار والخدمات المالية والسلع الاستهلاكية والتأمين، فيما تتداول أسهم 8 منها تحت سقف نصف القيمة الاسمية، بل يتداول بعضها بأقل من ربع القيمة، في حين تتداول اثنتان بين 80 و100 فلس.

أما الكيانات ذات العلامة الحمراء، والتي تبلغ خسائرها أكثر من 75 في المئة من رأس المال، فتندرج تحت مظلتها 3 شركات، شركتان صناعيتان وثالثة مدرجة بقطاع الرعاية الصحية.

إجراءات متبعة

هناك إجراءات مهمة تتبعها الجهات المعنية مع الشركات التي تسجل خسائر أقل من 75 في المئة من رأسمالها سبق التنبيه عليها في شأنها، منها الإعلان للجمهور فوراً ودون تأخير عند بلوغ خسائرها المتراكمة 50 في المئة فأكثر وبما لا يتجاوز 75 في المئة من رأسمالها، على أن يتضمن الإعلان مقدار الخسائر المتراكمة ونسبتها من رأس المال والأسباب الرئيسة التي أدت إلى بلوغ هذه الخسائر، مع الإشارة في الإعلان إلى أنه سيتم تطبيق هذه الإجراءات والتعليمات عليها.

وحسب الضوابط يجب على الشركة الإعلان في نهاية كل شهر (وفقاً للتقويم المعتمد في احتساب سنتها المالية) عن قوائمها المالية المعدة من قبل إدارة الشركة وبما لا يتجاوز مدة العشرة أيام التالية لنهاية كل شهر.

وهناك إجراء آخر يجب اتباعه يتثمل بالإعلان فوراً ودون تأخير عند تعديل الشركة أوضاعها بخفض خسائرها المتراكمة عن 50 في المئة من رأسمالها، على أن يتضمن الإعلان الإجراءات التي اتخذتها الشركة لتعديل الأوضاع، ويُرفق بالإعلان تقرير يوضح مركز الشركة المالي بعد تعديل أوضاعها.