قصفت اوكرانيا، أمس، جسراً يربط بين شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو، ومنطقة في جنوب أوكرانيا تحتلها القوات الروسية جزئياً، في الوقت الذي تؤكد فيه موسكو أن هجوم كييف المضاد يراوح مكانه.

من جهة ثانية، اتّهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، روسيا بالتحضير لهجوم «إرهابي» لإحداث تسرب إشعاعي في محطة زابوريجيا النووية التي احتلتها قوات موسكو واستُهدفت مرات عدة، فيما أعلن الكرملين ان ذلك «كذبة».

وقال زيلينسكي عبر «تلغرام»، أمس، «حصلت استخباراتنا على معلومات تفيد بأن روسيا تدرس سيناريو هجوم إرهابي على محطة زابوريجيا مع تسريب إشعاعات».

وفي موسكو، قال الناطق ديمتري بيسكوف لصحافيين «هذه كذبة أخرى. أجرينا لقاءات للتو مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الموقع. رأوا كل شيء، كل ما أرادوا رؤيته».

جسر تشونغار

إلى ذلك، تأتي الضربة التي أبلغت عنها السلطات الروسية، فيما تنفذ القوات الأوكرانية عمليات هجومية منذ مطلع يونيو الجاري على الكثير من الجبهات، خصوصاً في الجنوب.

وتشكّل شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في العام 2014 قاعدة خلفية لوجستية للقوات الروسية المنتشرة في جنوب أوكرانيا، خصوصاً لإرسال تعزيزات وصيانة معدات.

وتعد الجسور القليلة التي تربط شبه الجزيرة بجنوب أوكرانيا المحتل، ضرورية لتنفيذ هذه العمليات.

وقال الحاكم الروسي للقرم سيرغي أكسيونوف، امس، «خلال الليل أصابت ضربة جسر تشونغار ولم تسفر عن سقوط ضحايا».

ويقع جسر تشونغار، الذي يطلق عليه «بوابة القرم»، على الطريق المباشر بين شبه الجزيرة وميليتوبول، إحدى أكبر المدن التي استولى عليها الروس في جنوب أوكرانيا، كجزء من غزوهم.

وفي حين تحدّث أكسيونوف عن تضرر جسر واحد، أشار مسؤول روسي في خيرسون إلى تضرر الكثير من المنشآت.

وأوضح فلاديمير سالدو، الذي عيّنته موسكو على رأس المناطق المحتلة في خيرسون، أن قوات كييف «قصفت منشآت مدنية: جسور عند الحدود الإدارية بين منطقة خيرسون وشبه جزيرة القرم قرب تشونغار».

ونشر صوراً تظهر الجسر نفسه وفيه حفرة، وأكد أنه وفقاً «للتقديرات الأولية» استخدمت قوات كييف صواريخ من طراز «ستورم شادو» البريطانية.

وتعذر التحقق بشكل مستقل من هذه التصريحات.

وأشار إلى أن القوات الأوكرانية «تسعى لترهيب سكان خيرسون، لنشر الذعر بين السكان»، مؤكّدا أنه سيتم إصلاح الجسر خلال «أيام قليلة».

وتستهدف شبه جزيرة القرم بشكل منتظم بهجمات اوكرانية خصوصا بطائرات من دون طيار.

في أكتوبر 2022، أدى انفجار قوي إلى إلحاق أضرار جسيمة بالجسر الوحيد الذي يربط مباشرة شبه جزيرة القرم بروسيا.

واعتبر عضو الإدارة الأوكرانية في خيرسون يوري سوبوليفسكي، أن الأضرار التي لحقت بجسر تشونغار كانت «جسيمة» لأنها «ضربة موجهة للبنى التحتية العسكرية الروسية» وسيكون لها أيضا «تأثير نفسي».

«إعادة تجميع» أوكرانية

في غضون ذلك، تواصل روسيا التأكيد أن الهجوم المضاد الأوكراني يفشل.

وأوضح وزير الدفاع سيرغي شويغو في تصريحات نقلتها وكالات أنباء روسية «بعد شنّه أعمالا عدائية نشطة خلال الأيام الـ16 الماضية وتكّبده خسائر كبيرة، قلّص العدو نشاطه وهو يعيد تجميع صفوفه حالياً».

واعتبر الرئيس فلاديمير بوتين، أن «الإمكانات الهجومية للعدو لم تُستنفد» مشيراً إلى «الاحتياطي الاستراتيجي» الذي لم تستخدمه كييف بعد. وطلب من الجيش الروسي «أخذ هذه الحقيقة في الاعتبار».

من جانبه، قال سكرتير مجلس الأمن نيكولاي باتروشيف، إن القوات الروسية تمكنت من القضاء على 13 ألف جندي أوكراني بين 4 يونيو و21 منه، وتدمير 246 دبابة.

من جهتها، تؤكد أوكرانيا انها تتقدم ببطء لكن بثبات، واستولت على ثماني مناطق محلية منذ مطلع يونيو.

وحذر رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال، أمس، من أن الهجوم المضاد «سيستغرق وقتاً» لان كييف تسعى إلى القيام بأعمال «ذكية». ومع ذلك قال إنه «متفائل».

وكان زيلينسكي اعترف الاربعاء، بأن التقدم في ساحة المعركة «أبطأ مما كنا نرغب».

ويقدّر المحللون أن كييف تختبر الدفاعات الروسية قبل أن تدفع الجزء الأكبر من قواتها إلى المعركة.

بلدة مدمرة بالكامل

في ستوروجيف، البلدة التي استعادتها قوات كييف أخيراً في الشرق، كانت الاضرار واضحة في كل مكان: لا أثر لوجود مدنيين ومنازل مهدمة الأسقف وجدران تحمل آثار الرصاص.

ويعرض الجنود الأوكرانيون بفخر ما استولوا عليه من سترات واقية من الرصاص أو خوذ على أصوات تبادل القصف المدفعي بين الجانبين.

ويقول فالنتان، الذي شارك في القتال لاستعادة ستوروجيف «نحن في ديارنا»، معرباً عن أمله في أن يؤدي الهجوم المضاد إلى صد الروس وأن يشتري «المثلجات في الساحة الحمراء» في موسكو، بالعملة الأوكرانية.