أكد اختصاصي أول جراحة زراعة الأعضاء وجراحة الكلي والمسالك البولية في مركز حامد العيسى، والمستشفى الأميري الدكتور طلال القعود، أن «توافر المتبرع أبرز التحديات التي تواجه برنامج زراعة البنكرياس وغيره من البرامج»، مشيراً إلى أن زراعة البنكرياس تكون للمصابين بمضاعفات السكري الخطيرة، على الرغم من علاجهم بالإنسولين.

وقال القعود، في حوار مع «الراي»، إن «الكويت تعد من بين نسب التبرع الأعلى في المنطقة، قياساً إلى عدد السكان، بيد أن أعداد المتبرعين لا تزال ضيئلة، قياساً بعدد المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة إعضاء».

وطمأن إلى أن «الشابة الكويتية التي أجرى لها زراعة بنكرياس أخيراً، تتمتع بصحة جيدة على مستوى البنكرياس أو الكلية التي تمت زراعتها لها في ديسمبر عام 2021، وتمارس حياتها بشكل طبيعي».

وأشار الدكتور طلال، الذي حقق العديد من النجاحات الطبية في مجال زراعة الكلى المعقدة والنادرة، إلى عدد من عمليات الزراعة، مبيناً أن «التحضير لإجراء عمليات جديدة يتم بشكل متواصل، حيث يخضع المرضى لسلسلة من الإجراءات والفحوصات».

وأوضح أن «نحو 85 في المئة من مرضى زراعة البنكرياس، تجرى لهم زراعة كلى من المتبرع نفسه في ذات الوقت، لكن في حالات أخرى قد تتم زراعة الكلى أولاً، ومن ثم زراعة البنكرياس لاحقاً، وحسب ظروف كل حالة».

وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

• عاد برنامج زراعة البنكرياس، بعد توقف لسنوات، فما أبرز التحديات التي تواجه برامج زراعة الأعضاء؟

-نعم، برنامج زراعة البنكرياس كان قد توقف منذ سنوات بسبب بعض التحديات، إذ يعد توفير المتبرع أبرز التحديات التي تواجه البرنامج وغيره من برامج زراعة الأعضاء.

ورغم أن الكويت تعد من بين نسب التبرع الأعلى في المنطقة، قياساً بعدد السكان، فإن أعداد المتبرعين

لا تزال ضئيلة نسبة إلى المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة إعضاء.

• متى يتم اللجوء الى زراعة البنكرياس؟

- زراعة البنكرياس عادة مخصصة للمصابين بمضاعفات خطيرة بسبب داء السكري، بالرغم من العلاج بالإنسولين، الذى لا يمكن علاجه بالوسائل التقليدية أو السيطرة على مستوى السكر في الدم، ما يؤدي الى ضرر حاد للكلى. فغالبا ما تجرى عملية زراعة البنكرياس بالتزامن مع عملية زراعة الكلى.

• أمام تزايد أعداد المصابين بمرض السكر، هل تبرز الحاجة لضرورة تعزيز التوعية بأهمية التبرع بالأعضاء إنقاذاً للأرواح؟

-لا يسعني في هذا المقام سوى تذكر قوله تعالى «مَن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا» وكما ذكرت فإن أعداد المتبرعين لا تزال ضئيلة قياساً بمن بحاجة لزراعة الأعضاء.

وفي هذا الصدد لا يفوتني أن أثمن جهود الجمعية الكويتية للتبرع بالأعضاء، ودورها بتعزيز الوعي وتشجيع الناس على حمل بطاقات التبرع بالأعضاء بعد الوفاة.

كما نجدد الدعوة إلى أهمية التبرع لأن في ذلك رفع لمعاناة حالات مرضية وهي أسمى معاني الإنسانية والرحمة.

• هل زراعة البنكرياس يمكن أن تتم عبر التبرع من شخص حي؟

- نعم يمكن أن تتم من خلال متبرع حي، لكن ذلك نادر جداً. فعلى مستوى العالم لا يتجاوز عدد عمليات زراعة البنكرياس من متبرع 4 الى 6 حالات سنوياً. وعليه فهذا الإجراء نادر الحدوث.

• زراعة البنكرياس وزراعة الكلية هل يحدثان في الوقت نفسه؟

- نحو 85 في المئة من مرضى زراعة البنكرياس تجرى لهم زراعة كلى من نفس المتبرع في ذات الوقت، لكن في حالات أخرى قد تتم زراعة الكلى أولاً، ومن ثم زراعة البنكرياس لاحقا، ولكل حالة ظروفها.

• أجريتم عمليات نادرة ومعقدة لزراعة الكلى، فهل يمكن تسليط الضوء على بعض منها؟

- نعم ذلك صحيح. ودعني أشير الى بعض أبرز الحالات التي تمت أخيراً، ومنها عملية زراعة كلى مع ترميم للمسالك البولية، وهي عملية نادرة جداً لمريض عمره 29 سنة، كان يعاني من فشل كلوي منذ الطفولة بسبب عيب خلقي في المثانة البولية، حيث كان يتردد على الغسيل الكلوي منذ نحو 20 سنة، ما تسبّب له بكثير من المضاعفات، أبرزها وجود تجلطات وضمور في الأوردة ناتجة عن استخدام قساطر الغسيل الدموية، ما جعل طريقة الزراعة التقليدية في الحوض مستحيلة.

وعليه تمت زراعة الكلية أعلى الوريد الأجوف والشريان الأورطي، وتحويل مسار حالب الكلية المزروعة إلى الأمعاء، فيما يعرف بـ (simultaneous kidney transplant and ileal conduit)، ويعتبر هذا النوع من العمليات نادر جداً، كما أن الخبرات الطبية لإجراء هذا النوع من الزراعة والترميم، محدودة في كل مراكز العالم، ما يجعل هذا نجاحاً لمركز حامد العيسى والكويت.

عمليات زراعة معقدة

تطرق الدكتور طلال القعود في حديثه عن عمليات الزراعة المعقدة، وقال «قد لا يتسع المجال هنا للحديث عن كل حالة بالتفاصيل، لكن أجريت عدة عمليات زراعة كلية معقدة، منها عدة زراعات كلى مع تعدد الشرايين، وزراعة كلية بعد استئصال ورم كلوي في الكلية المزروعة، وزراعة الكلى لمرضى بعد ترميم معقد للمسالك البولية، وعدة زراعات للأطفال وغيرها من الحالات.

وفي هذا الصدد دعني أثمن جهود زملائي في الفريق الطبي في مركز حامد العيسي لزراعة الأعضاء، الدكتورة سجى سرور، والدكتور محمد زين، والدكتور محمد رسلان، وكل الفريق الطبي المعاون».

تحضير متواصل لعمليات جديدة

أوضح الدكتور طلال أن «التحضير لعمليات زراعة جديدة يتم بشكل متواصل، حيث يتأكد الفريق الطبي من سلسلة الإجراءات والفحوصات التي تجرى للمرضى، وصولاً إلى تحديد موعد الزراعة، حيث يتم تقييم الحالات وفقاً لمعايير طبية دقيقة، حيث يعد طب زراعة الأعضاء من أكثر مجالات الطب الحديث صعوبة وتعقيداً».

نتائج طويلة المدى

أكد الدكتور القعود أن «التركيز على معالجة المشكلات الصحية المزمنة، كالسكري أو الضغط أو السمنة، أمر مهم في الحصول على نتائج طويلة المدى لمتلقي زراعة الكلى، حيث يؤثر ذلك على عمر الكلى المزروعة».

حالة زراعة البنكرياس... جيّدة

طمأن الدكتور طلال إلى أن «الحالة التي أجريت لها زراعة البنكرياس أخيراً، تمارس حياتها بشكل طبيعي، من دون الحاجة إلى الإنسولين وتتمتع بصحة جيدة، سواء على مستوى البنكرياس أو الكلية التي تم زراعتها لها في ديسمبر عام 2021».