زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، منطقة خيرسون التي تجتاحها منذ الثلاثاء فيضانات جراء تدمير سد كاخوفكا، بينما غمرت المياه نحو 600 كيلومتر مربع من المنطقة الواقعة في جنوب أوكرانيا.

وبينما أعلنت القيادة العسكرية الجنوبية الأوكرانية، أن انهيار السد دفع القوات الروسية إلى التراجع بين 5 و12 كيلومتراً، مشيرة إلى أن الفيضانات خفّضت القصف الروسي إلى النصف، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» أن الهجوم الأوكراني «بدأ بالفعل».

ونقلت الصحيفة عن 4 مصادر عسكرية أوكرانية، أن قوات كييف كثّفت هجماتها على خط المواجهة جنوب شرقي البلاد، إيذاناً ببدء الهجوم المضاد.

وذكرت أن العسكريين الأربعة، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، لأنهم غير مخولين بمناقشة التطورات في ساحة المعركة علناً.

واعتبرت «واشنطن بوست» أن بدء الهجوم المضاد يفتح مرحلة جديدة في الحرب المستعرة منذ فبراير 2022، تهدف إلى استعادة أوكرانيا للمناطق التي استولت عليها روسيا، والاحتفاظ بالدعم الغربي المادي والعسكري.

من جانبها، ذكرت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، أمس، أن الجيش الروسي لم يكن مستعداً لعواقب تفجير السد.

وأضافت أن التفجير، أدى إلى مقتل وجرح وفقدان عدد من أفراد وحدات فرقة الهجوم المحمولة جواً والفيلق 22 الروسي.

في المقابل، أعلنت روسيا، أمس، صدّ هجوم للقوات الأوكرانية شارك فيه 1500 جندي في منطقة زابوريجيا الواقعة جنوباً، بعد معركة استمرت ساعتين.

وقال وزير الدفاع سيرغي شويغو «عند الساعة 1.30 صباحا (22.30 ت غ) في منطقة زابوريجيا... جرت محاولة لاختراق دفاعاتنا»، مضيفاً «تم وقف العدو وتراجع بعد خسائر فادحة، بلغت 30 دابة و350 مُسلحاً».

كما أشار إلى أنّ القوات الأوكرانية استخدمت في هجومها 150 عربة مدرّعة.

تداعيات تفجير سد كاخوفكا

إنسانياً، دُمّر السد الثلاثاء ما أرغم آلاف الأشخاص على الفرار من منازلهم بعد أن تدفقت المياه وفاض نهر دنيبرو ليغمر عشرات القرى وأجزاء من العاصمة الإقليمية خيرسون، مع تحذيرات من كوارث لاحقة.

وأكدت السلطات الأوكرانية أن 30 من الأحياء السكنية غرقت بالمياه، 10 منها تقع في مناطق تسيطر عليها روسيا في الضفة الشرقية لنهر دنيبرو.

ويخضع 68 في المئة من المناطق التي غمرتها المياه للسيطرة الروسية، وفق الحاكم أولكسندر بروكودين. أضاف أن «متوسط منسوب المياه» في منطقة خيرسون صباح امس، بلغ 5.61 متر.

وذكرت الإدارة المدعومة من موسكو في نوفا كاخوفكا، حيث يقع السد، على مواقع التواصل الاجتماعي «قضى خمسة أشخاص نتيجة كارثة محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية. ونقل 41 شخصاً إلى المستشفيات».

ولم تُعلن أوكرانيا عن خسائر بشرية محددة وإن تحدث زيلينسكي عن «مقتل أشخاص ونفوق حيوانات» في الكارثة.

ونشر زيلينسكي مقاطع فيديو تظهر لقاءه مسؤولين محليين في منطقة خيرسون، وتسجيلاً آخر يظهر إجلاء سكان على نقطة عبور.

وارتفع منسوب المياه أيضاً بنحو متر في مدينة ميكولاييف بالمنطقة المحاذية، وفق رئيس البلدية أولكسندر سيينكيفيتش.

وأعلنت أوكرانيا وروسيا عن إجلاء أكثر من 6000 شخص في المجموع، فيما بادر كثيرون آخرون للفرار بأنفسهم.

ووجّه زيلينسكي انتقادات على وجه الخصوص للأمم المتحدة والصليب الأحمر خلال مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية وعبر عن «صدمته» لـ «عدم تواجدهما في المكان».

وتتهم أوكرانيا روسيا التي تسيطر قواتها على منطقة السد، بنسف السد، بينما تتهم روسيا أوكرانيا بقصفه بالمدفعية.

ورجحت الشركة المشغّلة «أوكرهيدروإنرجو» (الهيئة الأوكرانية المشغلة لمحطات الطاقة الكهرومائية) أن يكون جرى تلغيم السد من الداخل. وأضافت أن السد المبني في الحقبة السوفياتية «صُمم وبُني ليتحمل ضربة نووية من الخارج».

وحذرت أجهزة الطوارئ من أن مياه الفيضانات جرفت ألغاماً أرضية ما يُمثل خطراً على المدنيين.

ودخل رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو على خط الاتهامات، بقوله إن أوكرانيا فجّرت محطة كاخوفكا الكهرومائية للتستر على خسائرها خلال محاولتها تنفيذ الهجوم المضاد على القوات الروسية.

وكان سد كاخموفكا يؤمن مياه التبريد لمنشأة زابوريجيا النووية، أكبر المنشآت في أوروبا، الخاضعة للسيطرة الروسية.

ونفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود «أيّ خطر في المدى القريب» للمنشأة.

وتراجع مستوى خزان السد بمقدار المتر مع تدفق المياه.

من ناحية ثانية، حذّر الكرملين، أمس، من أن الانفجار الذي لحق بخط أنابيب رئيسي للأمونيا سيكون له تأثير «سلبي» على محادثات تجديد اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عن طريق البحر الأسود.

وكانت روسيا تطالب باستئناف تشغيل خط الأنابيب المعطل منذ فبراير 2022 في سياق المفاوضات مع الأمم المتحدة في شأن تمديد الاتفاقية التي أتاحت تصدير ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية.

وحملت موسكو، «مجموعة تخريبية أوكرانية» مسؤولية تفجير خط أنابيب الأمونيا الرابط بين مدينة تولياتي الروسية ومدينة أوديسا الأوكرانية.