غداة «خرق» العسكر في السودان مساء الثلاثاء، هدنة «هشة» لم يلتزم بها طرفا النزاع لمدة 24 ساعة، أعلنت قوات الدعم السريع قبول هدنة جديدة، في وقت اتخذ الصراع بعداً أكثر خطورة مع احتدام القتال في الخرطوم وتعرض موظفين ومقار بعثات دولية عدة لإطلاق نار، وكان أخرها موكب للسفارة الأميركية.

وتبادل الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي الاتهامات بـ«خرق» الهدنة الأولى.

وأعلن الجيش في بيان، أن قواته تواصل لليوم الخامس على التوالي التصدي لهجوم جديد على محيط القيادة العامة، موضحاً أنه «كان من السهولة التعامل بضرب تجمعات المتمردين بالقوات الجوية داخل تمركزاتها في وسط الخرطوم، والقضاء على التمرد في ساعات، لكن لا يمكن للقوات المسلحة أن تسلك هذا المسلك وتضع حياة الناس على المحك وهذا هو الفرق بين الجيوش الوطنية والميليشيات».

وبعدما فرض الجيش أول من أمس، سيطرته بالكامل على قاعدة مروي الجوية، حيث اعتقل قائد قوات الدعم السريع هناك، دارت أمس معارك عنيفة بمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في محيط المقار الحيوية في الخرطوم، لا سيما مقرات الجيش والمطار الدولي.

واتهم الفريق أول شمس الدين كباشي دولتين مجاورتين لم يسمهما بمحاولة تقديم مساعدات لقوات حميدتي، مضيفاً «متابعتنا لمعلومات دقيقة بفصول عملية التآمر ومؤشرات قوية بتورط أطراف إقليمية ومحلية نفصح عنها في الوقت المناسب».

في المقابل، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بتحريك قوات عسكرية ومجموعات مسلحة من مختلف المدن إلى الخرطوم.

وأضافت أن الجيش يواصل عمليات قصف بالطائرات استهدفت تجمعات سكنية، متهمة الجيش بكسر الهدنة الأولى المعلنة والاستمرار في شن هجمات.

وأعلنت قوات حميدتي في بيان منفصل، أمس، الموافقة على هدنة جديدة لمدة 24 ساعة تبدأ من الساعة السادسة من مساء أمس حتى السادسة من مساء اليوم بالتوقيت المحلي، مؤكدة التزامها التام بوقف كامل لإطلاق النار ونأمل أن يلتزم الطرف الآخر بالهدنة حسب التوقيت المعلن».

وفر آلاف المدنيين من الخرطوم تحت القصف إلى ولايات السودان الأخرى الأكثر أمناً، فيما خلف القتال المستمر لليوم الخامس على التوالي بين قوات الدعم السريع والجيش النظامي نحو 200 قتيل و2600 إصابة.

وأعلنت نقابة الأطباء خروج 39 مستشفى عن الخدمة في الخرطوم والولايات التي تشهد اشتباكات، فيما أفادت وزارة الصحة بأن المرافق الصحية تواجه انهياراً كاملاً.

وفي مؤشر على انزلاق السودان نحو الفوضى الشاملة، كشف وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، مساء الثلاثاء عن تعرض موكب تابع للسفارة الأميركية لإطلاق نار في السودان، مندداً «بالعمليات العسكرية العشوائية».

ولفت إلى أن التقارير الأولية تربط المهاجمين بقوات الدعم السريع، مؤكداً أن الحادث لم يسفر عن وقوع إصابات بين أفراد البعثة.

وفيما طالبت باريس طرفا الصراع في السودان مسؤولان عن حماية المدنيين والديبلوماسيين، داعية إلى «وقف القتال فوراً»، أعلن الجيش الألماني أن مهمة إجلاء نحو 150 مواطناً من السودان توقفت أمس.

وفيما يتأجج الصرع بين العسكر، أثار الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، جدلاً بتغريدة عن مصر ودول عربية قد تتعارض مصالحها في السودان.

وقال موسى إن «دور مصر في تجنيب السودان نتائج الأحداث الجارية يجب أن يكون أساسياً وصريحاً، الصراحة مهمة مع إخواننا ومع غيرهم ممن نشطوا في موضوع السودان دائماً أو بالذات أخيراً. بعض المصالح العربية قد تتعارض مع المصالح المصرية الأكثر عمقا في السودان، وكذلك الحال في أفريقيا، هنا يتوقع من مصر وقفة صريحة وجريئة إذ ان مصالحنا الحيوية في تلك المنطقة بأسرها أصبحت مهددة وعلى المحك. احتمال استغلال إثيوبيا للوضع يفاقم مشكلة السد بالنسبة لنا».