تواصل حوار الرصاص بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أمس، لليوم الثاني على التوالي، ما يؤشر إلى أن الجانبين غير مستعدين لإنهاء الأعمال العدائية على الرغم من تصاعد الضغوط الديبلوماسية العربية والغربية لوقف إطلاق النار، خصوصاً بعد سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين والعسكريين.

وشن الجيش ضربات جوية على معسكر لقوات الدعم السريع شبه العسكرية قرب الخرطوم في محاولة لاستعادة السيطرة على البلاد. وتسببت الاشتباكات في مقتل نحو 56 وإصابة 595 بينهم عسكريين، وأدت لسقوط 3 موظفين في برنامج الأغذية العالمي، الذي أعلن إثر ذلك تعليق موقت لعملياته في السودان.

وقالت مصادر مطلعة إن من أبرز القتلى العسكريين منذ السبت وحتى أمس، «قائد قطاع شمال دارفور في الدعم السريع، وقائد قطاع غرب دارفور في الدعم السريع، وقائد قوة القيادة العامة للجيش وقائد قاعدة الجيش في جبل أولياء».

وفي سياق البيانات المتبادلة والحرب النفسية بين العسكر، أعلن الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، أمس، سيطرة قواته على قواعد ومقار قوات الدعم السريع بقيادة عبدالحميد دقلو الشهير بـ«حميدتي» في سبع ولايات.

وذكر الجيش في بيان، «أن القوات سيطرت على قواعد ومقرات الدعم السريع في بورتسودان وكسلا والقضارف والدمازين وكوستي وكادوقلي»، مضيفاً «أن أفراد قوات الدعم فروا من تلك المواقع، تاركين كل عتادهم ومركباتهم».

وأعلن في بيان منفصل، عن فرض سيطرته على أكبر قاعدة لقوات حمديتي في كرري (جبل سركاب) في أم درمان.

وأشار إلى أن الفرقة الرابعة مشاة (الدمازين) التابعة للجيش، استلمت 35 عربة حربية من قوات الدعم السريع المتمردة بكامل أسلحتها وعتادها.

ونفى الجيش سيطرة قوات حميدتي على أي مقر من مقرات القيادة العامة، مضيفاً «لا صحة لادعاء الميليشيا المتمردة استيلاءها أو مجرد اقترابها من أي من مقرات القيادة العامة».

ومساء السبت، أصدر البرهان، قراراً بإنهاء نقل وانتداب وإلحاق جميع ضباط القوات المسلحة العاملين في قوات الدعم السريع وتبليغهم فوراً إلى أقرب وحدات عسكرية في الخرطوم والولايات.

وأكدت رئاسة الأركان أنها لن تخوض أي مفاوضات قبل حل «ميليشيات حميدتي المتمردة».

بدورها، دعت قوى «الحرية والتغيير»، أمس، قيادتي الجيش وقوات الدعم السريع لوقف المواجهات العسكرية فوراً والعودة لطاولات التفاوض.

وأكدت أن «القضايا العالقة لا يمكن حلها حرباً، والخيار الأفضل لبلادنا هو معالجتها سلماً عبر الحلول السياسية»، متهمة «فلول نظام المؤتمر الوطني» بإشعال فتيل الأزمة والتعبئة للحرب.

وفي الخرطوم، قال السفير الروسي أندريه تشيرنوفول، إن الجيش السوداني أعلن، أنه لن تكون هناك مفاوضات مع «المتمردين»، ودعا الجميع للانضمام إلى صفوفه.

القاهرة وجوبا تعرضان الوساطة لحل الأزمة

حراك دولي - عربي لوقف إطلاق النار

في إطار الجهود الدولية والعربية لاحتواء الأزمة بين العسكر في السودان، دعا مجلس الأمن الدولي، أمس، أطراف النزاع إلى «وقف فوري لإطلاق النار».

وطالب المجلس في بيان، «الأطراف بوقف الأعمال القتالية على الفور وإعادة الهدوء والعودة إلى الحوار لحل الأزمة الحالية في السودان».

وأعرب أعضاء المجلس عن أسفهم لمقتل وإصابة أشخاص بمن فيهم مدنيون.

وفي القاهرة، عقد مجلس الجامعة العربية اجتماعاً طارئاَ على مستوى المندوبين الدائمين بناء على الدعوة التي قامت بها كل مصر والسعودية لبحث الوضع في السودان.

وطالب مجلس الجامعة بـ»ضرورة الوقف الفوري لكل الاشتباكات المسلحة في السودان، حقناً للدماء وحفاظاً على أمن وسلامة المدنيين ومقدرات الشعب السوداني ووحدة أراضي السودان وسيادته».

وحذر المجلس في بيان ختامي «من خطورة التصعيد العنيف الذي تشهده السودان، وما يصاحب ذلك من تداعيات خطيرة يصعب تحديد نطاقها داخلياً وإقليميا»

وفي السياق، عرضت القاهرة وجوبا، أمس، الوساطة بين العسكر في السودان. ودعا الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الجنوب سوداني سلفا كير ميارديت في اتصال هاتفي طرفي النزاع إلى «تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي».ومساء السبت، أعرب السيسي في اتصال هاتفي تلقاه من سكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن قلق مصر من تطورات الموقف في السودان.

بدوره، أبلغ نظيره وزير الخارجية المصرية سامح شكري نظيره السوداني علي الصادق في اتصال هاتفي قلق مصر البالغ من استمرار المواجهات المسلحة الحالية.

وعشية الاجتماع الطارئ في القاهرة، أكد وزراء خارجية السعودية والإمارات والولايات المتحدة، على «أهمية وقف التصعيد العسكري والعودة إلى الاتفاق الإطاري ما يضمن أمن واستقرار السودان وشعبه الشقيق».

جاء ذلك، في اتصال هاتفي بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله ونظيره الإماراتي الشيخ ‏عبدالله بن زايد آل نهيان، وأيضاً مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.

تحركات لتأمين القوة المصرية في مروي

أعلن الجيش المصري أنه يتابع عن كثب الأحداث الجارية في السودان، مشيراً إلى أنه «جارٍ التنسيق لضمان تأمين القوات المصرية المتواجدة هناك (في قاعدة مروي) ضمن مهمات التدريب المشتركة».

وذكر الجيش في بيان مساء السبت، «تهيب القوات المسلحة المصرية الحفاظ على أمن وسلامة القوات المصرية»، وذلك بعد أن تم تداول مقطع فيديو لجنود مصريين في مدينة مروي.

وقالت مصادر مصرية لـ «الراي»، إنه تجري مشاورات «رفيعة المستوى»، من أجل تأمين إجلاء العناصر العسكرية المصرية بأمان وفي أقرب وقت، وهي متواجدة في قاعدة عسكرية سودانية لحضور «تدريب مشترك» وفي أقرب وقت.

من جهته، قال قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو: «نتعامل مع الجنود المصريين كإخوة، ونعمل على إخلائهم سريعاً، وملتزمون بأمن وسلامة العسكريين المصريين».

وذكر المكتب الإعلامي لقوات الدعم السريع، في بيان، «رسالتنا لإخواننا المصريين، أولادكم في الحفظ والصون، والكتيبة المصرية، لا تعتبر عدواً».