اعتادت كثير من الدول الإسلامية في شهر رمضان على تقديم طعام الإفطار على موائد مفتوحة في أماكن عامة، يجلس عليها كل عابر، قريب أو بعيد؛ ومن أهل الخير من يبادر بإخراج ذلك نقداً أو توزيع الوجبات للفقراء والمساكين والمحتاجين، وفي ذلك ثواب كبير ودور في إدخال السرور والتعبير عن الألفة بين الناس؛ فهي عادات جميلة وتواصل يشعرك أن الخير والتراحم مازال باقياً مع الناس، وفي ذلك يقول تعالى: (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)؛ فيستحب للمقتدرين أن يتعاونوا في ذلك، فيفطر غنيهم فقيرهم من باب الإحسان.

ونقف وقفة مع من شارك في ذلك العمل الطيب مِن مالٍ اكتسبه من الحرام! والذي يقول فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام: «ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب» فمن قام بالخيرات من أمواله الحلال الطاهرة فيه زيادة ثواب، وأما من قام بعمل الخير من مال حرام ففيه تطهير للمال وتخلّص من شرها.

فإن إخراج أموال الحرام في عمل الخير، مثل موائد الإفطار التي يدفعها تجار المحرمات هي أموال غير طاهرة، ولكن في إخراجها للعمل الطيب يتخلص صاحبها من شرها، وهي أموال لفتح باب الخير له وللآخرين، ولعل الانشغال بتلك الأعمال الطيبة وتنظيم الموائد فرصة للتوبة والرجوع إلى الله تعالى.

ويجب أن يعلم كل من يخرج أموالاً محرمة أنها منفعة للمحتاج، فلا يوزعها على من لا يستحقها، ولا ينفقها إلا فيما ينفع المسلمين مثل هذه الموائد وغيرها من أعمال الخير، وأن يتجنب الطرق الخاطئة التي تؤدي إلى الضرر أو الوقوع في معصية أخرى، فلا يُعالج الخطأ بالخطأ ولا تُصرف أموال الحرام في الحرام.

والأفضل لصاحب هذه الموائد أن يجعلها أعمال خير سرية بينه وبين ربه بلا إعلان أنه صاحب هذه الأفعال الطيبة التي تسد حاجة كل فقير ومحروم، ولا يتدخل الإنسان في معرفة نوايا الناس، فالله تعالى هو العالم بما في القلوب.

aalsenan@hotmail.com

aaalsenan @