لم يكن حفل الإفطار الذي شهده معسكر عريفجان، لممثلي وسائل الإعلام الكويتية، عادياً، بمشاركة المئات من الجنود والعاملين في المعسكر، فقد حمل أجمل معاني التسامح الديني والتوافق بين الأديان السماوية بشكل ملحوظ.

فعلى الرغم من تواجد عدد محدود من المسلمين، إلا أن احترام البقية لقواعد الشهر الفضيل كان ظاهراً على الجميع بلا استثناء، احتراماً لمشاعر الصائمين.

وكانت المفاجأة الكبرى، بعد انتهاء الموعظة الدينية التي قدمها باللغة الإنكليزية الخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية محمد النقوي، قبيل أذان المغرب بدقائق، حيث قام عدد كبير من الجنود والعمال غير المسلمين بالذهاب للوضوء مع المسلمين، استعداداً لصلاة المغرب، ثم تناولوا التمر ودخلوا المسجد وصلوا المغرب، وبعدها بدأوا تناول وجبة الإفطار.

وتحدث أحد الجنود غير المسلمين عن شعور رائع لدى مشاركته المسلمين صلاتهم، كونها تشعره بالراحة والأمن والسلام، فيما ذكر آخر أن أسلوب أداء الصلاة عند المسلمين يشابه ممارسة الحركات الرياضية، وأنه يحرص على مشاركتهم الصلاة عندما تكون هناك فرصة.

من جهته، كشف قائد دعم المنطقة والمشرف العام على عمليات بيورينج وعريفجان العقيد مارتن وولجيموت أن «هناك نحو 100 عسكري أميركي مسلم ضمن صفوف القوات الأميركية المتمركزة في معسكر عريفجان، ونحرص على استضافة دعاة من وزارة الأوقاف الإسلامية الكويتية خلال شهر رمضان لمشاركة جنودنا المسلمين الإفطار في هذا الشهر».

وأشار إلى أن «المعسكر يضم أيضاً عدداً لا بأس به من المسلمين المدنيين الذين يعملون به، وهذا العام شهد إضافة خيمة صلاة لتمكن المسلمين العاملين في المعسكر سواء العسكريون أو المدنيون من أن يمارسوا صلواتهم الخمس يومياً».

وعن التغيير الذي شهده الجيش الأميركي لناحية التخلص من الـ«إسلاموفوبيا»، قال وولجيموت: «نعم هناك تغيير، وهناك تعاون مع دعاة من الكويت لتعريف الجنود المسلمين تعاليم دينهم. والتغيير واضح وهذا أمر حقيقي، وأعتقد أنه من المهم أن نظهر لهم أهمية التعرف إلى دينهم بعد كل هذه السنوات من الحرب».

وأشاد بمساعدة من وصفهم بأفضل الأصدقاء في تحقيق ذلك، لافتاً إلى أن هذه المساعدة أدت لاعتناق عدد من الجنود للدين الإسلامي أثناء عملهم بالكويت، حتى وإن كان العدد ليس كبيراً، «إلا أنني في تواصل مع وزارة الأوقاف لتعزيز هذه الثقافة الإسلامية لدى جنودنا»، مشيراً إلى أن في المعسكر جميع الأديان، وأن هناك تبادلاً للثقافة في هذا الخصوص.

الخطيب النقوي: جندي أعلن إسلامه وهناك من أبدى رغبته بالإسلام

أوضح الخطيب باللغة الإنكليزية في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية محمد النقوي، أنه يزور معسكر عريفجان بين فترة وأخرى، من خلال التنسيق بين وزارتي الأوقاف والدفاع، لإلقاء الخطب والمحاضرات التي تفيد المسلمين وغير المسلمين، للتعريف بالإسلام، والآن للتعريف بصوم شهر رمضان.

ولفت النقوي، في تصريح للصحافيين قبيل حفل الإفطار، إلى أن «هذه الزيارات دائماً تكون فيها استفادة للمسلم، وبشكل عام للجنود الأميركيين الذين يعملون في معسكر عريفجان، حيث يكون خلال بعض الزيارات أسئلة وإجابات حتى من الكثير من غير المسلمين ومن الجنود في الجيش الأميركي، وهذه الأسئلة وأجوبتها تكون مفيدة جداً، خصوصاً أن عندهم أموراً لا يفهمونها أو أمراً لا يعرفون عنه، وتكون الإجابات من القرآن والسنة، ومن ثم يتعرفون على أساسيات الدين الإسلامي».

ورداً على سؤال حول ما إذا كان أحد الجنود أعلن إسلامه، أجاب النقوي: «نعم، ونحتفظ بمقطع مصور في المسجد لجندي أشهر إسلامه، ولكن غير مصرح لنا بتداول هذا المقطع حفاظاً على الجندي، وهناك من أبدى الرغبة في الدخول في الإسلام».

القس هاينز: رمضان مناسبة للتعرف أكثر على الإسلام

قال قس معسكر عريفجان القسيس شابلن بنيامين هاينز «نعمل على تعزيز حوار الأديان في معسكرنا، ولدينا مسلمون ومسيحيون ويهود من ضمن قواتنا، فنحن هنا نعمل معاً، وبشكل وثيق»، مشيراً إلى أن «خيمة الصلاة تقام بها الصلوات الخمس وصلاة الجمعة، حيث يشارك فيها أكثر من 25 جندياً كل جمعة لأداء الصلاة. والاحتفال برمضان هذا العام تزامن مع احتفالات الأعياد الدينية الأخرى كعيد القيامة والفصح».

وأشاد هاينز بحرية المعتقد داخل الجيش الأميركي، لافتاً إلى أن «مهمة جميع القيادات توفير الحرية الدينية لكل شخص، ولدينا شيخ دين مسلم وقسيس يهودي وآخر مسيحي. وهي مناسبة لنشر تعاليم الدين الإسلامي وتعليم الجنود شعائر دينهم، والتعرف أكثر على الدين الإسلامي وعلى شهر رمضان وشروط الصيام وأيضاً الصلاة».

الحاخام دانيال: الكويت بلد التسامح وتتقبّل كل الأديان

حضر الحاخام اليهودي في الجيش الأميركي شاؤول دانيال، مأدبة الإفطار في المعسكر لتقديم النصح والإرشاد للجنود اليهود في المعسكر، وأشاد بالتعايش بين كل الأديان في المعسكر، لافتاً إلى وجود نحو 30 جندياً يهودياً في معسكري بيورينغ وعريفجان.

وقال «درست مختلف الأديان، ووجدت تشابهاً بين الدين الاسلامي واليهودي، في مسألة أكل الحلال، والزواج، والموت وغسل الميت، لدينا أب واحد، هو النبي إبراهيم، وأدعو الجميع لكي يحبّوا بعضهم بعضاً»، مشيراً إلى أن «الكويت بلد التسامح وتتقبل كل الأديان السماوية».