قضت المحكمة الدستورية في جلستها المنعقدة الأحد قبل الماضي ببطلان مجلس الأمة 2022، لبطلان مرسوم حل المجلس وإعادة مجلس 2020.
ومن الواضح أن حكم المحكمة بإبطال انتخابات سبتمبر الماضي وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها لبطلان حل مجلس الأمة وبطلان دعوة الناخبين التي تمت على أساسها هذه الانتخابات لم يغلق الباب حول هذا الملف بعد أن شرعت ردود الفعل المثارة حول الحكم سياسياً وشعبياً أبواباً كثيرة، بعضها لتقييم الخسارة والمكاسب وأخرى لاستشراف المستقبل.
وما يزيد من قوة النقاش المفتوح بهذا الخصوص سخونة سياسياً وشعبياً ما ترتب على البطلان من آثار أبرزها استعادة المجلس المنحل سلطته الدستورية بقوة الدستور كأن الحل لم يكن.
فبعد أزمة سياسية محتدمة تزايدت حدتها العام الماضي، أمر سمو ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة في محاولة للتغلب على الجمود السياسي بسبب الصدام بين الحكومة ومجلس الأمة.
لكن واقع الحال يؤكد أن الحل لم ينهِ الخلاف الحكومي ـ النيابي للدرجة التي علقت معها الحكومة حضورها جلسات مجلس الأمة في إشارة إلى شعورها بعدم التعاون النيابي معها.
ولا يعد سراً أن الانتخابات الأخيرة أسفرت عن غالبية من النواب المعارضين، في وقت لم يكتسب مجلس 2022 شعبية تضاهي الطموح والمستهدف منه، رغم مشاركة شخصيات معارضة وتيارات سياسية قاطعت الاقتراع منذ عقد في هذه الانتخابات، وهي السادسة في 10 سنوات، حيث بدا واضحاً تحطم غالبية التوقعات الإيجابية التي كانت مرتبطة بمجلس 2022 على صخرة الأماني المبنية على أساس تغيير مجلس 2020.
وبحكم المحكمة الدستورية عاد الجميع مجدداً إلى المربع الأول حيث الخلاف على شخص نواب هذا المجلس والذين عادوا هذه المرة بقوة القانون، ما يعظم الحاجة إلى ضرورة إعادة التفكير العملي للمشهد وقراءة المواقف بين المجلسين من زاوية وطنية وليست شخصية تزيد منسوب الإلهاء المجتمعي وتشغلهم عن أولوياتهم الرئيسية.
وما يعزز هذه الحاجة التي باتت أكثر الحاحاً التعقيدات الجيوسياسية والمالية التي تضرب العالم، وآخرها أزمة افلاس البنوك الأميركية وتنامي مخاطر التعرض أميركياً وأوروبياً لازمة نظامية أوسع قد تلتهم قطاعات عدة.
وأي كانت النتائج التي قد تظهرها القراءات السياسية في هذا الخصوص، كل حسب دوافعه هناك حقيقة متأصلة لا ينبغي تفاديها أن ما تمر به الكويت خصوصاً آخر 10 سنوات عبارة عن دوران للأمام وللخلف بالقوة نفسها ما يجعلنا نقف في النقطة نفسها، وضمن دائرة مغلقة لنعود في كل مرة إلى نقطة البداية.
وإذا كانت هناك واقعة سابقة مشابهة عندما تم إبطال مجلس 2012، وتمت إعادة مجلس 2009، لكن لظروف مغايرة إلا أن بين التاريخين واقعاً مريراً عنوانه العريض أن الكويت عاشت خلال تلك الفترة تحت ضغط الصراع السياسي المحتدم بين الحكومة والنواب والنتيجة تأخر في كل شيء، حتى في لغة الخطاب.
الخلاصة:
تعيش الكويت منذ نحو 10 سنوات أزمات متتالية بسبب الصراع بين الحكومة والبرلمان المنتخب انتخاباً مباشراً من الشعب، الأمر الذي أعاق الإصلاحات الاقتصادية والمالية في هذا البلد الغني بالنفط.
وأدت هذه الحالة إلى الإضرار بحقوق المواطنين الذين ينتخبون النواب، ما يستدعي إعادة التفكير مجدداً في مواصفات فتى الأحلام لكل مواطن نيابياً سواء إن حل المجلس الحالي أو أكمل دورته.