فرحتُ كثيراً بقيام قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الكويت بتكريم الأديب المبدع الدكتور خليفة الوقيان.
وجاء التكريم عبر منشط ثقافي يحمل اسم يوم الأديب الكويتي وهو عرف ثقافي تم من خلاله تكريم أكثر من أديب كويتي. وكم هو جميل أن يتم تكريم شاعر وباحث ثقافي ومفكر بحجم الدكتور خليفة الوقيان، لما قدّمه عبر عقود من الزمن. وكم هو جميل أن يأتي هذا التكريم ليشعر المبدع الذي تم تكريمه بمكانته في المجتمع.
ولم يكن هذا التكريم هو الأول في مسيرته فقد حصل على جائزة الدولة التقديرية كما فاز بجائزة القدس الأدبية والكتاب العرب وهي من أرفع الجوائز التي يقدمها الاتحاد.
ومن يقرأ السيرة الذاتية للدكتور خليفة الوقيان، يستشف خيوط اشعاعاته من شمس المعرفة والإبداع لما قدمه من شعر ومن مقالات.
ويعتبر الوقيان من أبرز الأصوات الشعرية الكويتية التي غرّدت على أشجار الثقافة الكويتية ووصلت تغريداته الشعرية إلى منطقة دول مجلس التعاون الخليجي ثم أهم العواصم العربية، وكانت له مشاركات عبر أبحاث منحته حضوراً متميزاً سلّطت ضوء الإعلام الثقافي عليه بل إن بعض النقاد عرفوا إبداعاً مميزاً منبعه الكويت التي اتكأت مؤسساتها الثقافية على سواعد طاقتها من رغيف الثقافة اليومي لمجموعة من المبدعين، وكان الدكتور خليفة الوقيان في مقدمهم، وضمن كوكبة كانت وراء تألق المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، حيث سلسلة من المشروعات الثقافية الناجحة مثل الأسابيع الثقافية التي لاقت نجاحاً منقطع النظير في معظم العواصم العربية.
وقدم الوقيان إلى المكتبة العربية إصدارات عدة، منها الشعر عبر بضعة دواوين هي «المبخرون مع الرياح»، فكانت قصائده دليلاً للآخرين وكانت هناك «تحولات الأزمنة»، فكان حاملاً لواء القيم والثوابت وكان «الخروج من الدائرة»، حيث الخروج نحو فضاء فكري واسع وكان «حصاد الريح»، حيث يفرح له من يزرع ومن يسقي وقد يغضب أمام التحديات التي تريد النيل من كيان الإنسان العربي، ومن قرأ شعر الوقيان أدرك أنه ظلم القصائد الرومانسية بسبب اندفاعه نحو هموم أمته العربية فكان كتابه «فلسطين في الشعر الكويتي».
وللدكتور مؤلفات متميزة بصورة كبيرة فقد أكد لي صديقي الذي لديه اهتمام في الثقافة أكثر من مرة بأن كتاب الوقيان الذي يحمل عنوان «الثقافة في الكويت بواكير- اتجاهات - ريادات» بأنه أفضل كتاب ثقافي على مستوى دولة الكويت.
وعلى الرغم من تميزه كشاعر إلا أنه كان وما زال يقف في جبهة محاربة التشدد والتطرف الذي تسلل إلى المشهد الثقافي عبر صور عدة، وإلى رابطة الأدباء في فترة معينة، بل إنه تسلل إلى المجتمع الكويتي بشكل عام الذي عرف بأن الوسطية سمته التي تميزه منذ زمن طويل رغم بعض القصص والأحداث التي مرّ بها المجتمع الكويتي.
ومن خلال متابعتي المشهد الثقافي فإن الدكتور خليفة الوقيان هو أكثر أديب كويتي يرد ويفند كلام المتزمتين الذين يعتقدون أنهم وحدهم أصحاب الحق والرأي السديد فقط، لأن كل واحد منهم يتكئ على بعض القيم وفق رؤيته ويريد فرضها على المجتمع في الوقت الذي لم نجد من يردعهم إلا أن الدكتور خليفة الوقيان ماض في مسيرته وفق قناعاته، فكان فارساً في بعض المعارك الثقافية وهو ابن المجتمع الذي يعرف مناقبه ومثالبه، وهو بوعيه وبخبرته يمتلك القدرة على تشخيص أمراض المجتمع ووضع الحلول الناجعة.
همسة:
أتمنّى أن يتم إطلاق اسم الشاعر خليفة الوقيان على إحدى المدارس وإنتاج فيلم وثائقي عن إبداعاته المتعددة.