في لبنان قاضٍ يأمر بتوقيف والد وخالة ثلاث فتيات قُتلن قبل عام مع والدتهنّ بدم بارد في ما عُرف بـ «جريمة الكهف»، وذلك لاعتراضهما على موافقته على عرْض المتهَم الرئيسي الذي اعترف بارتكاب الجريمة مع شريكٍ آخَر على طبيب نفسي خشيةَ أن يكون الأمر تمهيداً لجعْل «المجزرة» برسم... الجنون.
وكانت هيئة محكمة الجنايات في بيروت التأمت برئاسة القاضي سامي صدقي وعضوية المستشارتين القاضيتين ميراي ملاك ولما أيوب، في جلسة جديدة لمتابعة محاكمة المتهميْن بقتل باسمة عباس وبناتها الثلاث: ريما وتالا ومنال في بلدة أنصار الجنوبية في 3 مارس 2022.
وقد مثل المتهم الرئيسي حسين جميل فياض (لبناني) وشريكه حسن علي الغناج ( سوري) أمام الهيئة، وطلب وكيل الدفاع عن الأول عرضه على طبيب نفسي، فوافقت الهيئة ما أدى، كما أوردت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية الى وقوع إشكال داخل المحكمة بين طليق الأم وأب البنات زكريا حسين صفاوي وخالتهم وجهة الدفاع، قرّر على أثره القاضي صدقي توقيف صفاوي والخالة ثم تراجع عن قراره، محددا العاشر من يونيو موعداً لاستئناف المحاكمة.
وأشارت تقارير إلى حال هرج ومرج سادت القاعة وسط احتجاج عدد من النسوة من عائلة الضحايا اللواتي كن يحضرن الجلسة على قرار إحالة فياض على طبيب نفسي، بوصفه محاولة للتحايل والتملص من جريمة قُتلت فيها باسمة وبناتها بإطلاق عدّة عيارات ناريّة عليهن بسلاح صيد وآخَر حربي غير مرخص، وذلك بعد التخطيط والتجهيز، وهذا ما اعتُبر جرم قتل عمدياً ارتكز عليه القرار الظني بحق المتهَميْن والذي صادقت عليه لاحقاً الهيئة الاتهاميّة في بيروت في قرارها الاتهامي بحق المدعي عليهما بموجب مواد تصل عقوبتها الى الإعدام.
وأوردت «المفكرة القانونية» أنه بعدما تقدم زكريّا صفاوي خطوات قليلة باتجاه قوس المحكمة حيث يجلس القاضي مستنكراً التأجيل بصوت مرتفع تزامناً مع ارتفاع صوت بعض السيدات اللواتي جلسن على المقاعد الخلفية في المحكمة، خرجت عبارة «نحن من يحتاج لطبيب نفسي» من فم أمل عبّاس شقيقة المغدورة باسمة التي وقعت أرضًا وما عادت قادرة على تمالك نفسها، فيما أُصيب زكريا بنوبة عصبية وقع على إثرها أرضاً وغاب عن الوعي لبضعة دقائق.
وبحسب «المفكرة» وصل صوت الصراخ إلى خارج قاعة المحكمة ما دفع حشداً من الموظفين والوافدين إلى قصر العدل إلى التجمّع على باب المحكمة الذي أغلقته العناصر الأمنية ومنعتْهم من الدخول. وقادت القوى الأمنية زكريا إلى نظارة قصر العدل فيما وقف الأهالي سدًا أمام اقتياد أمل إلى النظارة. ثم توجّهوا جميعاً إلى الطابق الأرضي وأُدخلت أمل إلى مكتب أحد الضباط الأمنيين.
وبعد حالة البلبلة التي استمرّت نحو ساعة أُبلغ الأهالي أنّ القاضي تراجع عن قراره، فخرجوا من قصر العدل متوعّدين بطلب رد صدقي عن النظر في هذه القضية. وصرّح زكريا عقب خروجه أنّ «القاضي صدقي حاول ضربي على وجهي» خلال المشادّة معه.
ومساء الاثنين نفذ أهالي أنصار وقفة احتجاجية م في وسط البلدة، احتجاجا على تأجيل جلسة محاكمة فياض والغنوشي. ورُفعت في الوقفة صور للمغدورات الأربع ولافتات كتب على بعضها «كرمال ما يضيع الحق، الاعدام للمجرمين» و «الاعدام للمجرمين» و«محامي السفاح مجرم» ورددوا هتافات تدين ماحصل في جلسة المحاكمة «وتحيز القاضي للمجرمين تحت ذريعة احالتهم الى طبيب نفساني».،
وكانت جريمة أنصار نُفذت في 3 مارس 2022. وقبلها أبلغ الوالد عن اختفاء بناته وانتشرت إشاعات عن هروب الأم وبناتها إلى خارج لبنان، إلى أن انكشفت الجريمة في 25 مارس وتبيّن أنّ المغدورات قُتلن ودُفنّ جميعاً في مغارة تقع في خراج بلدة أنصار جنوب لبنان.
وهزت الجريمةُ بعد اكتشافها لبنان من أقصاه إلى أقصاه وسط ذهول رافق ما نُشر عن اعترافات القاتليْن اللذين خططا ونفّذا بدمٍ مسموم و... بارد.