هل تعلم بأن واحدة من أصل كل ثلاث نساء تعرضت لأحد أشكال العنف ولو لمرة واحدة على الأقل، حسب ما أعلنت عنه منظمة الصحة العالمية؟ الاعتداءات موجودة في كل أنحاء العالم لكن لا توجد احصائيات في الدول العربية ومنها الخليجية، وذلك لأسباب عديدة منها: تجد النساء الصعوبة في التبليغ عن تلك الاعتداءات لأسباب اجتماعية، وفي حال التبليغ لا تؤخذ تلك الاعتداءات على محمل الجد بسبب موروثات اجتماعية وعدم تدريب الجهات الأمنية على التعامل مع تلك البلاغات، صعوبة وجود أدلة كافية على الاعتداءات خصوصاً إذا حدثت في إطار الأسرة، كما أننا مجتمعات تبرر للمجرمين وتلوم الضحايا، ما يجعل العنف في مجتمعاتنا فعلاً طبيعياً وليس جريمة كالتحرش على سبيل المثال، ما يصبح الفعل متكرراً ودون محاسبة.
في مجتمعاتنا تضطهد النساء بمشروعية الموروثات الاجتماعية وضمن أدوار نمطية وضعهن المجتمع بها، وخطابات تؤيد تأديبها وضربها، ووسائل الإعلام التي تأخذ الاعتداءات على النساء مادة للضحك، وقوانين ما زالت قاصرة عن وضع عقوبات رادعة لحمايتها.
لا أعرّف العنف هنا بالعنف الجسدي فقط كالاغتصاب والضرب والإيذاء الجسدي، بل حتى العنف النفسي الذي يمس كرامة المرأة ويحط من قيمتها، هذا النوع من العنف لا يقل ضرراً عن العنف الجسدي حيث يترك آثاراً معنوية غير مرئية تزعزع ثقة المرأة بنفسها، وتؤثر على قراراتها، وتجعلها مقهورة تحاول إثبات ذاتها.
يبدأ الخلل من الاعتقاد الخاطئ بأن المرأة تحتل مرتبة أدنى من الرجل عقلاً ومكانة اجتماعية، في المقابل يعتقد الرجل بحقه في السيطرة عليها، واتخاذ القرارات بدلاً عنها ولو كانت قرارات مصيرية تؤثر على حياتها، كما أن تعرض المرأة للإساءة بين أفراد أسرتها وفي بيتها الذي من المفترض أن يكون آمناً أمر شائع، حيث إنها تعاني من السلوكيات العنيفة بأشكالها، فقد تُمنع من الخروج لممارسة أبسط الأمور التي هي ضمن حريتها الشخصية، وقد يتم التقليل من رأيها حتى بما يخص تربية أطفالها، وإدارة بيتها، كما أن التهديد بالطلاق يعتبر عنفاً نفسياً إضافياً يزيد من الضغط عليها.
وفي الشارع من الطبيعي جداً أن تتعرض المرأة لانتهاكات تجعلها عرضة للمضايقة والفحش اللفظي والتحرش، وبدلاً من معاقبة الجاني، تلام الضحية دائماً ويسقط السبب على ملابسها وشكلها.
في إطار العمل تتعرض للمساومات الجنسية للحصول على حقوقها، ويستهان بقدراتها، ويحدد لها مهام بسيطة لتنجزها لأنها غير مؤهلة للمهام الأخرى، وعدم تسليمها مناصب قيادية لأنها عاطفية وناقصة عقل، كما أنها تحصل على فرص وظيفية أقل من الرجل، وعلى راتب أقل منه.
كل ما ذكرته هو قطرة ماء في البحر، تخلق نصف مجتمع مقهوراً يعاني من أضرار نفسية، لن يتحمل المجتمع نتائجه.