خلصت حلقة نقاشية نظّمها اتحاد العقاريين أمس، بمشاركة فعاليات اقتصادية وسياسية، إلى أن قانون تأسيس شركات لإنشاء المدن الإسكانية، لن يكون كافياً لحل أزمة السكن في الكويت.
وذكر عضو لجنة الإسكان والعقار في مجلس الأمة الدكتور عبدالعزيز الصقعبي أن الحل الرئيسي للقضية الإسكانية يكمن في معالجة نقص المعروض من أراضي السكن الخاص، مشيراً إلى أن زيادة المعروض تتم من خلال توفير الأراضي، والسيولة للبنية التحتية والقروض الإسكانية، إضافة لتوفير الكهرباء والماء والخدمات.
وأوضح الصقعبي، أن قانون تأسيس شركات إنشاء المدن السكنية الذي وافق عليه مجلس الأمة في المداولة الأولى ومن المقرر أن يُطرح أمام المجلس في جلسة 24 يناير الجاري لإقراره بالمداولة الثانية، يعالج جانب البنية التحتية، لكنه لن ينجح ما لم يكن ضمن حزمة من القوانين التي من خلالها يمكن تحريك ملف القضية الإسكانية، ولعل أهمها قوانين تمويل القروض الإسكانية وسيولة بنك الائتمان، بالإضافة إلى فكرة إنشاء بنك للإسكان.
تقليص الانتظار
بدوره، أكد وزير الإسكان الأسبق الدكتور عادل الصبيح أن الهدف من وراء مثل هذه القوانين تقليص فترة الانتظار في الطابور الإسكاني، وخفض أعداد منتظري الرعاية السكنية، إلا أن القوانين السابقة التي صدرت في هذا الشأن لم تحقق أهدافها، حيث ارتفعت فترة الانتظار من 7 سنوات إلى 21 سنة، كما ارتفع عدد طلبات الرعاية السكنية الفعلية من 60 ألف طلب إلى 140 ألفاً حالياً.
وقال الصبيح إن متوالية الاسكان تتكون من 4 مراحل هي تحرير الأراضي، وتطوير الأراضي وبناء البيوت، والتمويل، وتوفير الكهرباء والماء، مبيناً أن تحرير الأراضي هو قرار حكومي (علماً بأن المؤسسة العامة للرعاية السكنية لديها أراضي تكفي لبناء 200 ألف وحدة سكنية)، أما قضية البناء فالمؤسسة هي التي تبني، في حين جاء القانون ليضيف كياناً جديداً لعملية البناء أكثر كلفة وأبطأ أداءً.
ولفت إلى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في البناء وإنما في التمويل، ذلك أن حل القضية الإسكانية في 10 سنوات يتطلب أن تنجز الحكومة 22 ألف وحدة سكنية سنوياً، وذلك حتى تتمكن من تلبية الطلبات القائمة والطلبات الجديدة، علماً بأن تكلفة تنفيذ 22 ألف وحدة سنوياً هو 2.2 مليار دينار لمدة 10 سنوات، ما يشكل 13 في المئة من دخل الدولة من النفط ومن الاستثمار، فهل تستطيع الدولة تلبية هذه المتطلبات؟
وذكر الصبيح أنه في حال عدم قدرة الدولة على تلبية هذه المتطلبات، فإنه ينبغي عليها إيجاد البديل المناسب الذي يتناغم مع قدرتها ومع متطلبات المواطنين.
رأي اتحاد العقاريين
من جهته، أشار رئيس مجلس إدارة اتحاد العقاريين إبراهيم العوضي أنه لم يتم أخذ رأي الاتحاد في قانون تأسيس شركات إنشاء المدن الإسكانية الحالي، كما لم يؤخذ رأي شركات الاستثمار واتحاد المصارف الكويتية.
وأيد العوضي الرأي الذي يقول إن هذا القانون لن يساهم في حل القضية الإسكانية، ما لم تكن هناك قوانين أخرى مكملة كقانون المطوّر العقاري، والرهن وتحرير الأراضي وتجهيز البنية التحتية قبل تسليمها للمواطن.
وأضاف أن اتحاد العقاريين لا يهدف إلى معارضة القانون، لا سيما في وجود رغبة جادة في حل المشكلة الإسكانية، لكن هدفه المشاركة في تعديل وتنقيح القانون بما يناسب جميع الجهات، خاصة أن الاتحاد يرى أن سبب فشل جميع القوانين السابقة هو «التقييد» الذي شهدته هذه القوانين، بما في ذلك تقييد مساحات البناء، ونسبة أرباح القطاع الخاص دون مراعاة تقلبات الأسواق وغيرها من الأمور المقيدة.
وأوضح العوضي أن اتحاد العقاريين يرى أن هذا القانون يجب أن يكون مفتوحاً وتطلق فيه يد «الرعاية السكنية»، بحيث تحدد بنفسها احتياجات المشروع على حسب مساحته وموقعه وحاجة المواطن والدولة عند طرح المشروع.
ولفت إلى أن القانون لم يُراعِ موضوع التمويل، خاصة وأن هذه المشاريع تحتاج إلى رأسمال ضخم، علماً بأن التمويل الذاتي للشركات صعب، منوهاً إلى أنه متى ما كانت هناك آلية واضحة ومنظمة لعملية التمويل فحينها ستحقق هذه المشاريع النجاح.
من جانبه، أفاد نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد العقاريين عبدالرحمن التركيت، بأن الحلقة النقاشية هدفت إلى التعرف عن قرب على المقترحات المقدمة من قبل اللجنة الإسكانية في مجلس الأمة، وتقديم التوصيات التي سيتم رفعها إلى المداولة الثانية في المجلس، مؤكداً ضرورة التعرف على مختلف وجهات النظر قبل إقرار القانون الجديد الذي يهم شريحة كبيرة من المواطنين الكويتيين، بالإضافة إلى محاولة تقويمه بحيث يكون له انعكاس إيجابي على السوق والمواطن في المحصلة النهائية.
الكندري: قانون يفتقد المرونة
أكد المستشار القانوني لاتحاد المصارف، الدكتور فايز الكندري، أن قانون تأسيس شركات إنشاء المدن السكنية يفتقد إلى المرونة، كما أنه يتضمن تفاصيل غير لازمة، وأخرى يكفي أن تكون موجودة في اللائحة التنفيذية، مشيراً إلى ضرورة إعادة النظر في صياغة التشريع، بحيث يشكل بيئة جاذبة للمستثمر المحلي والأجنبي على حد سواء.
وقال الكندري إن القانون يجب أن يركز على حل الأزمة الإسكانية، لكن الواضح أن القانون أراد أن يعالج كل شيء في الوقت نفسه، إذ يسعى إلى إشراك المواطن من خلال الاستثمار بـ50 في المئة من أسهم الشركة، كما يسعى إلى تعزيز عمل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن يحقق مبدأ دعم العمالة، وهي أمور لا يمكن تحقيقها كلها في آن واحد.
وبيّن أنه من غير الواضح إذا كان المشروع جزءاً من مشاريع الشراكة أم أنه خارج هذا المفهوم، وهل الشركات التي ستنشأ ستكون وفق قانون الشراكة الصادر 2014 أم خارج هذا القانون؟