انتُخب الجمهوري كيفن مكارثي، رئيساً لمجلس النواب الأميركي، ليل الجمعة - السبت، ما ينهي آلية شهدت حتى نهايتها توترات شديدة في صفوف الحزب الجمهوري، فيما هنأه الرئيس جو بايدن داعياً إياه إلى «الحكم بشكل مسؤول».

وإثر مفاوضات شاقة، رضخت مجموعة النواب المؤيدين للرئيس السابق دونالد ترامب التي كانت تعرقل انتخابه. وانتهت بذلك حال من الفوضى لم يشهدها الكونغرس منذ أكثر من 160 عاماً، ما يُنذر بنقاشات نشطة جداً في البرلمان في العامين المقبلين.

وقال الرئيس الأميركي في بيان «أنا مستعدٌّ للعمل مع الجمهوريين عندما يكون ذلك ممكناً والناخبون أشاروا بشكل واضح إلى أنهم ينتظرون من الجمهوريين أن يكونوا مستعدّين للعمل معي». وأضاف «حان وقت الحكم بشكل مسؤول».

واستمرت حالة التشويق في البرلمان بعد إخفاق النواب في انتخاب رئيس لهم في 14 جولة تصويت، ما تسبب في حدوث فوضى حقيقية في البرلمان.

ومباشرة بعد فشله في جلسة الانتخاب الـ14، وجّه مكارثي النائب عن كاليفورنيا، أصابع الاتّهام إلى مجموعة من النوّاب والذين يعرقلون انتخابه.

ويستغلّ النوّاب المؤيّدون لترامب، الأكثريّة الضئيلة التي حقّقها الحزب الجمهوري في انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر، لفرض شروطهم.

ولم يرضخ هؤلاء إلا بعد الحصول على ضمانات أساسية من أبرزها إجراء يهدف خصوصاً إلى تسهيل إطاحة رئيس مجلس النواب.

وانتخب مكارثي في نهاية المطاف (216 صوتاً مقابل 212)، ليخلف الديموقراطية نانسي بيلوسي في المنصب. لكنه يخرج أضعف من هذه الانتخابات التي تنذر بولاية صعبة للغاية.

وتبرز على أجندة الأشهر القليلة المقبلة، مفاوضات حول رفع سقف الدين العام وتمويل الدولة الفيديرالية، وربما الإفراج عن حزمات مالية إضافية للحرب في أوكرانيا.

ومع سيطرتهم الجديدة على مجلس النواب، تعهّد الجمهوريون أيضا بدء تحقيقات في إدارة بايدن للجائحة والانسحاب من أفغانستان، من بين أمور أخرى.

وقال مكارثي من البرلمان «حان الوقت لممارسة السيطرة على سياسة الرئيس».

لكن بعد انكشاف انقساماتهم، هل سيكون لتحقيقاتهم الصدى نفسه؟

قد تكون مواجهة برلمان معادٍ لكن فوضوي بمثابة نعمة سياسية لبايدن، إذا أكد نيته الترشح مجدداً للانتخابات الرئاسية للعام 2024، وهو قرار يتوقع أن يعلنه بداية هذا العام.

وبعد فشله في السيطرة على مجلسَي الكونغرس، كما كانت الحال منذ تنصيبه في يناير 2021، رغم حصوله على أغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ، لم يعد بإمكان الرئيس الأميركي أن يأمل في تمرير تشريعات رئيسية.

لكن مع وجود مجلس الشيوخ في أيدي الديموقراطيين، لا يمكن للجمهوريين القيام بذلك أيضاً.

وطوال عملية انتخاب رئيس مجلس النواب، لم يفوّت حزب بايدن مناسبة للتنديد بالخناق الذي يفرضه مؤيدو ترامب، الذين مازال العديد منهم يرفض الاعتراف بهزيمته في 2020، على الحزب الجمهوري، بعد عامين من الهجوم على الكابيتول.

لكنّ الديموقراطيين الذين فقدوا السيطرة على مجلس النواب بعد انتخابات نوفمبر، لم تكن لديهم أصوات كافية لإنهاء هذا الشلل، فيما بدا أن لا نهاية لهذه الانتخابات.

وكان لهذا الوضع المأزوم في رئاسة مجلس النواب تداعيات ملموسة جداً فهو يشلّ المؤسّسة برمّتها، إذ إنه من دون رئيسٍ لمجلسهم لا يمكن للنوّاب أن يؤدّوا اليمين وبالتالي أن يقرّوا أيّ مشروع قانون أو المشاركة في اللجان النيابية أو الوصول إلى المعلومات المصنفة أسراراً دفاعية.

وجاء فوز مكارثي في اليوم التالي للذكرى السنوية الثانية للهجوم الذي وقع في 6 يناير 2021 على مبنى الكونغرس.

وفي السياق، شدّد بايدن على أنّ «لا مكان للعنف السياسي»، خلال تكريمه عناصر في الشرطة واجهوا في ذلك اليوم حشداً غاضباً من أنصار ترامب.

وأضاف «أميركا بلاد قانون وليست بلاد فوضى»، محيّياً «المجموعة الرائعة من المواطنين الأميركيّين» الذين كرّمهم الجمعة.