في خطوة استفزازية قد تفجر الأوضاع مجدداً في القدس الشرقية والأراضي الفلسطينية، زار وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير، أمس، باحات المسجد الأقصى، للمرة الأولى منذ توليه منصبه، ما أثار ردود فعل فلسطينية وعربية وإسلامية، منددة.

وبينما أكدت الولايات المتحدة أن «أي تحرك أحادي يقوض الوضع القائم للمواقع المقدسة في القدس غير مقبول»، وطالبت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالالتزام بتعهداته بالحفاظ على الوضع القائم للمواقع المقدسة، قال مسؤول في مكتب نتنياهو، إنه ملتزم «المحافظة بصرامة على الوضع القائم».

وفي ظل الوضع التاريخي الراهن، يمكن لغير المسلمين الذهاب إلى زيارة المكان في أوقات محددة لكن لا يمكنهم الصلاة هناك. ومع ذلك زادت في الأعوام الأخيرة، أعداد الزوار من اليهود القوميين في كثير من الأحيان والذين يصلون خلسة هناك، في خطوة اعتبرها الفلسطينيون «استفزازاً».

ورغم أن بن غفير أجرى زيارات متكررة إلى الموقع منذ دخل الكنيست في أبريل 2021، أعلن عزمه الذهاب إلى هناك وزيراً وهو ما وصفته «حماس»، بأنه «تمهيد للتصعيد في المنطقة».

وقال بن غفير في بيان، عقب عملية الاقتحام التي استغرقت 17 دقيقة، إن «حكومة إسرائيل، التي أنا عضو فيها لا تخضع للتهديدات من تنظيمات إرهابية. جبل الهيكل مفتوح للجميع وإذا ظنت حماس أن تهديداتها ستثنيني عن ذلك فقد ولى ذلك الزمن».

وتابع أن «جبل الهيكل هو الموقع الأهم بالنسبة لشعب إسرائيل ونحافظ على حرية الحركة بالنسبة للمسلمين والمسيحيين، لكن اليهود أيضاً سيتوجهون إلى الجبل، وينبغي التعامل مع أولئك الذين يوجّهون تهديدات بيد من حديد».

وطالب بن غفير بإدخال تغييرات على إدارة الموقع للسماح بالصلوات اليهودية فيه، وهو أمر تعارضه السلطات الدينية اليهودية التقليدية.

بدوره، دعا النائب ألموع كوهين من حزب «عوتسما يهوديت»، بقيادة بن غفير، إلى قتل 500 فلسطيني مقابل كل قتيل إسرائيلي في حال أبدى الفلسطينيون ردود فعل عنيفة على عملية الاقتحام.

وكتب رئيس المعارضة يائير لابيد على «تويتر»، أمس، «هذا ما يحدث عندما يضطر رئيس وزراء ضعيف إلى تكليف أكثر رجل غير مسؤول في الشرق الأوسط بأكثر مكان متفجر في الشرق الأوسط».

وفي رام الله، أكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة، أن «استمرار هذه الاستفزازات بحق مقدساتنا الإسلامية والمسيحية سيؤدي إلى المزيد من التوتر والعنف وتفجر الأوضاع».

واعتبر الناطق باسم «حماس» حازم قاسم اقتحام الفاشي بن غفير «جريمة»، متعهداً أن المسجد «سيبقى فلسطينياً وعربياً وإسلامياً».

وأعربت وزارة الخارجية السعودية عن تنديد وإدانة المملكة «للممارسات الاستفزازية التي قام بها أحد المسؤولين الإسرائيليين باقتحام باحات المسجد الأقصى الشريف»، مؤكدة على «موقفها الراسخ بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني».

وجددت الإمارات، موقفها الثابت «بضرورة توفير الحماية الكاملة للمسجد الأقصى ووقف الانتهاكات الخطيرة والاستفزازية فيه».

وعدت قطر، الاقتحام، «انتهاكاً سافراً للقانون الدولي والوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس المحتلة». وأكدت في بيان، أن «محاولات المساس بالوضع الديني والتاريخي للمسجد الأقصى ليست اعتداء على الفلسطينيين فحسب، بل على ملايين المسلمين حول العالم».

وأعربت البحرين عن إدانتها بشدة لاقتحام باحات المسجد المبارك، باعتباره «استفزازاً لمشاعر المسلمين، وانتهاكاً لقواعد القانون الدولي».

كما استنكرت ‏سلطنة عُمان «الممارسات الاستفزازية المستمرة واللامشروعة لإسرائيل وتمكينها لأحد مسؤوليها المتطرفين من اقتحام باحات المسجد الأقصى تحت حماية قوات الاحتلال».

واعتبر الأردن، الذي استدعى السفير الإسرائيلي، «أن اقتحام المسجد وانتهاك حرمته، خطوة استفزازية مُدانة».

وأكدت مصر، رفضها التام لأي إجراءات أحادية مخالفة للوضع القانوني والتاريخي القائم.

وحذرت من «التبعات السلبية لمثل هذه الإجراءات على الأمن والاستقرار في الأراضي المحتلة والمنطقة، وعلى مستقبل عملية السلام».

ونددت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بـ «اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى بحماية قوات الأمن»، بينما دان الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، «تدنيس الوزير لحرمة المسجد».

بن غفير حصل على موافقة نتنياهو والشرطة و«الشاباك»

| القدس - «الراي» |

كشفت مصادر حكومية إسرائيلية، أن اقتحام وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى، أمس، جاء بموافقة الشرطة وجهات الاختصاص، بالإضافة إلى المستوى السياسي، وعلى رأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وأشار بن غفير، إلى أنه تشاور مع مفتش عام الشرطة كوبي شفتاي، ومسؤول جهاز «الشاباك» رونين بار، لافتاً إلى أنهما «أكدا عدم وجود ما يمنع اقتحامه الأقصى».

وذكر أن «الأمن يعتقد أن التراجع أمام تهديدات حماس؛ سيشكل جائزة للإرهاب وسيعطي شرعية لمواجهة إسرائيل».

وتابعت المصادر، أن «الشاباك» لم يعارض اقتحام الأقصى لأسباب عدة، أبرزها: عدم وجود إنذارات محددة بنية جهات فلسطينية، الرد العسكري، وموافقة المستوى السياسي على الاقتحام مع المحافظة على «الأمر الواقع» في المسجد.

وذكرت القناة 12 العبرية أن الاقتحام جاء بعد «مناورة تضليل مدبرة بين نتنياهو والوزير، بمشاركة الشرطة». وأضافت أن «قرار اقتحام الأقصى اتُخذ خلال لقاء بن غفير مع نتنياهو الليلة (قبل) الماضية، وأن الشرطة اشتركت في المناورة لإخفاء موعد الاقتحام خشية قدوم متظاهرين للمسجد».

وتابعت أن «بن غفير وصل (أول من) أمس إلى ديوان رئاسة الحكومة مشياً على الأقدام بعد أن ركن سيارته في مكان قريب خشية رصده من الإعلام، واجتمع مع نتنياهو الذي لم يعارض الاقتحام».

كما شارك بن غفير مساء الاثنين في اجتماع أمني ضم مفتش الشرطة وقائد «لواء القدس» في الشرطة وضباط آخرين. كما التقى لاحقاً، رئيس «الشاباك»، وفق القناة 12.

ولفتت إلى أن رئيس «الشاباك» ومفتش الشرطة أبلغا بن غفير أن «لا مانع من الاقتحام خشية الظهور بمظهر الاستسلام أمام تهديدات حماس».

وأكدت القناة أن الشرطة شاركت في التمويه، عندما أصدرت أول من أمس، بياناً ذكرت فيه أنها ستعقد جلسة خلال الأيام القريبة لمناقشة الأمر، في وقت كانت أعطت «الضوء الأخضر» لاقتحام الوزير المسؤول عنها.

وذكرت أن بن غفير امتنع عن أداء صلاة تلمودية علنية، واكتفى بـ«صلاة صامتة» خلال الاقتحام، كما أنه ينوي تنفيذ اقتحامات شهرية مماثلة للمسجد.

وبينما دعت الفصائل الفلسطينية إلى التصعيد، رفع الجيش الإسرائيلي، حال التأهب القصوى على حدود قطاع غزة، خشية إطلاق صواريخ.