قصة جميلة تلك التي يجسدها المشروع الوطني للقمر الاصطناعي الكويتي الأول عمل فيها أبطال ومخرجون ومنتجون بديناميكية تامة مجسدين طموحا وطنيا بدأ ولن ينتهي.

شباب الكويت كانوا أبطال القصة ومخرجوها ومنتجوها أقسام عدة بكليتي الهندسة والعلوم مع شركاء من مؤسسات الدولة كالهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات ومعهد الكويت للأبحاث العملية والهيئة العامة للبيئة وبدعم كلي من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (KFAS).

وكالة الأنباء الكويتية (كونا) رصدت تفاصيل القصة نقلا عن عضو هيئة التدريس بقسم الفيزياء ومديرة المشروع د. هالة الجسار.

يقتضي العمل في مشروع «سماب» الاجتماع مع الفريق العلمي لـ «ناسا» قبل إطلاق القمر وبعده كما يجتمع كل المشاركين فيه بشكل دوري مع الفريق العلمي لمختبر JPL التابع لناسا وخلال ذلك.

وبينما كانت الجسار تتابع أداء طلبتها استوقفها تساؤل مباغت ومؤثر: «لماذا لا نقوم بهذا العمل على قمر كويتي؟!».

نفذ تساؤل هؤلاء الطلبة ذوي الحس الوطني إلى قلب اهتمام الدكتورة هالة فضمت حلم طلبتها إلى أجندة أهدافها التي حددتها منذ الصغر وقررت اتخاذ خطوات إجرائية للعمل على ذلك فبدأت بتحديد ماهية القمر الأول المزمع العمل على إطلاقه واختارت أن يكون تعليميا من تلك النوعية الصغيرة التي تسمى نانومترية ويتراوح وزن الواحد منها بين كيلوغرام واحد و10 كيلوغرامات وتكلفته أقل من تكلفة الأقمار الكبيرة ورغم ذلك يتحمل مجسات وأجهزة قياس بيانات أو تصوير بكفاءة تضارعها.

بدأت الجسار بمعية زملائها من أقسام كليتي العلوم والهندسة في 2018 أولى خطوات تنفيذ تلك الرغبة الوطنية فسارعت بعد انتهاء المشروع الذي كانت تعمل عليه الجامعة بالتعاون مع المؤسسة و«ناسا» بتقديم فكرة المشروع الوطني الوليد إلى مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ليكون مشروعا تعليميا لبناء قدرات الطلبة. ولم تتوان المؤسسة في النظر إلى الفكرة بعين الجد فعرضت المشروع على محكمين خارجيين ثم ما لبثت أن قبلت دعمه ماليا بشكل كلي بما في ذلك الإطلاق وتدريب الطلبة داخل الكويت وخارجها ليدخل في أكتوبر 2019 حيز التنفيذ بالإعلان عن قبول دفعة من الطلبة للعمل به على أمل الانتهاء منه خلال 3 سنوات.

لاقى الإعلان آذانا عطشى للعمل الوطني فتقدم له أكثر من 200 طالب وتم اختيار مجموعة منهم باعتبارهم «أعلى الكفاءات الكويتية وخيرة شباب الكويت» بحسب وصف الدكتورة هالة تبعه في 2021 إعلان ثان عن قبول دفعة ثانية فتقدم ما يزيد على 130 طالبا ووقع الاختيار على نحو 45 منهم من تخصصات كليتي الهندسة والعلوم.

وصل الطلبة الليل بالنهار من أجل تحويل المشروع الوطني للقمر الاصطناعي الكويتي الأول «كويت سات 1» من حلم إلى حقيقة لا سيما مع الدعم المادي الكامل والوافي من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. ومع بداية العمل تم تقسيم الطلبة إلى عدة فرق ما بين إعلامي وإداري وتقني وفريق للتطبيقات وفريق المحطة الأرضية الذي يعد أهم عنصر في مرحلة الإطلاق فكان التجانس سمة مميزة لهم وظلوا على مدى 3 سنوات يعملون بشكل دوري في المختبرات ويقومون بمهماتهم حسب جداول المهمات المخططة لهم.

تركت طريقة تعامل الفريق معا أثرها لدى الدكتورة هالة التي أخذت تسترجع صور أفراده وهم يؤدون مهماتهم وبنبرة واعدة قالت: «أهم ما لدي الآن الطلبة فمثلما حققنا أحلامنا نتمنى أن يحققوا أحلامهم فكل شيء متوافر ومجال الفضاء صار أسهل من الماضي ولدينا كفاءات متميزة لها علاقة بالفضاء في أقسام كليتي العلوم والهندسة.. فالشغف موجود والشغف هو سر العمل والإبداع».

تلاقت أحلام الطلبة بشغف الدكتورة هالة بالأقمار الاصطناعية منذ الصغر فهي لم تنس تطلعها إلى الفضاء ليلا وهي صغيرة، متسائلة عما فيه ولم تفرط في حلمها بأن يكون لها باع في هذا المجال فاختارت في 1981 التخصص في الفيزياء ثم أكملت الماجستير في الفيزياء الفلكية ونالت الدكتوراه في فيزياء الفضاء والأقمار الاصطناعية.

عندما تطرق الحديث مع الدكتورة عن قرب انطلاق القمر زينت بسمة عريضة محياها مرجعة الفضل في تحقيق هذا الحلم إلى توفيق الله ثم تعاون أقسام كليتي العلوم والهندسة ودعم مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.

إنها تعتز «بتسجيل القمر باسم الكويت دوليا» وتأمل أن «يسير المشروع في الطريق الذي رسم له»، كما تتطلع إلى عدم التوقف عند هذه المحطة وتطمح إلى استكمال الطريق من خلال خطة إطلاق قمر ثان (كويت سات 2) وهو القمر الذي يجري العمل عليه بالفعل من الآن وسيكون بالتعاون مع كلية الهندسة ممثلة في الدكتور ياسر عبدالرحيم من قسم الهندسة الكهربائية.

الأحلام لا تنتهي والشغف متواصل.. وبعد (كويت سات 2) توجد خطة مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لإنشاء المركز الوطني لمشاريع وأبحاث الفضاء لما له من أهمية من دخول دولة الكويت مجال الفضاء وتحقيق مشاريع وأهداف التنمية المستدامة«.. بهذا العزم أنهت الدكتورة هالة حديثها.. و «الخير بقبال».