لن تعود قواعد الفضاء مقتصرة بعد اليوم على أسماء معروفة على غرار كاب كانافيرال وكورو، بل ستتسع القائمة قريباً لتضم مواقع جديدة، مع زيادة مشاريع إقامة قواعد إطلاق في أوروبا، بفعل دخول القطاع الخاص هذا المجال.

فالشركة الإسبانية الناشئة «بي إل دي سبايس» تعتزم إطلاق صاروخ «ميورا-1» المصغر بحلول نهاية السنة من موقع «إل أرينوسيّو» على الساحل الأندلسي، بينما تُطلَق أقماراً اصطناعية «للمرة الأولى في بريطانيا خلال الأسابيع المقبلة»، على ما أعلن وزير الدولة البريطاني لشؤون الابتكار جورج فريمان في نهاية نوفمبر.

وأعلنت شركة «فيرجين أوربيت» بالفعل أن صاروخ «لونشر وان» الخاص بها سيتم إطلاقه في 14 ديسمبر من طائرة «بوينغ 747» يُفترض أن تقلع من كورنوال، في جنوب غرب إنكلترا.

وفيما تمتلك السويد ميناءها الفضائي إسراينج منذ عقود، ويقع بالقرب من كيرونا في أقصى مناطقها الشمالية، أنشأت جارتها النروج قاعدتها الفضائية الخاصة بها في جزيرة أندويا الشمالية، إلا أن ثمة مشاريع جديدة كثيرة.

فلدى بريطانيا اثنان على الأقل، بالإضافة إلى«سبايس بورت كورنوال»، أحدهما قاعدة في ساذرلاند، بشمال اسكتلندا، حيث يتوقع أن تنفذ «أوربكس» البريطانية عمليات الإطلاق المستقبلية، والآخر في ساكسافورد، على إحدى جزر شيتلاند، حيث تعتزم «لاتيتيود» الفرنسية و«أسترا سبايس» الأميركية إطلاق صواريخهما الصغيرة.

وتبرز مشاريع أيضاً في ايسلندا، ولكن أيضاً في جزر الأزور أو جزر الكناري أو بحر الشمال، حيث يخطط برنامج ألماني قيد الدرس لإطلاق صواريخ من سفينة، على أن تعود إلى ميناء بريمرهافن.

وتلاحظ مديرة مركز غويانا للفضاء في كورو ماري-آن كلير«ازدهاراً لقواعد الفضاء في أوروبا».

وتشرح لوكالة فرانس برس أن لهذه الظاهرة «بُعداً تجارياً حقيقياً، إذ ثمة أيضاً اليوم وفرة أقمار اصطناعية صغيرة تتطلب إطلاق صواريخ صغيرة».

ولمدة طويلة، كان جزء كبير من الأقمار الاصطناعية عائداً لوكالات فضاء تملك كل منها قاعدتها الخاصة. لكن السوق شهدت فورة كبيرة مع دخول شركات صغيرة إليها، ومع تصغير وتكاثر الأقمار الاصطناعية وتعدد تطبيقاتها (بيانات رصد الأرض، والاتصالات، وما إلى ذلك).

ولا يتوافر اتفاق دولي في هذا المجال، لكنّ الصواريخ الصغيرة والصغيرة جداً هي فئات يمكنها وضع حمولات تزن مئات الكيلوغرامات في المدار.

الموقع... والربحية

يتوقع إطلاق نحو 18500 قمر اصطناعي صغير، يقلّ وزن كل منها عن 500 كيلوغرام، بين عامي 2022 و2031، مقارنة بـ 4600 قمر اصطناعي أطلقت في السنوات العشر الأخيرة، أي ما يعادل طناً واحداً سيتم إرساله إلى الفضاء يومياً على مدار السنوات العشر المقبلة، وفقاً لشركة «يوروكونسالت» الاستشارية.

وتشير التقديرات إلى أن خدمات الإطلاق ستبلغ تقريباً أربعة أضعاف ما هي عليه اليوم بحلول عام 2031، لتصل عائداتها إلى 28.4 مليار دولار. وتقف جهات خاصة وراء معظم مشاريع قواعد الفضاء الأوروبية اليوم.

ويشكّل الموقع الجغرافي لقاعدة الإطلاق عنصراً بالغ الأهمية. إذ ينبغي أن يكون في المناطق التي تكون فيها الكثافة السكانية منخفضة جداً تحسباً لإمكان حصول حوادث عند الإطلاق.

ومن المغري إقامة مواقع إطلاق بالقرب من مرافق الإنتاج في القارة وتجنب نقل الأقمار الاصطناعية مسافات طويلة ومكلفة إلى مواقع الإطلاق البعيدة.

أما«السؤال الحقيقي»، بحسب ماري-آن كلير، فيتعلق بربحية مشاريع الصواريخ الصغيرة وقواعد الفضاء. وتقول:«ثمة الكثير من المرشحة، بعضها سينجح، والبعض الآخر لن ينجح».

ولقاعدة كورو التي تُطلق منها صواريخ«أريان»حصتها، إذ تستثمر وكالة الفضاء الفرنسية 50 مليون يورو في إعادة تأهيل منصة الإطلاق«ديامان-1»، حيث كانت تُطلق الصواريخ الفرنسية الأولى. ويهدف المشروع إلى توفير خدمات إطلاق الصواريخ الصغيرة والبالغة الصغر.

ويرحب رئيس شركة «أسترا سبايس» الأميركية كريس كمب بذلك قائلاً «كلما زاد عدد قواعد الفضاء المتاحة لنا، زادت فرصنا في الوصول إلى الفضاء».