صحيح أن الجدل في شأن اللاعب الأفضل في تاريخ كرة القدم لا يتوقف أبداً، لكنه عاد إلى الواجهة بقوة خلال مونديال قطر، في ظل تألق الأرجنتيني ليونيل ميسي، وتقهقر غريمه البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي وصل به الأمر حتى أن يكون عرضة لانتقاد مدربه فرناندو سانتوس.

وبالنسبة للجيل الحالي، المقارنة محصورة إلى حد كبير بميسي ورونالدو في ظل صراعهما المستمر على العظمة، التي وصلا إليها بالتأكيد على صعيد الأندية وبدرجة أقل بكثير على مستوى المنتخب الوطني.

ويعتبر كثر أنه على ميسي أو رونالدو الفوز بكأس العالم من أجل التربع على عرش عظماء اللعبة، ولكن وفقاً للمسار الحالي، لا يبدو أن «الدون» سيستفيد من مشاركته المونديالية الأخيرة من أجل فرض نفسه الأعظم وحتى إن نجح في قيادة بلاده إلى لقبها العالمي الأول، نتيجة الصورة السلبية التي ظهر بها في الدوحة بسبب تذمّره الدائم، ومطالبته باحتساب هدف له على حساب زميله برونو فرنانديز، أو حتى الاعتراض على قرار مدربه سانتوس باستبداله.

وبدا رونالدو كأنه عبء حتى على المنتخب الذي وجد نفسه مجبراً على التعامل يومياً مع أسئلة الصحافيين في شأنه بعد الهجوم الذي شنه على مانشستر يونايتد ومدربه إريك تن هاغ، ما دفع النادي الإنكليزي للتخلي عنه.

وبالنسبة للاعب بحجم رونالدو الذي كان صورة المنتخب لقرابة عقدين من الزمن بمبارياته الـ 195 وأهدافه الـ118 (رقم قياسي دولي)، أن تخوض بطولة بحجم كأس العالم وكثيرون يتحدثون عن ضرورة ألا يشركه سانتوس أساسياً كي لا يؤثر على أداء المنتخب، فهذا مؤشر كبير جداً على سوء وضع أفضل لاعب في العالم 5 مرات.

ووصل الأمر بصحيفة «آ بولا» البرتغالية إلى الخروج بعنوان «القليل من رونالدو، المزيد من البرتغال»، رغبة منها بأن يكون التركيز على المنتخب الذي يبقى تتويجه الوحيد في كأس أوروبا 2016.

والقليل من رونالدو أعطى فائدته في الدور ثمن النهائي ضد سويسرا، إذ بدأ سانتوس اللقاء من دون قائده البالغ من العمر 37 عاماً، ليتحرر المنتخب تماماً من «سطوته» ويخرج منتصراً على سويسرا 6-1 بفضل ثلاثية للاعب أقل شهرة بكثير بشخص غونزالو راموس.

وعلى المقلب الآخر، أظهر ميسي كعادته احترافية مطلقة وكان خير سند لمنتخب الأرجنتين الباحث عن تتويج أول منذ أيام مارادونا عام 1986، إذ لعب الدور الأساسي في تجاوزه صدمة السقوط افتتاحاً أمام السعودية، وقاده لثُمن النهائي ومن بعدها لربع النهائي، بعدما افتتح رصيده في الأدوار الإقصائية خلال المباراة الألف في مسيرته ضد أستراليا، رافعاً رصيده إلى ثلاثة أهداف في هذه النسخة وإلى 9 في النهائيات.

ويصر البعض على أن ميسي بحاجة إلى اللقب العالمي كي يحسم الجدل في شأن هوية «الأفضل في التاريخ»، وإزاحة بيليه أو مارادونا عن هذا الشرف، ولكن إذا ما نُظر لسجل ابن الـ35 عاماً فيمكن القول إنه تصعب المقارنة الإحصائية بينه وبين مواطنه الراحل أو معبود البرازيليين الراقد حالياً في المستشفى.

ويتصدر ميسي لائحة أفضل الهدافين في تاريخ بطولة من مقام الدوري الإسباني بـ474 هدفاً، وهو اللاعب الأكثر تهديفاً في موسم واحد (50)، والأكثر تمريراً للكرات الحاسمة في موسم واحد (21) وفي تاريخ «لا ليغا» (193)، كما أنه أكثر لاعب سجل ثلاثيات في الدوري (36)، واللاعب الوحيد الذي سجل 20 هدفاً أو أكثر لـ13 موسماً متتالية.