تعتبر القيم إحدى أهم الركائز في كل مجتمع، حيث لها الدور الرئيس في حماية أفراد المجتمع من مختلف الآفات التي تسللت إلى جسد المجتمع والأمة، وقد تصبح كالسرطان الذي ينهش الجسد السليم لتفتك به.
ومع السنوات يمر أي مجتمع بتغييرات عدة وقد تكون إلى الأفضل أو إلى الأسوأ. ولقد مر مجتمعنا الكويتي بتغيرات عدة خصوصاً بعد ظهور النفط، الذي لعب دوراً كبيراً في تحقيق قفزات عدة في كل المجالات، فلقد كنا نعاني من شظف العيش لقرون عدة إلى أن جاءت عوائد النفط التي عملت على جعل طبيعة الحياة سهلة ومتطورة بصورة كبيرة، كما أن انتشار التعليم وتطور الخدمات الصحية واتباع الحكومات القديمة على استعمال الأموال التي امتلكتها الكويت بعد بيع النفط الخام للارتقاء بحياة المواطنين. وتلك نقطة مهمة إذ إن هناك أكثر من دولة لديها النفط ومصادر طبيعية أخرى إلا أن الشعب لم يحصل على حقه بالاستمتاع بثرواته.
ولأننا دولة مطلة على البحر فإننا كنا ومازلنا منفتحين على مختلف الثقافات القريبة والبعيدة عنا، وقد تجلى ذلك بتأثر اللهجة الكويتية ببعض اللهجات العربية وبعض اللغات الأخرى، مثل الفارسية الهندية والسواحلية والإنكليزية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المطبخ الكويتي، إلا أن الإنسان الكويتي المبدع استطاع أن يضع بصمته في كل الأمور التي دخلت المجتمع.
ولقد حافظ المجتمع الكويتي على قيمه الإنسانية الشرقية الإسلامية العربية الكويتية رغم تعرضه مثل بقية دول العالم إلى تيارات كانت ومازالت تعمل على اقتلاع أو تشويه أو تفتيت تلك القيم تحت شعارات عدة مثل العولمة وحوار الحضارات والتطور الذي قد يكون ظاهراً إلا أنه قد يكون ليس تطوراً في العمق.
نعم نحن لا نعيش لوحدنا إذ إننا نتفاعل مع من حولنا في منطقة الخليج العربي التي شهدت حروباً جرفت أموال المنطقة، كما أننا نتعامل مع بقية دول العالم عبر التجارة ودراسة أجيالاً كثيرة في جامعات عريقة مازالت تقدم مفاهيم وقيماً قد لا تتماشى مع ثوابتنا الدينية والاجتماعية، إضافة إلى أن الكويت ضمت بعد اكتشاف النفط بعض الإخوة العرب والأجانب الذين عاشوا وعملوا في الكويت، وكان لهم دور فاعل في تطور المجتمع بصورة كبيرة، كما أنهم ساهموا في التأثير بالمجتمع بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة وهذا أمر طبيعي.
وعندما نحاول تحديد تلك القيم التي من شأنها أن تحمي المجتمع فإنه في كل جيل تجد من يتمسك بتلك القيم لأنه ينظر إليها بنوع من القدسية إلا أنه يوجد من لا يتمسك بها دون الإعلان عن ذلك، كما تجد من يتمرد على تلك القيم لأنه لا يجد بها ما هو مقدس ولعل هذا الأمر يجعل المجتمع يعيش حالة صراع بين المحافظين والحداثيين، مع التأكيد على وجود وحضور المستقلين بصورة كبيرة، ومنهم شريحة كبيرة من المعتدلين.
ومهما كانت التغيرات حاضرة في الكويت وهو أمر طبيعي إلا أن القيم الدينية والاجتماعية متأصلة في المجتمع الذي يمتلك أدواته للحماية من كل القيم السلبية الدخيلة، ولا يمكن تجاهل العوامل المؤثرة في المجتمع الكويتي مثل التعليم والسينما والإذاعة والمسرح والتلفزيون والفن التشكيلي والأدب بأجناسه المختلفة، كالشعر والقصة القصيرة والرواية ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وهناك دور مؤثر للمسجد والشارع والأصدقاء مع التأكيد على الميول والاتجاهات الخاصة بكل فرد نحو مختلف الأيديولوجيات التي قد تكون غير حاضرة بقوة قبل حقبة النفط، إذ كان المجتمع مجتمعاً محافظاً يعتز بقيمه.
ولقد شهد المشهد الفكري والثقافي والاجتماعي والسياسي في الكويت صراعات شملت جامعة الكويت وبعض جمعيات النفع العام وقد وصلت إلى أروقة المحاكم! إن التطرف الفكري صفة سيئة ولها مثالب كثيرة وقد تترك الأثر الكبير في المجتمع بشكل عام وفي فئة الشباب بشكل خاص رغم أن مجتمعنا كان ومازال يعيش معظم أفراده على الوسطية والاعتدال، وهما الأقرب إلى الفطرة الإنسانية، ولقد سقطت الكثير من الأقنعة والأسماء كل في مجاله لتضع أتباعهم في موقف لا يحسدون عليه.
همسة:
هناك مثل كويتي يقول ما يصح إلا الصحيح.