لفت بنك الكويت الوطني إلى تباطؤ أنشطة المبيعات العقارية في الكويت خلال الربع الثالث من العام الجاري، إذ انخفضت بنحو 25 في المئة على أساس سنوي، لتصل إلى 810 ملايين دينار، مسجلة أدنى مستوياتها المسجلة منذ الربع الرابع 2021.
وعزا «الوطني» في تقرير له هذا التراجع للانخفاض المستمر في مبيعات القطاع السكني وتباطؤ مبيعات القطاعين الاستثماري والتجاري، وذلك على الرغم من أن هذين الأخيرين لا يزالان يحتفظان بمستويات أعلى من تلك المسجلة في الربع الثالث 2021.
وأفاد التقرير بأن هذه التطورات تشير إلى تلاشي طفرة الطلب على العقارات التي شهدناها في أعقاب الجائحة في 2021، منوهاً إلى أن تباطؤ وتيرة النشاط العقاري قد يرجع أيضاً لمجموعة من العوامل الموسمية، وارتفاع التقييمات، وتكاليف البناء، وتشديد الأوضاع المالية مع قيام البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم، إلا أن المبيعات استعادت بعضاً من الزخم في أكتوبر الماضي، إذ ارتفعت بـ20 في المئة على أساس سنوي، ما يشير إلى إمكانية تحسن المبيعات في الربع الرابع 2022.
ورغم تباطؤ وتيرة النشاط العقاري في الربع الثالث 2022، إلا أن تقديرات «الوطني» تشير إلى أنه من السابق لأوانه رؤية تلك التوجهات على أنها بداية لتحول دائم نحو مستوى أضعف من المبيعات، خاصة بالنظر إلى الانتعاش القوي خلال أكتوبر، والذي قد يشير إلى أداء أقوى في الربع الرابع من العام الجاري.
وبيّن التقرير أنه بالنظر إلى التوجهات المستقبلية، فإن المخاطر المحيطة بتوقعات السوق تأتي متوازنة نسبياً، إذ تشمل العوامل الإيجابية ارتفاع أسعار النفط، والنمو الاقتصادي غير النفطي المتوقع لعام 2023، وإمكانية تزايد الإنفاق الاستثماري، والذي من شأنه أن يدعم العمالة الوافدة (وبالتالي الطلب على الشقق)، واحتمال إصدار قانون الرهن العقاري الذي من شأنه أن يعزز الطلب على القطاع السكني، كما ستساهم التدابير الحكومية لتسريع وتيرة توزيع المساكن أيضاً في تخفيف الطلب المكبوت وتساعد السوق للتحرك بسلاسة أكبر. وفي المقابل، تشمل المخاطر التي تهدد آفاق النمو، انخفاض أسعار النفط، ما قد يؤثر على المعنويات، وارتفاع أسعار الفائدة الذي قد يؤثر على الطلب والأسعار، وارتفاع تقييمات القطاع السكني بصورة مستمرة ما يؤثر سلباً على الطلب، وزيادة تكاليف البناء التي من شأنها إعاقة نمو العرض، ما قد يبقي على ارتفاع الأسعار وتفاقم المخاوف المرتبطة بالقدرة على تحمل تكاليف القطاع السكني.
اتجاهات الأسعار
وبالنسبة لاتجاهات الأسعار في الربع الثالث 2022، فإنه وفقاً لتقديرات «الوطني» المستندة على بيانات المعاملات الرسمية، واصلت أسعار العقارات ارتفاعاتها (+4.8 في المئة على أساس ربع سنوي، +12.2 في المئة على أساس سنوي) في ظل زيادة أسعار الوحدات السكنية، والتي فاقت زيادات أسعار قطاع العقار الاستثماري.
وأوضح التقرير أن أسعار قطاع العقار الاستثماري قد تكون تأثرت بفتور الطلب خلال فترة الجائحة (خاصة بسبب انخفاض أعداد الوافدين)، فضلاً عن قرار رفع رسوم المرافق العامة على العقارات الاستثمارية الصادر في وقت سابق، إلا أنه من المحتمل أن يكون أثر تلك العوامل على الأسعار قد بدأ في الانحسار، مشيراً إلى أن قيمة مبيعات العقارات السكنية شهدت تراجعاً بـ46 في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث 2022 لتصل إلى 434 مليون دينار، وذلك على الرغم من أن المبيعات على أساس ربع سنوي لا تزال تتراوح في نطاق متوسط الخمس سنوات.
وأضاف «يبدو أن تأثير الطلب بعد الجائحة قد تراجع أخيراً فيما ساهم في تعزيز مشتريات القطاع السكني ودفعها لتتخطى أكثر من 800 مليون دينار في الربع الثالث 2021 (2.8 مليار دينار في عام 2021 بأكمله)، كما انخفض حجم الصفقات لأدنى المستويات المسجلة منذ الربع الثاني 2020 على خلفية حالة التباطؤ المعتادة خلال موسم الصيف، إذ تركز معظم النشاط في مدينة الكويت ومحافظتي حولي والأحمدي».
من جهة أخرى، واصلت أسعار العقارات السكنية ارتفاعها في الربع الثالث 2022 (+16.1 في المئة على أساس سنوي)، وارتفعت أسعار المنازل السكنية بنحو 15.4 في المئة على أساس سنوي، خاصة في محافظتي مدينة الكويت وحولي، وذلك نظراً لقلة المعروض وندرة الأراضي القابلة للتطوير، وفي المقابل ارتفعت أسعار الأراضي السكنية بـ16.9 في المئة على أساس سنوي خاصة في محافظتي الفروانية و«مبارك الكبير»، وأدى نمو أسعار المساكن بصفة إجمالية لاتساع فجوة التقييم مقارنة بالقطاع الاستثماري، وذلك لأن ارتفاع الأسعار قد يكون أحد العوامل التي خفضت الطلب على العقارات السكنية.
تكاليف البناء
وذكر التقرير أن الأسعار تأثرت أيضاً بضغوط جانب العرض، بما في ذلك تخصيص المزيد من قطع الأراضي في المناطق البعيدة نسبياً (مقابل المناطق الحضرية)، وارتفاع تكاليف البناء ونقص العمالة، لافتاً إلى أن خطة الحكومة الأخيرة لتطوير منطقة جليب الشيوخ حازت على ثقة المجتمع المحلي بفضل موقعها الإستراتيجي بالقرب من المشاريع الكبرى مثل مطار الكويت الجديد.
وأفاد بأنه على الرغم من أن هذا المشروع سيؤدي في النهاية لزيادة العرض والمساهمة في الحد من نقص العقارات السكنية على مستوى البلاد، إلا أنه قد يؤثر في المدى القصير على زيادة الطلب على العقارات في مناطق أخرى، ما قد ينتج عنه ارتفاع الأسعار نظراً لقلة العرض، منوهاً إلى أنه على الرغم من ذلك، فإن تشديد الأوضاع المالية مع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية والمحلية قد يساهم في التخفيف من بعض ضغوط الأسعار الناجمة عن الطلب في المستقبل.
العقار الاستثماري
وبين التقرير أن مبيعات قطاع العقار الاستثماري (أي الوحدات السكنية والمباني ذات الصلة والأراضي) بلغت 252 مليون دينار في الربع الثالث 2022 بنمو 7 في المئة على أساس سنوي، رغم تراجعها على أساس ربع سنوي، مشيراً إلى أن حجم الصفقات جاء أيضاً أقل من مستويات الربع الثاني 2022 (وإن كان أعلى من مستويات الربع الثالث 2021)، والذي يحتمل أن يكون قد تأثر بالعوامل الموسمية، فيما تم تنفيذ أكثر من نصف الصفقات في محافظة الأحمدي نتيجة لانخفاض التقييمات مقارنة بالمحافظات الأخرى.
من جهة أخرى، نوه التقرير إلى ارتفاع مؤشر أسعار قطاع العقار الاستثماري في الربع الثالث 2022 بـ7.6 في المئة على أساس سنوي في ظل ارتفاع أسعار قطع الأراضي (14.1 في المئة) والمباني (6.4 في المئة)، خاصة في مدينة الكويت وحولي، وشهدت أسعار الشقق نمواً بنسبة أقل بلغت 1 في المئة على أساس سنوي خلال الفترة نفسها.
56 في المئة انخفاضاً بمبيعات العقار التجاري
ذكر «الوطني» أن مبيعات العقارات التجارية في الربع الثالث 2022 انخفضت إلى 124 مليون دينار (-56 في المئة على أساس ربع سنوي)، إلا أنها قفزت بنحو 243 في المئة على أساس سنوي، مبيناً أن التراجع على أساس ربع سنوي يرجع إلى حد كبير لإعادة تعديل الأوضاع في أعقاب زيادة عدد الصفقات خلال الربع الثاني 2022 في منطقة صباح الأحمد الساحلية في شهر أبريل، والتي من غير المرجح أن تتكرر مرة أخرى بالمدى نفسه.
وانخفض حجم الصفقات على أساس ربع سنوي في الربع الثالث 2022، ما أدى لزيادة متوسط حجم الصفقات (+32 في المئة على أساس ربع سنوي، +106 في المئة على اساس سنوي)، فيما تعتبر عوامل المخاطر المتعلقة بطلب القطاع التجاري متوازنة إلى حد ما بالنظر إلى بيئة أسعار الفائدة المرتفعة من جهة، والتي يقابلها استمرار ارتفاع أسعار النفط وتوقعات النمو الاقتصادي من جهة أخرى.