تسعى السلطات العراقية لبناء سد لمعالجة مشكلة الجفاف ونقص المياه في شمال البلاد، في وقت يهدد فيه هذا المشروع الجديد بزوال قرى وأراض زراعية، وفقا لتقرير أعدته فرانس برس.

وذكر التقرير أن عشرات الآلاف من العراقيين مهددون بالرحيل بسبب مشروع بناء سد مكحول الذي تأمل الحكومة العراقية استكماله في غضون خمس سنوات، على نهر دجلة، على الحدود الإدارية ما بين محافظتي كركوك وصلاح الدين.

وتدافع السلطات عن المشروع الذي تؤكد أنه سيؤمن مخزونا مائيا لمعالجة النقص في ظل موجة جفاف حادة يواجهها العراق منذ ثلاث سنوات وتداعيات التغير مناخي. وشهد العراق في العام 2022 أسوأ سنة جفاف منذ نحو 92 عاما، حسب وزارة الموارد المائية.

لكن المجتمع المدني يعارض مشروع السد، مشيرا إلى آثار سلبية له تطال حوالى ثلاثين قرية تضم نحو 118 ألف نسمة، بالإضافة إلى تهديده للتنوع البيولوجي وعدد من المواقع الأثرية في المنطقة.



وقرية المسحك تقع على ضفاف دجلة وتمتاز بطبيعتها الخلابة ويعتمد مزارعوها على أرضها الخصبة الغنية بالمياه، لكن هذا سيتغير عند إكمال بناء السد، فمياه بحيرته التي ستتسع لثلاثة مليارات متر مكعب من المياه، ستغمر المنطقة التي يعيش فيها جميل الجبوري.


ويعاني العراق الذي يضم ثمانية سدود كبيرة، من انخفاض في منسوب الأنهار ويشكو من السدود المبنية في تركيا المجاورة التي تعيق تدفق المياه إلى أرض الرافدين.

وأطلق مشروع بناء سد مكحول عام 2001، لكنه توقف بسبب الغزو الأميركي في 2003 وخلال السنوات التالية بسبب التدهور الأمني في البلاد.

واستؤنف العمل في مشروع السد في 2021، عبر عمليات حفر وتحليل للتربة وبناء جسر يربط بين ضفتي نهر دجلة.

ودافع معاون محافظ صلاح الدين، رياض السامرائي، عن المشروع، مؤكدا أنه سيؤمن أيضا «محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة 250 ميغاواط، ونهرا إروائيا يغذي مساحات زراعية كبيرة لدعم الأمن الغذائي للبلد».

وشدد على أن «المصلحة العامة تتطلب إقامة هذا السد من أجل توفير تخزين مائي للعراق».

إلى ذلك، سيعمل السد على «درء خطر الفيضان» في حال ارتفع مستوى النهر، وفقا للسامرائي.

وقال المسؤول نفسه إن خمس قرى موجودة في موقع خزان السد، موضحا أنه «تم تشكيل لجنة من المحافظات والوزارات المعنية لتقديم تعويضات مناسبة للسكان» من أجل انتقالهم.

رغم ذلك، تنظر منظمات المجتمع المدني إلى المشروع من زاوية أخرى، فهي تحذر من آثار سلبية له قد تطال حيوانات ونباتات المنطقة، كما تحدث تقرير أعدته المنظمتان غير الحكوميتان «أنقذوا دجلة» و«حماة دجلة».

وأشار التقرير إلى تهديد للبيئة والمواقع الأثرية ومن بينها موقع أشور الأثري المدرج على لائحة التراث لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو).

وأعربت منظمة الهجرة الدولية في أغسطس الماضي، عن أسفها لعدم وجود «محاولات حوار» مع المجتمعات التي تسكن المنطقة.

وقالت في تقرير استنادا إلى دراسة أجرتها منظمة عراقية، إن «الأشخاص الذين أجريت معهم لقاءات من فلاحين وأصحاب أراض، يرون أن سد مكحول يمثل تهديدا خطيرا لمواردهم».