واشنطن، موسكو، لندن - أ ف ب، رويترز - تدعو الولايات المتحدة، أوكرانيا بشكل متزايد إلى الانفتاح على محادثات سلام مع روسيا، بينما أكد مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أنه سيكون من الصعب على قوات كييف استعادة الأراضي التي استولت عليها موسكو في الحرب.

وأشار رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال مارك ميلي الأربعاء، إلى أن الدعم الأميركي لم يتضاءل. لكنه قال إن كييف كانت في وضع جيد لبدء محادثات سلام، إذ تمكن جنودها من الوقوف في وجه روسيا.

وأوضح أن الروس يعززون الآن سيطرتهم على 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية وأن الخطوط الأمامية من مدينة خاركيف إلى مدينة خيرسون تشهد استقراراً.

ورأى ميلي أن «احتمال تحقيق نصر عسكري أوكراني، يقوم على طرد الروس من جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك من (...) شبه جزيرة القرم، واحتمال حدوث ذلك قريباً ليس كبيراً، من الناحية العسكرية».

وأضاف «يمكن أن يكون هناك حل سياسي حيث ينسحب الروس سياسياً، هذا أمر ممكن».

- لا ضغط أميركياً

وأكد البيت الأبيض، الجمعة أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هو وحده المخول الموافقة على فتح مفاوضات سلام، رافضاً أي فكرة عن ضغوط على كييف.

وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحافيين «قلنا أيضاً إن الأمر متروك للرئيس زيلينسكي ليقول ما إذا كان مستعداً للمفاوضات ومتى وما الشكل الذي ستتخذه تلك المفاوضات».

وأضاف «لا أحد في الولايات المتحدة يشجعه أو يصر عليه أو يدفعه إلى طاولة المفاوضات».

لكن في وقت سابق من هذا الشهر، قال زيلينسكي إنه لم يعد يطالب برحيل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبدء المفاوضات، وهو تغيير في المسار جاء بعد ضغوط من البيت الأبيض.

- مثل الحرب العالمية الأولى

ولايزال دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا قوياً.

فقد طلب البيت الأبيض الأسبوع الماضي، من الكونغرس الإفراج عن 38 مليار دولار إضافية لدعم كييف.

لكن في الوقت نفسه، لم يعارض البيت الأبيض تصريحات الجنرال ميلي الذي أشار الأسبوع الماضي في نيويورك إلى أن أوكرانيا تكبدت مئة ألف قتيل وجريح في ساحة المعركة - وهو عدد قريب من تقديرات الجيش الروسي - وبالإضافة إلى سقوط 40 ألف ضحية في صفوف المدنيين.

وتوقع الجنرال ميلي أن يرتفع هذا الرقم إذا استمرت أوكرانيا في القتال في محاولة استعادة حدود ما قبل عام 2014.

وقارن ميلي بشكل خاص الوضع بالحرب العالمية الأولى، عندما كان المعسكران غارقين في صراع أودى بحياة مليون شخص بين أغسطس وديسمبر من عام 1914، مع استقرار خط المواجهة ورفض إجراء مفاوضات سلام.

وبعد مضي أربع سنوات على ذلك التاريخ، وفي نهاية 1918، كان قد سقط 20 مليون قتيل.

وقال «لذلك عندما تكون هناك فرصة للتفاوض وعندما يمكن تحقيق السلام، يجب اغتنامها».

- طريقة ديبلوماسية

وأثارت تعليقات ميلي مخاوف من أن الولايات المتحدة قد ترغب في إعادة النظر في هدف كييف المتمثل في استعادة جميع الأراضي التي تحتلها روسيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم ودونباس، التي فقدت أوكرانيا السيطرة عليها في عام 2014.

ويقول تشارلز كوبشان، الأستاذ في جامعة جورج تاون الأميركية، إن إدارة الرئيس جو بايدن ربما تحاول التأكد من أن الباب لايزال مفتوحاً للمفاوضات، وأن ميلي هو ببساطة «أكثر تطلعاً نحو المستقبل».

وأضاف «لا أعتقد أن هذا سابق لأوانه. أعتقد أنه من الحكمة وأن على الروس والأوكرانيين الإبقاء على إمكانية وجود قناة ديبلوماسية».

وهي أيضاً إشارة لزيلينسكي الذي تختبر تصريحاته، صبر بعض الحلفاء.

وتابع كوبشان «من المفهوم أن زيلينسكي يشعر بالتوتر ويقول أشياء لا يحبها الحلفاء بالضرورة».

وقال إن البيت الأبيض يسعى إلى استباق أي ضغوط من الحلفاء الأوروبيين لإنهاء الحرب قبل أن تصبح كييف جاهزة لذلك.

وذكر أن «إدارة بايدن ترى التحرك ببطء لضمان أن يظل الإجماع عبر الأطلسي قوياً».

قصف محطة زابوريجيا

ميدانياً، تبادلت روسيا وأوكرانيا الاتهام، أمس، بقصف محطة زابوريجيا النووية التي تسيطر عليها موسكو في جنوب أوكرانيا.

وذكر الجيش الروسي في بيان، أن كييف «لا توقف استفزازاتها الهادفة إلى إثارة خطر وقوع كارثة هي صنيعة البشر في محطة زابوريجيا للطاقة النووية».

ولفت إلى أن مستويات الإشعاع في المحطة «لا تزال طبيعية»، رغم القصف الأوكراني أول من أمس وأمس، بنحو 20 «قذيفة من العيار الثقيل» للمحطة.

وجاء في البيان أيضاً أن هذه القذائف انفجرت بين وحدتي الطاقة رقم 4 و5 واستهدفت سطح «مبنى خاص» يقع قرب هذه الوحدات.

ويضمّ هذا «المبنى الخاص» مستودعاً للوقود النووي، حسب ما قال رينات كرتشا، المسؤول في شركة إنتاج الكهرباء النووية الروسية «روزنرغوأتوم»، وفق ما ذكرت «وكالة تاس للأنباء».

من جهتها، اتهمت وكالة الطاقة النووية الأوكرانية «إنيرغوأتوم»، روسيا بقصف منطقة المحطة النووية.

وأعلنت أنه «نتيجة للقصف الروسي، سجّلت 12 ضربة على الأقلّ في موقع محطة زابوريجيا للطاقة النووية»، متهمة القوات الروسية «مرة أخرى (...) بتعريض العالم بأسره للخطر».

وتحدّث المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، أمس، عن وقوع «انفجارات قوية».

وقال في بيان «الخبر مُقلق جداً. حصلت انفجارات في موقع هذه المحطة للطاقة النووية الكبيرة، وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق... أيا كان من يقف وراء ذلك، يجب أن يتوقف على الفور. كما قلت مرات كثيرة قبل ذلك، أنتم تلعبون بالنار!».