انطلقت أول من أمس، في الصحراء الجزائرية قرب الحدود مع المغرب، مناورات عسكرية مشتركة روسية - جزائرية، تستمر حتى 28 نوفمبر الجاري. وتعدّ، بحسب مراقبين، الأضخم منذ إرساء التعاون العسكري في عهد الاتحاد السوفياتي سابقاً.
وأطلقت وزارتا الدفاع على المناورات اسم «درع الصحراء 2022»، وتشهد مشاركة 200 عسكري من قوات مكافحة الإرهاب، في قاعدة حماقير العسكرية في محافظة بشار (800 كيلومتر كلم جنوب الجزائر العاصمة و50 كلم عن الحدود مع المغرب).
وفي حين قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن التدريبات «ليست موجهة ضد طرف ثالث، وقد تم التخطيط لها من قبل»، أوردت صحيفة La dépêche الفرنسية، أن المناورات المشتركة التي بدأتها قوات مكافحة الإرهاب الجزائرية والروسية بالقرب من الحدود المغربية، تأتي في سياق توترات مع الرباط والحرب في أوكرانيا.
وتابعت الصحيفة أن التعاون الروسي - الجزائري يشمل أيضاً المستوى الصناعي، حيث تستورد الجزائر عددا كبيرا من المعدات الروسية بفضل زيادة ميزانيتها الدفاعية بنسبة 130 في المئة في عام 2021.
وأكد مكتب الإعلام لـ«المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية»، أن المناورات «عبارة عن تحركات تكتيكية للبحث عن الجماعات المسلحة غير الشرعية، والكشف عنها وتدميرها»، وهي الأولى على الأراضي الجزائرية بين الجيشين.
يذكر أن بشار، كانت أحد معاقل الجماعات المتشددة في تسعينيات القرن الماضي، وشهدت مواجهات مسلحة كبيرة.
ويرى معظم الخبراء والمراقبين الدوليين المختصين في مجال التسلح العسكري، أن «مناورات بشار ليست سوى رسالة من موسكو للغرب، تريد من خلالها البرهنة على قدرتها على الانتشار عسكرياً بالقرب من العمق الترابي للمصالح الغربية في غرب البحر الأبيض المتوسط. كما ان اختيار هذه المنطقة بالذات، يعتبر أمراً غريباً ومناقضاً لما صرحت به الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية بأن المناورات المشتركة لا تستهدف أي دولة ثالثة».
«كما أن العلاقة القوية بين الجزائر وروسيا على المستوى الجيوسياسي، والتي تسارعت وتيرتها بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، دليل تأكيد على موالاة الجزائر لروسيا، بما لا يدع مجلاً للشك»، وفق الخبراء.
ويضيفون «ان ذلك ما يقوي التناقض بين الخطاب الجزائري الرسمي الداعي إلى عدم الانحياز والحياد من جهة، وواقع الأمر على الأرض الذي يؤكد وجود تحالف قوي بين الجزائر وروسيا من جهة أخرى».
في هذا الإطار، فإن موسكو تعتبر الجزائر جبهة متقدمة في استراتيجيتها للمواجهة العسكرية مع الغرب، والتي ستلجأ إليها، لتزويدها بمجال لقواتها العسكرية الضاربة، حيث سيجعل ذلك من الحدود الجزائرية - المغربية، خط تماس بين منطقة التأثير الغربية وفضاء ونفوذ القطب السوفياتي السابق.
وبحسب المراقبين، فإن «هذا التوافق الواضح للجزائر مع المواقف الروسية يوجب على الدول الغربية مراجعة إستراتيجيتها وشراكاتها مع هذا النظام، الذي تتعارض مواقفه مع مصالح الغرب الجيوسياسية، حيث تستمر الجزائر في الاستفادة من الأرباح المالية لعقود الطاقة مع الدول الغربية بينما تواصل هي في تعزيز تعاونها العسكري مع موسكو في ظل الحرب ضد أوكرانيا والقطب الغربي».
ويرى الخبراء، أن «هذا التقارب العملياتي، سيدفع لا محالة الدول الغربية إلى مراجعة علاقاتها مع الجزائر التي لعبت كذلك دوراً مهماً في تسهيل التواجد العسكري الروسي في عدد من الدول الأفريقية».
من جهتها، كتبت «وكالة سبوتنيك للأنباء» الروسية، أن الجيش الجزائري يمتلك قوة بشرية تقدر بـ465 ألف جندي؛ بينهم 135 ألفاً، قوات احتياطية، و200 ألف قوات شبه عسكرية، بالإضافة إلى 130 ألفاً يمثلون قوات عاملة.
وذكرت أن الاتصالات العسكرية «تشهد وتيرة سريعة في ظل تكثيف التعاون الثنائي الصناعي»، لافتة إلى أن الجزائر «باتت أول مستورد للسلاح الروسي في العالم».
ونقلت عن «الصحافة الجزائرية» أن وزارة الدفاع الجزائرية أبرمت في المدة الأخيرة صفقة لشراء سلاح روسي بقيمة 11 مليار دولار.
ووصفت «سبوتنيك» الجزائر بـ«حليف استراتيجي وشريك صديق لروسيا، تربطهما علاقات تاريخية وطيدة منذ عقود، وهي تحاول اليوم تغيير وإصلاح كثير من السياسات القديمة، التي كانت ذات اتجاه واحد أوروبي إلى حد ما، وذلك بإعادة فتح مجالات عديدة للتقارب الدولي مع شركاء عدة».
تجدر الإشارة إلى انه «سبق لـ 27 برلمانياً أميركياً أن طالبوا وزير الخارجية أنتوني بلينكن، باتخاذ إجراءات انتقامية ضد الجزائر، بسبب تمويلها، من خلال عقود الأسلحة، لغزو روسيا، الأراضي الأوكرانية.