كان يفترض أن تفتح انتخابات منتصف الولاية الطريق أمام دونالد ترامب، لإطلاق ترشيحه للانتخابات الرئاسية لعام 2024، لكن بدلاً من ذلك انتهت الأمسية الانتخابية بـ «خيبة أمل» للرئيس السابق، بعدما عززت النتائج موقف منافسه الجمهوري الرئيسي حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، الذي قال «مازال أمامنا الكثير الذي يتعيّن علينا القيام به... بدأت معركتي للتو».

وفي المعسكر الديموقراطي، الذي تمكن من صد «الموجة الحمراء» الجمهورية، بات حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم، يمثل تهديداً لا يمكن تجاهله للرئيس جو بايدن.

وكان الرئيس السابق، الذي وضع ثقله شخصياً في الحملة الانتخابية، يحلم بانتصار ساحق للجمهوريين قبل «إعلانه الكبير جداً» الذي وعد به الأسبوع المقبل، والذي قد يكون ترشيحه للانتخابات الرئاسية، قبل أن يتم تأجيله، وفق مصادر جمهورية مطلعة.

لكن «المد الأحمر» المتوقع لم يتراجع كثيراً، رغم أن الجمهوريين انطلقوا لانتزاع الغالبية في مجلس النواب لان السيطرة على مجلس الشيوخ تبقى غير أكيدة، حت الآن.

وقال ترامب الأربعاء على شبكته Truth Social «رغم إن انتخابات الأمس (الثلاثاء) كانت مخيبة للآمال إلى حد ما من وجهة نظري الشخصية، فإنها شكلت انتصاراً كبيراً».

لكن الانتصار المدوي من جانب الجمهوريين كان فوز ديسانتيس، أبرز خصم محتمل لترامب في السباق للانتخابات التمهيدية للجمهوريين عام 2024.

وفي إشارة واضحة إلى أن ترامب مدرك تماماً للواقع الجديد، قرر الخروج عن صمته، بتعليق يراه كثيرون «غير موفق»، وذلك بتحذير ديسانتيس من الترشح للرئاسة.

واعتبر أن ديسانتيس «سيرتكب خطأ فادحاً»، وأن «القاعدة الجماهيرية لن تحب الأمر» كما أنه «سيلحق الضرر بالحزب الجمهوري».

وفي حدث منفصل في ولاية بنسلفانيا، أشار ترامب إلى ديسانتيس بـ«Ron De-Sanctimonious» أي رون «مدعي الورع والتهذيب»، ما أثار انتقادات من قبل المحافظين.

لكن الرئيس السابق أقرّ لاحقاً، بأن ديسانتيس «سيفوز على الأرجح حتى لو لم يحظ بتأييده الواضح والصريح»، وهو ما تحقق بالفعل.

ويرسخ فوز ديسانتيس (44 عاماً)، الكبير وضعه كالنجم الصاعد في الحزب الجمهوري.

ووصفته مقالة نشرتها «فوكس نيوز» صباح الأربعاء بأنه «الزعيم الجديد للحزب الجمهوري».

وقال رئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش: «أعتقد أن الحاكم ديسانتيس هو الفائز الأكبر... ومن شبه المؤكد أنه سيصبح نقطة تجمع لكل شخص في الحزب الجمهوري يريد تجاوز ترامب».

كما أشادت صحيفة «نيويورك بوست»، على صفحتها الأولى، بفوز ديسانتيس، ووصفته في عنوانها «DeFUTURE»، في إشارة إلى أنه «يجسد المستقبل».

وفي صحيفة «وول ستريت جورنال»، نشر مجلس التحرير المحافظ مقالاً يعلن «تسونامي ديسانتيس في فلوريدا».

وكتب: «... يمكنك أن تراهن على أن ترامب كان يراقب بحزن».

ولدى سؤاله الأربعاء عن التنافس بين ترامب وديسانتيس، قال بايدن «سيكون من المسلي مشاهدتهما يتعاركان».

«أداء سيئ»

قبل الانتخابات، عبر زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل عن قلقه من «نوعية» المرشحين الذين دفعهم ترامب إلى الواجهة.

فقد فشل الجراح النجم التلفزيوني محمد أوز، الذي رشحه الرئيس السابق في الفوز بمقعد أساسي لعضوية مجلس الشيوخ في بنسلفانيا، حيث هزم أيضاً المرشح المحافظ جداً والمناهض للاجهاض دوغ ماستريانو، الذي كان موجوداً أثناء الهجوم على مبنى الكابيتول، في معركة منصب حاكم الولاية.

قد يكون ترامب فقد هالته كـ «صانع ملوك» رغم استثناء واضح في أوهايو، مع فوز جي دي فانس بمنصب سناتور.

وبحسب جون روغوفسكي، استاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، فإن انتخابات منتصف الولاية كانت عموماً في مصلحة المعارضة «وما كان يجب ان تكون بهذه الصعوبة للجمهوريين» ولا سيما في إطار من تضخم شديد يترافق مع تراجع شعبية الرئيس جو بايدن.

ورأى أن «أداء العديد من المرشحين» المدعومين من ترامب «كان سيئاً». في المقابل فاز بعض أشد أعدائه.

فقد احتفظ بريان كمب، المعارض علناً لترامب الذي يأخذ عليه دوره في المصادقة على انتخابات 2020 بمنصبه كحاكم جورجيا.

هذه النتائج تظهر انه «يمكن لشخص ما أن يكون محافظا ولديه مبادئ ومعارضا لترامب وأن يفوز» كما قال بيتر لوج الاستاذ في جامعة جورج واشنطن.

وقال جيف دانكان، نائب الحاكم الجمهوري لجورجيا والذي ينتقد الرئيس السابق، لشبكة «سي إن إن» الأربعاء، «آن الأوان للانتقال الى أمر آخر».

وفي سكوتسديل - ولاية أريزونا، عبر بعض الناخبين الجمهوريين عن رأيهم بالرئيس السابق. وقالت ليزا كريستوافر لـ «فرانس برس»، «نفضل شخصاً أقل إثارة للانقسام. ترامب لديه ذلك من أجل غروره فقط».

وترى المرأة الستينية، والتي تدير تجارة صغيرة للمبيعات على الإنترنت، ان ديسانتيس هو «سياسي أفضل وأكثر اعتدالاً ويمكنه إقناع المزيد من الناس بالعمل معه».

وقال بوب نولان، وهو مناصر آخر للجمهوريين، إن ترامب «قام بعمل ممتاز وهو من كنا نحتاجه» في 2016 لكنه «ضالع في العديد من القضايا»، معتبراً أن «دي سانتيس أكثر واقعية ومستعد للمنافسة» في 2024.

وصباح الأربعاء، كان الرئيس السابق «غاضباً» و«يصرخ على الجميع»، كما قال أحد مستشاريه لشبكة «سي إن إن»، رافضاً الكشف عن اسمه.

لكن ترامب نفى ذلك في حديثه مع «فوكس نيوز»، وقال رداً على سؤال حول فرص إبقاء «إعلانه الكبير» المرتقب في 15 نوفمبر «لماذا نغير أي شيء»؟، قبل أن تشير مصادر إلى تأجيله.

وهو ترشيح سيهدف قبل كل شيء الى قطع الطريق أمام منافسيه المحتملين في 2024، بحسب روغوفسكي.

وفي التاريخ نفسه أيضاً، سينشر منافس آخر لترامب، نائبه السابق مايك بنس مذكراته، وقد ظهر بعض منها في «وول ستريت جورنال» الاربعاء، ويروي فيها الضغوط التي تعرض لها لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2020.

ولدى سؤاله الأربعاء عن التنافس بين ترامب وديسانتيس، قال الرئيس جو بايدن «سيكون من المسلي مشاهدتهما يتعاركان».

غافين نيوسوم

على الجانب الديموقراطي، ذكرت صحيفة «بوليتيكو» أن الغالبية الساحقة من سكان كاليفورنيا لا يريدون أن يسعى بايدن إلى فترة ولاية أخرى ويرون الحاكم نيوسوم (55 عاماً) منافساً رئيسياً لخلافته.

وأوضحت أن بايدن لطالما كان على أرضية سياسية هشة، حيث أبلغ الديموقراطيون عن إحباطهم من رئيسهم وطالبوا ببديل.

واعتبرت «بوليتيكو» أن هذا الوضع أوجد فرصة للديموقراطيين الطموحين مثل نيوسوم، الذي نفى الاهتمام بالسعي للرئاسة في 2024، بينما كان يعمل بجد لتوسيع ملفه الوطني.

وأكد استطلاع جديد أجراه معهد بيركلي للدراسات الحكومية على الناخبين في كاليفورنيا الخطر الذي يواجه بايدن وإمكانية فوز نيوسوم.

وتم ربط نيوسوم والسناتور الديموقراطي بيرني ساندرز عن ولاية كاليفورنيا - الذي احتل المركز الأول في انتخابات كاليفورنيا التمهيدية لعام 2020 - باعتباره الخيار الأول للناخبين الديموقراطيين والمستقلين ليحل محل بايدن، تلته نائبة الرئيس كامالا هاريس.

لكن النسبة الأكبر من الناخبين لم تحسم أمرها في إشارة إلى الحالة الغامضة لسباق انتخابات 2024.