أطلق البنك الدولي، اليوم الأربعاء، من دولة الكويت تقريره حول آخر المستجدات الاقتصادية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (خريف 2022) متوقعا تسارع النمو الاقتصادي المحلي خلال العام الجاري ليبلغ 5ر8 في المئة على أن يسجل رصيد المالية العامة فائضا بنسبة 1ر1 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
واستعرض (البنك) تقريره (فرص النمو الأخضر في دول مجلس التعاون الخليجي) في مقر الهيئة العامة للاستثمار الكويتية بالتعاون مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية بحضور مسؤولين من البنك وعدد من سفراء الخليج في البلاد. وتوقع البنك في تقريره ارتفاع معدلات نمو القطاع غير النفطي المحلي بنسبة 7ر7 في المئة العام الجاري مع توسعه في 2023 مع تراجع النمو الاقتصادي المحلي إلى 5ر2 في المئة بالمتوسط عامي 2023 و2024.
كما توقع أن يعوض ارتفاع عائدات النفط «فاتورة الواردات الكبيرة» وأن يؤدي ذلك إلى فائض كبير في الميزان الخارجي للبلاد بنسبة 6ر28 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2022.
ووفقا للتقرير من المقرر أن يواصل الاقتصاد الكويتي التعافي من الانكماش الذي أحدثته جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) مدعوما بانتعاش القطاع النفطي «إذ ارتفعت أسعار النفط ومستويات الإنتاج في الكويت بنسبة 3ر59 و 5ر13 في المئة على التوالي خلال الأشهر السبعة الأولى من 2022».
وذكر أن صادرات النفط الكويتية ارتفعت بنسبة 81 في المئة خلال الربع الأول من العام ما أدى إلى توسيع فائض الحساب الجاري بنسبة 270 في المئة والمقدر بلوغه 5ر28 في المئة من إجمالي الناتج المحلي خلال نفس الفترة.
ووفقا للتقرير يدعم قطاع النفط النمو مع بدء تشغيل المزيد من الطاقة الإنتاجية من مصفاة الزور خلال 2023 رغم الإشارات إلى اتباع نهج أكثر حذرا في الإنتاج المقرر من تحالف (أوبك بلس).
في هذا الصدد استعرض (الاقتصادي الرئيسي) في البنك الدولي إسماعيل رضوان و(كبير الاقتصاديين) في البنك خالد الحمود أبرز نقاط التقرير وآخر المستجدات الاقتصادية الخليجية من خلال تقديمهما (تحديث أهم التطورات والتحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي).
وأشارا إلى توقعات التقرير بنمو اقتصادات دول مجلس التعاون بنسبة 9ر6 في المئة عام 2022 قبل أن تنخفض إلى 7ر3 و4ر2 في المئة عامي 2023 و2024 على التوالي مع استمرار الأنشطة غير النفطية في دعم النمو مدعومة بزيادة الاستثمارات والاستهلاك الخاص.
وتوقعا وفقا للتقرير أن تظهر دول مجلس التعاون الخليجية أداء «قويا» هذا العام وسط معدلات تضخم «منخفضة نسبيا» مقارنة بالدول الأخرى ذات الدخل المرتفع.
وذكرا أن التحدي المتمثل في تنويع الاقتصاد لا يزال قائما أمام دول الخليج في ظل «تقدم محدود» في الاقتصاد غير النفطي.
وأكدا أهمية مواصلة الإصلاحات الهيكلية للمساعدة في رعاية القطاع الخاص ليصبح قادرا على المنافسة في وقت توجد «فرصة ممتازة» لزيادة تنويع الاقتصاد باستخدام استراتيجية (النمو الأخضر) عبر استخدام المكاسب الإضافية من أسعار النفط المرتفعة لبدء صناعات خضراء جديدة عالية النمو من شأنها المساعدة في النمو بنسبة إضافية تتراوح ما بين 3 و 6 في المئة.
وأوضحا أن الدول الخليجية ستسجل «فائضا مزدوجا قويا» في عام 2022 وأيضا على المدى المتوسط مدفوعا بارتفاع أسعار النفط والغاز متوقعان أن يسجل رصيد المالية العامة لدول المجلس فائضا بنسبة 3ر5 في المئة في إجمالي الناتج المحلي في 2022 «كأول فائض يسجل منذ عام 2014».
==
فرص التحول الاقتصادي إلى «النمو الأخضر»
أكد مسؤولون اقتصاديون أهمية تعزيز فرص التحول الاقتصادي إلى (النمو الأخضر) ومواكبة المبادرات العالمية والممارسات الصديقة للبيئة وصولا إلى (الحياد الكربوني).
من جانبه أكد العضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار غانم الغنيمان في كلمة أمام الحفل مضي الهيئة قدما في اتجاه نقل محفظتها 100 في المئة نحو التوافق مع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (إي.أس.جي).
وأشار الغنيمان إلى حرص دولة الكويت على التحول إلى (النمو الأخضر) مشيرا إلى نتائج مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 27) الذي أقيم أخيرا في مدينة شرم الشيخ المصرية وإعلان الكويت التزامها بأن تصبح دولة «محايدة للكربون» في قطاع النفط والغاز بحلول 2050.
ولفت إلى جهود دول مجلس التعاون الخليجي للحد من انبعاثات الكربون والتزامها بمبادرة (الشرق الأوسط الأخضر) التي أطلقها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان العام الماضي ما يعزز فرص (النمو الأخضر) في هذه البلدان.
وقال إن صندوق الأجيال القادمة الذي تشرف عليه (الهيئة) والعائد تأسيسه إلى عام 1976 «يهدف بشكل رئيس في تنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط».
وأضاف أن الهيئة العامة لديها سجل حافل في المشاركة بالمبادرات المتعلقة بالمناخ والبيئة منها تأسيس مبادرة (الكوكب الواحد لصناديق الثروات السيادية) إلى جانب 46 كيانا استثماريا حول العالم تعنى بإدارة نحو 40 تريليون دولار أميركي لافتا إلى تعهد الهيئة بتقديم الدعم اللازم لفريق العمل المعني بالافصاحات المالية المتعلقة بالمناخ (تي.أس.أف.دي) عام 2020 ضمن أصول مدارة تبلغ نحو 150 تريليون دولار.
وأشار إلى مشاركة الهيئة في مبادرة (الأسواق المستدامة) عام 2021 ضمن أصول تخضع للإدارة تبلغ نحو 40 تريليون دولار فضلا عن استعراض مجلس إدارة الهيئة تقارير ربع سنوية عن المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة (إي.أس.جي) مع التركيز على التغيرات المناخية.
من جهته قال الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية الدكتور خالد مهدي في تصريح للصحافيين على هامش مشاركته في ندوة أقيمت بحفل إطلاق تقرير (البنك) إن العالم يواجه أزمة تتمثل في مكافحة تغير المناخ والاحتباس الحراري «ويبدو ذلك واضحا من خلال الظواهر التي تحدث من حرائق للغابات والفيضانات وارتفاع منسوب المياه وغيرها».
وأكد مهدي إلزامية مكافحة التغير المناخي والاحتباس الحراري ودعم الجهود العالمية كافة في الإسراع بالتحول إلى (النمو الأخضر) عن طريق التقليل من استخدام الكربون في الاقتصاد العالمي.
وحول نمو الاقتصاد المحلي قال إن توقعات البنك الدولي تشير لتحقيق دولة الكويت «نموا قويا» في عام 2022 يقدر بنحو 5ر8 في المئة موضحا أن التقرير يتناول أحدث المستجدات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي ويركز على فرص النمو الأخضر في دول الخليج فضلا عن استعراض آخر التطورات في التعافي من جائحة فيروس (كورونا المستجد).
وفي السياق لفت مهدي إلى أن دولة الكويت تنفذ عددا من المشاريع للاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 15 في المئة بحلول 2030 مع مراعاة مقدار الانبعاثات للغازات الدفيئة وفقا للاتفاقيات والمعايير الدولية في هذا الجانب مبينا أنه من ضمن هذه المشاريع مشروع مجمع (الشقايا للطاقة المتجددة) ومشروع (الدبدبة لتوليد الطاقة الكهربائية).
وذكر أن هناك جهودا بذلتها جهات كويتية عدة تحقق تطلعات رؤية كويت جديدة 2035 بإدخال الطاقة المتجددة في إنتاج الطاقة الكهربائية مبينا أن الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية والرياح أصبحت «واقعا ملموسا» بعد ربط مشروع مجمع (الشقايا للطاقة المتجددة) بالشبكة الوطنية للكهرباء.
من ناحيته قال المدير الإقليمي لدائرة دول مجلس التعاون الخليجي بالبنك الدولي عصام أبو سليمان إن الفرصة «مواتية وممتازة» أمام دول الخليج لتنويع الاقتصاد بشكل أكبر باستخدام استراتيجية (النمو الأخضر) ولعب دور رائد في التحول العالمي إلى اقتصادات منخفضة الانبعاثات الكربونية.
وأضاف أبو سليمان أن المنطقة بإمكانها الاستفادة من التحول نحو «النمو الأخضر» لتركيز سياساتها على تطوير التقنيات الخضراء واليد العاملة الماهرة المرتبطة بها والتي من شانها أن تعكس الاتجاهات في الإنتاجية وأن تمكنها من النمو بوتيرة أسرع.
وأشار إلى التوقعات بوصول إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجية خلال 2022 إلى نحو تريليوني دولار على أن ينمو إلى نحو ستة تريليونات دولار بحلول 2050 مضيفا أن تبني استراتيجية (النمو الأخضر) ستساعد على التنوع الاقتصادي وتسريع وتيرته وبلوغ الناتج المحلي الإجمالي 13 تريليونا بحلول 2050.
وشارك في الندوة الى جانب الدكتور مهدي وأبو سليمان كل من عضو مجلس البلدي الكويتي شريفة الشلفان ورئيس مجلس الإدارة في شركة (أجيليتي) هنادي الصالح وأخصائي الطاقة والبيئة الإقليمي في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ستيفن جيتونجا.
يذكر أن تقرير البنك الدولي ينشر عن آخر المستجدات الاقتصادية الخليجية مرتين في العام ويقدم تحديثا لأهم التطورات الاقتصادية والتحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي كما يتضمن قسما خاصا يسلط الضوء على المواضيع التي تهم دول مجلس التعاون الخليجي.