من حق النائب الجديد الشاب حمد محمد المدلج أن يتقدم بطلب تعديل قانون التأمينات الاجتماعية وقانون الهيئة العامة للصناعة بهدف إقصاء ممثلي غرفة تجارة وصناعة الكويت عن مجلس إدارة كل منهما. فالمحاولة في إطار القانون مشروعة، والاجتهاد ولو كان خاطئاً لا يحرم من أجر.

ولكن ليس من حق النائب المحترم حمد محمد المدلج أن يبرر مقترحه بحماية المال العام، إلا إذا استطاع أن يقدّم البراهين الصحيحة والكافية لإثبات أن وجود ممثل للغرفة في مجلس إدارة هاتين المؤسستين قد أدى إلى الإضرار بالمال العام. فالمحاولة المشروعة يجب أن تقصد إلى هدف صحيح، والاجتهاد الذي يؤجر حتى لو كان خاطئاً هو الاجتهاد بنيّة طيبة. وكرامات الأشخاص والمؤسسات أغلى من أن يغمز من قناتها دون إثبات.

من حق النائب المحترم أن يبدأ نشاطه في تمثيل الشعب كله بتقديم المقترح الذي يشاء، ولكن من واجبه – مثله مثل كل نواب الأمة المحترمين – أن يقوم قبل تقديم الاقتراح بقراءة متأنية للقانونين اللذين يدعو إلى تعديلهما باتجاه معين، وأن يرفق المقترح بمذكرة قائمة على الرقم والتحليل والأحداث والوقائع، ولا تكتفي بالأقوال المرسلة والاتهامات غير المسندة. ولو فعل ذلك، لعرف أن الاتحاد العام للعمال ممثل أيضاً في مجلس إدارة مؤسسة التأمينات الاجتماعية، ولعرف أيضاً أن تمثيل هاتين الجهتين بعضو واحد لكل منهما هو من مظاهر الالتزام بمعاهدة فيلادلفيا والتمثيل الثلاثي المتكامل للحكومة وأصحاب العمل والعمال، وهي المعاهدة التي وقعتها دولة الكويت باعتبارها شرطاً أساسياً لقبولها في منظمة العمل الدولية.

ولو قام النائب المحترم بواجبه في القراءة والدراسة قبل التقدم بمقترحه، لعَلِم أن ممثل الغرفة في مجلس إدارة مؤسسة التأمينات هو واحد من أصل تسعة. وأن تحديد رئيس لجنة الاستثمار في المؤسسة يتم بانتخاب أعضاء المجلس وبموافقة وزير المالية، تبعاً لتوافر المؤهلات والخبرات اللازمة، ولا يتم اختيار رئيس لجنة الاستثمار من قبل الغرفة أو أي من الجهات الأخرى في مجلس الإدارة الذي يشكل تمثيل الجهات الحكومية فيه أكثر من الثلثين.

من حق النائب المحترم أن يدعو إلى إقصاء الغرفة إذا أثبت أن في ذلك خدمة للاقتصاد الوطني، ولكن ليس من حقّه أن يتهم مؤسسة التأمينات ولا هيئة الصناعة بأن عضواً واحداً في مجلس إدارتها يسيّر المجلس كله على هواه، خاصة وأن المجلسين يرأسهما وزيران.

إننا قد سررنا بفوز السيد المدلج بالمقعد الأخضر، وما زلنا مستبشرين بذلك، باعتباره شاباً نشطاً ومتطلعاً إلى الإصلاح. ولكن هذا لا يعني أن نلغي عقولنا ونأخذ بكل ما يدعو إليه دون وقفة تحليل للمضمون. فالإصلاح الذي نسعى إليه جميعاً يجب أن يقوم على احترام الحقيقة، وشفافية الهدف، والتزام العدل. وإلا جاء الإصلاح كقصور الرمال.

«... وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ»

صدق الله العظيم