على عكس المتوقع بهجرة عكسية لجزء من سيولة القطاع العقاري إلى القطاع المصرفي على شكل ودائع، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة خلال الأشهر الأخيرة، فإن رصداً أجرته «الراي» للأرقام الصادرة عن بنك الكويت المركزي أظهر عكس ذلك، أقله حتى نهاية أغسطس الماضي.

ووفقاً للرصد، بلغ إجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة لغرض عقاري، والمقسمة وفقاً لإحصائيات «المركزي» إلى 3 أصناف هي القروض الإسكانية والعقارية والممنوحة للإنشاء، نحو 26.794 مليار دينار في نهاية أغسطس، بزيادة بلغت 1.173 مليار مقارنة بمستواها في نهاية فبراير الماضي البالغ 25.621 مليار.

وتُظهر الأرقام أن إجمالي القروض العقارية ارتفع بنحو 4.58 في المئة خلال 6 أشهر، مقارنة بزيادتها 704 ملايين وبما نسبته 2.93 في المئة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، من 24.057 مليار دينار في نهاية فبراير 2021 إلى 24.761 مليار في نهاية أغسطس من العام نفسه، ما يعني أن وتيرة النمو في القروض العقارية تسارعت خلال الفترة بين نهاية فبراير وأغسطس من العام الجاري، رغم زيادة «المركزي» لسعر الخصم خلال الفترة نفسها بواقع 5 مرات، وذلك من 1.5 في المئة إلى 2.75 في المئة، ما يطرح تساؤلاً مستحقاً حول أسباب استمرار وهج القطاع العقاري ونمو قروضه رغم ارتفاع الفائدة.

3 أصناف

وإلى ذلك، شكلت القروض العقارية بأصنافها الثلاثة نحو 58.16 في المئة من إجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة للمقيمين في نهاية أغسطس الماضي البالغة 46.071 مليار دينار، فيما بلغت القروض العقارية الجديدة الممنوحة خلال الفترة من نهاية فبراير إلى نهاية أغسطس الماضيين نحو 1.173 مليار، شكلت نحو 61.83 في المئة من إجمالي زيادة التسهيلات الائتمانية خلال الفترة نفسها البالغة 1.897 مليار، فيما بلغت الزيادة بالقروض الإسكانية نحو 836 مليون دينار شكلت 71.28 في المئة من إجمالي ارتفاع القروض العقارية خلال الفترة ذاتها، ما يُشير إلى أن استمرار الطلب الكبير على العقار السكني ورغبة المواطنين في تملك مساكن خاصة بهم يأتي في مقدمة أسباب نمو القروض العقارية رغم استمرار رفع الفائدة.

ووفقاً لبيانات «المركزي»، بلغت نسبة الزيادة في القروض الإسكانية نحو 5.73 في المئة خلال الفترة من نهاية فبراير إلى نهاية أغسطس الماضيين، فيما زادت التسهيلات الائتمانية الممنوحة لقطاع العقار بنحو 251 مليون دينار (+2.75 في المئة) إلى 9.383 مليار، في حين ارتفعت القروض المقدمة لقطاع الإنشاء بنحو 86 مليوناً وبما نسبته 4.55 في المئة لتبلغ 1.975 مليار في نهاية أغسطس 2022.

مضاربات وتطوير

وتعليقاً على ارتفاع القروض العقارية رغم زيادة أسعار الفائدة، قال الخبير العقاري سليمان الدليجان إنه على الرغم من أن رفع الفائدة وجّه بعضاً من السيولة إلى الودائع، إلا أنه ليس بالضرورة أن تتأثر جميع القطاعات العقارية بارتفاع سعر الخصم، حيث إن هناك مستثمرين ذوي ملاءة عالية يملكون عقارات مدرة للدخل، كمدارس وبنايات متنوعة يقومون برهنها للبنوك مقابل الحصول على قروض بمبالغ كبيرة لآجال طويلة يستثمرونها في السوق أكثر من مرة بغرض المضاربات، ما قد يدر عليهم عائداً يتراوح بين 10 و15 في المئة وقد يصل إلى 20 في المئة سنوياً في بعض الأحيان.

ولفت إلى أن هؤلاء المستثمرين الكبار قد يلجؤون إلى شراء أراضٍ وتطويرها خلال وقت قصير، ليحصلوا على عوائد عالية قد تصل إلى 20 في المئة، أو أنهم يشترون عمارات ومن ثم يعيدون بيعها بسعر أعلى يمكنهم من تسديد دفعات قروض البنوك وتحقيق أرباح في الوقت نفسه.

المتنفس الوحيد

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة أركان العقارية نائب رئيس اتحاد العقاريين، عبدالرحمن التركيت، إن السوق العقاري مازال محافظاً على قوته لأنه المتنفس الوحيد لجميع المحافظ الاستثمارية والشركات والأفراد، مشيراً إلى إبرام صفقات كبيرة وكثيرة خلال الفترة الماضية عززت من قيمة التداولات العقارية.

ونوه إلى أن التسهيلات الممنوحة لقطاع العقار الاستثماري زادت رغم ارتفاع أسعار الفائدة 5 مرات حتى أغسطس، مع توقعات بطرح الحكومة مشاريع تنموية جديدة من شأنها زيادة الطلب على الشقق، وبالتالي ارتفاع عوائد المستثمرين لنحو 8 في المئة، وبذلك فإنهم سيكونون قادرين على دفع دفعات قروضهم وتحقيق أرباح جيدة في الوقت نفسه.

وبيّن التركيت أن الإقبال على القطاع السكني قائم لأنه حاجة ملحة لاسيما في المناطق الممتدة من الدائري الرابع وحتى مدينة الكويت، حيث حافظت تلك المناطق على أسعارها، موضحاً أن رفع الفائدة لن يخفض الأسعار بل سيحافظ على ثباتها.

أكثر المتضررين

ذكر الدليجان أن هناك شريحة واسعة تقدم على الاقتراض حتى لو كانت الفائدة عالية، لاعتقادها الراسخ بأن العقار المدّر هو أفضل استثمار والأكثر أماناً في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهن.

وأشار إلى أن أكثر المتضررين من ارتفاع الفائدة هم الذين يمرون بأوضاع يضطرون معها للاقتراض بالمستويات الجديدة أو أولئك الذين لديهم قروض سابقاً وتمت إعادة جدولتها وفقاً للفائدة الجديدة في حين أن عقاراتهم متعثرة.