الغربة مُرة، بل هي أشد مرارة من القهوة أحياناً!
هذه فحوى الرسالة التي حملها نص الكاتب فيصل العبيد في مسرحية «لنشرب القهوة»، التي قدمتها فرقة مسرح الشباب أمس، ضمن فعاليات الدورة 22 لمهرجان الكويت المسرحي، المُقام برعاية وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري، وتحت مظلة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، خلال الفترة بين 20 و29 من شهر أكتوبر الجاري، من على خشبة مسرح الدسمة.
العرض أضاء على الهجرة من الأوطان أو التغرب في الفكر، وطرح الكثير من التساؤلات: فلماذا طلب منا مؤلف النص فيصل العبيد أن نشرب القهوة عوضاً عن أيّ مشروب آخر؟ بالتأكيد هناك مغزى من اختيار مشروب القهوة، لأن المتعارف عليه بأن القهوة عادة ما تأتي مُرّة، وهذا ما تأكد لنا فوق خشبة المسرح لشخصية الفنانة سماح، التي دخلت في مبارزة تمثيلية مع الفنان علي الحسيني لتسطر له معاناتها ودفاعها عن نفسها وشرفها لكن من دون فائدة، فدفعت ثمناً مراً يشبه طعم القهوة المرة.
توازن
في ما يتعلق بالسينوغرافيا، فقد جاءت مشوقة وملفتة ورائعة، حيث كان الديكور متماشياً مع طبيعة الحوار فوق الخشبة، وقد شاهدنا بساطة الديكور الذي تمحور حول مقهى يرتاده مختلف الشخوص بعقلياتهم المختلفة.
وجاءت الرؤية الإخراجية لمحمد المزعل سلسة بسيطة ومتوافقة مع طبيعة النص، وإن كان الظلام شغل نسبة كبيرة من المسرحية، لكن كان المتنفس باللجوء إلى الموسيقى والاستعراض. فتارة يتحوّل العرض إلى كوميديا خفيفة وتارة إلى استعراض وغناء، وطوراً إلى عمل جاد لا يحتمل التهميش. فهذا التوازن الذي صنعه مخرج العمل ليس بالأمر السهل، لكنه دليل على أن المخرج قارئ جيد، ويجيد الغوص في أعماق كل مشهد حواري مكتوب.
عمق الفكرة
أما الكاتب العبيد، فقدّم فكرة عميقة ليست مستهلكة، ومن الطبيعي تواجد رسائل ضمنية يريد أن يقول من ورائها ألف قصة ومليون حكاية، والمتابع لمشاركات العبيد السابقة، خصوصاً في المسابقات الرسمية للمهرجانات المسرحية، سيكتشف أن غالبية المخرجين الذين يتعاون معهم، عليهم أن يدركوا تماماً فلسفة النص التي يتعمدها كمؤلف.
مهارات عالية
أما بالنسبة إلى الأداء التمثيلي، فقدّم كل ممثل على حدة مهارات فنية عالية المستوى، خاصة الفنانين سماح وعلي الحسيني ويوسف الحشاش ومشاري المجيبل، فوجود هذه الأسماء يجعلنا كمتلقين على ثقة بأننا على موعد بمشاهدة معركة أداء طاحنة بين الممثلين، وفعلاً استمتع الجمهور بعمل جاد ومتقن، حمل رسالة مباشرة تدعو في المقام الأول إلى عدم هجرة الوطن والتغرب، سواء نحو بلدان أخرى أو حتى التغرب في الفكرة والمضمون.