أمام مدرسة في القدس الشرقية، احتج آباء فلسطينيون على ما يصفونها بحملة الرقابة الإسرائيلية التي فرضت على المناهج الدراسية.

ووضعت على طاولات كتب مدرسية في مختلف العلوم، تحتوي على فقرات حُذفت من النصوص المعدلة التي فرضتها السلطات الإسرائيلية على الطلاب الذين نشأوا في المناطق التي يسكنها العرب في المدينة.

ويتم تدريس تلك المناهج لهم في فصول الدراسة.

ونظم الاحتجاج يوم سبت أعقبه إضراب في المدارس ليوم واحد في منتصف سبتمبر.

وقالت أم يزن العجلوني وهي أم لأطفال في المدارس في أثناء توزيعها للنصوص غير المعدلة في مبنى ملحق بمدرسة الإيمان الابتدائية في حي بيت حنينا «المنهاج الفلسطيني بيدل علينا، على تراثنا، على دينا، على تاريخنا، على العقيدة اللي تربينا عليها، بدناش منهاج تاني ييجي يخرب التربية اللي إحنا ماشيين عليها».

وكان العشرات من الآباء قد تظاهروا خارج المدرسة يوم الاثنين الماضي حاملين لافتات كُتب عليها «لا لأسرلة التعليم».

ومن الأمثلة التي شاركها الفلسطينيون على وسائل التواصل الاجتماعي لنصوص حُذفت بعد تعديل السلطات الإسرائيلية للكتب المدرسية ما يلي: بيت شعر يشير إلى نقاط التفتيش الإسرائيلية من قصيدة من كتاب للغة العربية، ورسوم توضيحية لمفتاح، رمز اللاجئين الفلسطينيين من كتاب للرياضيات، وفقرة عن المعاهدات التي قسمت الشرق الأوسط في كتاب للجغرافيا.

وتقول إسرائيل إن الكتب المدرسية الفلسطينية بها محتوى يرقى إلى مستوى التحريض على الدولة الإسرائيلية وقواتها الأمنية.

وسعت في يوليو إلى إلغاء تراخيص مدرسة الإيمان وخمس مدارس أخرى، بعد أن منحتهم مهلة لسنة من أجل تبديل المناهج الدراسية التي كانت قد أقرتها السلطة الفلسطينية إلى النسخة المعدلة.

معارضة شديدة

احتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967 وضمتها لاحقا في خطوة لم تلق اعترافا دوليا.

وأعلنت المدينة بأكملها عاصمة أبدية وغير قابلة للتقسيم، وعزت ذلك إلى روابط دينية وسياسية وتاريخية.

فيما يسعى الفلسطينيون، الذين يشكلون 38 في المئة من سكان القدس ونحو خمسة في المئة منهم يتمتعون بحقوق المواطنة الإسرائيلية، إلى إعلان القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية تشمل الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

وتصدى الآباء والمعلمون لمحاولات متتالية منذ عام 1967 لإدخال المناهج الإسرائيلية في مدارس القدس الشرقية، واعتمد هذا الجزء من المدينة منهجا فلسطينيا في التسعينيات.

وكتبت وزيرة التعليم الإسرائيلية يفعات شاشا بيتون على تويتر الشهر الماضي أن المدارس هناك «تصور الجنود الإسرائيليين على أنهم قتلة وأن الإرهابيين الممجدين مجبرون على إصلاح محتواهم» أو سيفقدون تراخيصهم.

ومن بين التعديلات التي فرضتها البلدية الإسرائيلية في القدس الشرقية وتم الاستشهاد بها: تغيير سؤال يطلب من الأطفال تسمية الفلسطينيين المحتجزين في «سجون الاحتلال» بواحد يطالبهم بتسمية طائر السلام، وتغيير نص يتهم إسرائيل بتدمير التراث الفلسطيني وسرقة القطع الأثرية مرفق به خريطة لا توضح الدولة الإسرائيلية.

وقال مسؤول بالبلدية إن السلطات تؤيد استخدام الكتب المدرسية «التي تلتزم بمعايير يونسكو ولا تحرض على العنف».

كما أشار المسؤول إلى أن السلطات عرضت على المدارس خيار الاستعانة بالمنهج الإسرائيلي بدلا من فرضه، وهو خلاف يقول الجانب الفلسطيني إنه مضلل.

ووفقا لتقرير صدر عام 2016 عن الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية، وهي مؤسسة بحثية مستقلة مقرها القدس، استخدمت السلطات الإسرائيلية باستمرار الحوافز المالية للضغط على مدارس القدس الشرقية لتدريس المناهج الإسرائيلية.

وبحسب مسؤول البلدية، فإن 15 في المئة من طلاب القدس الشرقية يدرسون المنهج الإسرائيلي مقارنة بنحو ثلاثة في المئة قبل عشر سنوات.

وبالنسبة لولي الأمر طارق عكاش، فإن هذا التحول هو جزء من عملية يخشى أن تنتهي بمحو ذكرى الحدث الأساسي الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من هوية مجتمعه ألا وهي النكبة عندما تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين خلال حرب عام 1948 مع إعلان قيام دولة إسرائيل.

وقال في احتجاج يوم الاثنين الماضي إنهم لن يسمحوا بغسل أدمغة أطفالهم.