وقّع الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والجزائري عبدالمجيد تبون، أمس، إعلاناً مشتركاً من أجل «شراكة متجددة» بعد 60 عاماً من انتهاء الحرب واستقلال الجزائر.

وقال تبون عقب توقيع الإعلان في قاعة التشريفات بمطار هواري بومدين، إن زيارة نظيره الفرنسي «الناجحة» التي بدأت الخميس وانتهت أمس، «أتاحت تقارباً لم يكن ممكناً لولا شخصية الرئيس ماكرون».

وأضاف متحدثاً بالفرنسية «اتفقنا على مستقبل يهم الطرفين».

وينصّ «إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة» على رغبة البلدين في «افتتاح حقبة جديدة» وتبني «مقاربة ملموسة وبنّاءة تركز على المشاريع المستقبلية والشباب».

كما جاء فيه أن «الشراكة المميزة الجديدة» باتت «مطلباً يمليه تصاعد التقلبات وتفاقم التوترات الإقليمية والدولية».

ويرد أيضاً أنه «يوفر إطاراً لوضع رؤية مشتركة ونهج تنسيق وثيق لمواجهة التحديات العالمية الجديدة (الأزمات العالمية والإقليمية وتغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي والثورة الرقمية والصحة)».

إضافة إلى هذا الإعلان، أبرم عدد من اتفاقات التعاون شملت خصوصاً التعليم العالي والصحة والرياضة.

وأشار تبون إلى الاجتماع رفيع المستوى الذي جمع قادة أجهزة الأمن من الجانبين بما فيها الجيش، الجمعة، «للمرة منذ الاستقلال»، وقد انبثقت عنه قرارات مشتركة «لصائح بيئتنا الجيوسياسية».

وستنشئ باريس والجزائر «مجلساً أعلى للتعاون» على مستوى الرئيسين من أجل «تعزيز مشاوراتهما السياسية».

واعتبر الرئيس الفرنسي أن إعلان الجزائر سيتيح «تعزيز العلاقة المتقاربة من خلال إجراء حوار دائم حول جميع الملفات، بما في ذلك المواضيع التي منعتنا من المضي قدماً».

وقام خلاف عميق في الخريف في شأن مسألة الذاكرة حول الاستعمار الفرنسي (1830-1962).

وتقرر خلال الزيارة إنشاء لجنة مؤرخين مشتركة من أجل تسوية الخلافات ومواجهة الماضي «بشجاعة» على حد تعبير ماكرون، و»يمكن تنصيبها في غضون الـ15 إلى 20 يوماً المقبلة»، وفق تبون الذي أوضع أن عملها قد يستغرق عاماً قابلاً للتمديد.

وكان ماكرون، زار، في وقت سابق أمس، كنيسة واستوديو، سجلت فيها موسيقى بعض مشاهير الراي في وهران.

وزار ماكرون حصن وكنيسة سانتا كروز على مرتفعات وهران المطلة على ميناء وخليج ثاني أكبر مدينة في الجزائر.

ثم انتقل إلى «ديسكو مغرب»، حيث سجلت موسيقى الراي في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، قبل أن تنتشر في العالم بفضل مطربين مثل الشاب خالد.

هناك تناول ماكرون كوب شاي، وهو يتحدث مع صاحب المحل صانع نجوم الراي بوعلام بن حوا (68 عاماً) الذي أخبره أنه «سيتم تسجيل مواهب جديدة قريباً في الاستوديو».

واعتبر ماكرون الجمعة، أن العلاقات مع الجزائر «قصة لم تكن بسيطة أبداً، لكنها قصة احترام وصداقة ونريدها أن تبقى كذلك، وأجرؤ على القول إنها قصة حبّ».

وصدرت انتقادات للرئيس الفرنسي من قبل الطبقة السياسية الفرنسية من اليسار إلى اليمين المتطرف، بعد إعلان تشكيل لجنة المؤرخين، ما يشير إلى أن الجروح لم تندمل في المجتمع الفرنسي.

وفي الجزائر أيضاً، لم تكن الزيارة محل إجماع. فقد كان العديد من الجزائريين ينتظرون اعتذاراً رسمياً من الرئيس الفرنسي عن الاستعمار وعن تصريحاته في خريف 2021 عندما شكك في وجود أمة جزائرية قبل الغزو الفرنسي في يونيو 1830.