عاودت غواصةُ الإنقاذ الهندية عملها صباح اليوم الأربعاء بحثاً عن «قارب الموت» المتواري على عمق 470 متراً قبالة شواطئ طرابلس (عاصمة شمال لبنان) بعدما كانت اضطرت للتوقف ليومين «بسبب ارتفاع موج البحر ما قد يهدد سلامة الغواصة وطاقمها» بحسب بيان نشره الجيش اللبناني الذي يواكب عملية البحث عن المفقودين.

وستحاول الغواصة انتشال جثث الضحايا من المركب - الذي غرق في 23 ابريل الفائت أثناء عملية هجرة غير شرعية من شمال لبنان باتجاه أوروبا وتحديداً إيطاليا، بحال العثور عليهم في إحدى غرف المركب الذي كان يحمل أكثر من 80 شخصاً من اللبنانيين وجنسيات أخرى، حيث بقي ما يزيد عن 30 شخصاً من ركابه في عداد المفقودين، في حين نجا منهم 48 شخصاً.

وتبرّع بتكاليف الغواصة مغتربون لبنانيون في أستراليا بمواكبةٍ من جمال ريفي، شقيق النائب عن مدينة طرابلس أشرف ريفي، في ظل افتقاد السلطات اللبنانية للقدرات اللوجستية التي تمكّنها من القيام بهذه المهمة، وهذا ما دفعها إلى طلب المساعدة من جهات دولية لتعويم مركب الموت، غير أن مبادرة ريفي كانت أسرع.

ولغاية الآن، لم تتضح ظروف الحادثة. فبينما اتّهم ناجون عناصر من القوات البحرية بالتوجّه لهم بالسباب وبالتهديد بإغراق القارب عن قصد أثناء محاولة توقيفه، قال الجيش إن قائد المركب نفّذ «مناورات للهروب... بشكل أدّى إلى ارتطامه» بزورق للبحرية التابعة له.

الملابسات الضائعة

يستذكر رائد دندشي الذي فَقَدَ زوجته وابنه وابنته على متن المركب في حديث لـ «الراي» ذلك اليوم بكثير من الأسى، حيث لم يفارقه «صراخ الضابط بأفراد السفينة قائلاً: بدي قبّركم بقلب الميّ».

وأضاف «أرواح أفراد عائلتي أصبحت في السماء، لذا فإن أفضل ما يمكن فعله هو تكريمهم من خلال انتشال جثثهم ودفنها، بحيث يكون هناك مكان يمكن زيارتهم وتذكّرهم».

ويُحمِّل دندشي مسؤولية ما حدث الى «الضباط المسؤولين عن هذه العملية وصولاً إلى المسؤول الأكبر في البحرية في الجيش اللبناني».

ورغم تقديمه ادعاء قضائياً إلا أنه لا يعوّل على امكان معاقبة المذنبين «فالقضاء في لبنان يُصْدِر حُكْماً في هذا النوع من القضايا بعد 40 و50 عاماً».

الهجرة غير الشرعية مستمرة

وفي سياق متصل، قال سيف مرعب الذي فَقَدَ شقيقتاه وأطفالهما إن «المسؤولين لم يهتموا بكل هذه القضية، بإستثناء قائد الجيش وريفي».

وأضاف «رغم ذلك، لا أعتقد أن الغواصة ستتمكن من اتمام مهمتها اذ أن إمكان إيجاد جثث ضحايا ضعيفة جداً في حين أن فرضية تَحَلُّل الجثث كبيرة جداً بسبب المياه المالحة».

ولفت مرعب إلى أن هذه الحادثة لم تحدّ من عمليات الهجرة غير الشرعية، حيث ما زالت هذه العمليات ناشطة لغاية اليوم «حتّى أن بعض الأشخاص الذين كانوا على متن القارب الذي غرق عادوا وغادروا لبنان عبر مراكب الموت».

ويُحمّل مسؤولية الحادثة إلى المهرّبين الذين «تاجروا بأرواح الهاربين، اذ كان الاتفاق أن يكون ضمن المركب 50 شخصاً في حين كان عليه 100 شخص». كما يُحمّل المسؤولية إلى «الجيش اللبناني الذي لم ينفذ خطة إيقاف مركب وإنما قام بإغراقه».

ومن ناحيته، قال النائب أشرف ريفي في حديث لـ «الراي» إن «سعينا إلى استعادة رفات الشهداء من أجل دفنهم على الطريقة الاسلامية يأتي كمحاولة لبلسمة جراح الأهل.

وجاء استقدام الغواصة بعد تعاون مع مغتربين لبنانيين في أستراليا والجيش اللبناني والصليب الأحمر». وأضاف «الغواصة قامت حتّى الآن بمسح للمنطقة التي من المفترض أن يكون فيها المركب».

وحول تأجيل المهمة قبل معاودتها، يلفت ريفي إلى أن «الغواصة لم تتأثر بارتفاع أمواج البحر وإنما الأهالي والصحافيون الذين واكبوا عملها عبر سفينة تابعة للجيش اللبناني تعرّضوا للتعب والاغماء، وعلى هذا الأساس تقرر تأجيل المهمة على أن تستمر أعمال الغواصة لمدة أسبوع».

كما لفت ريفي إلى أن عمل الغواصة سيساعد في استكمال التحقيقات في هذا الملف، حيث «قام الجيش اللبناني بأخذ إفادات جميع المعنيين، ويبقى الكشف على المركب الغارق لتحديد أسباب الحادثة».

وتابع: «على هذا الأساس طلب قائد الجيش من الغواصة تصوير المركب من كل الجوانب من أجل استكمال التحقيق وإحالته على القضاء».