مع اقتراب الصراع المرير على السلطة في العراق من شهره الحادي عشر، هناك نقطة واحدة توحد الفصائل الشيعية المتنافسة وهي أن لا أحد منها يريد أن يُنظر إليه على أنه قريب جداً من طهران، وهو تحول يظهر التراجع الإيراني في الساحة العراقية التي كانت يوماً ما مهيمنة عليها.

أكثر من ذلك، فقد رفض زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، لقاء قائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني، الذي وصفته مصادر عراقية متعددة، بأنه «شخصية ضعيفة وليس قادراً على حل الصراع على السلطة»، وفقاً لتقرير صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.

ومنذ ما يقرب من عقدين، منذ الغزو الأميركي للإطاحة بصدام حسين، أقامت إيران علاقات قوية مع جارتها وعارضت الجهود الأميركية، ودعمت شبكة من الميليشيات التي ساعدت طهران على توسيع نفوذها، كما ساهمت في تشكيل حكومات ذات غالبية شيعية لحماية مصالحها.

لكن تلك الهيمنة بدأت بالتلاشي وتتفق الفصائل الشيعية المنقسمة بشدة على النأي بنفسها عن إيران وهو مؤشر على ضعف نفوذ طهران.

وسيطر أحد الجانبين بقيادة الصدر على أرض البرلمان في المنطقة الخضراء في بغداد منذ أربعة أسابيع، وينادي بعروبة العراق وتحييده عن التأثيرات الخارجية بما فيها إيران.

بينما الطرف الآخر التي تهيمن عليه طهران، يسعى لتشكيل الحكومة المقبلة ليقودها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، خصم الصدر الشرس، وفقاً للتقرير.

ويقول فهد الجبوري، المسؤول الكبير في تيار الحكمة الوطنية، وهو جزء من الإطار التنسيقي: «إيران تقدم لنا النصيحة، لكننا لا نستمع إلى كل النصائح الإيرانية».

كما تجنب مقتدى، الارتباط بالإيرانيين.

ويؤكد إبراهيم الجابري، الذي يرأس مكتب السيد الصدر في بغداد، «لا يمكن لإيران أبداً السيطرة على السيد مقتدى الصدر».

وبحسب التقرير، يعكس عدم الرغبة في الارتباط بإيران قلقاً واسعاً داخل طهران، وهو تهديد محتمل لاستراتيجيتها للحد من نفوذ الولايات المتحدة واستخدام أراضي جارتها ومجالها الجوي لنقل الأسلحة والإمدادات الأخرى إلى سورية ولبنان وأماكن أخرى.

وردد المتظاهرون شعارات مناهضة لطهران، ويلقي العديد من العراقيين باللوم عليها، في تمكين الميليشيات القوية من مفاصل الحكم.

ويُنظر إليها الآن على أنها أجنحة مسلحة للفصائل السياسية الشيعية الموالية لها... وبالنسبة للكثير من العراقيين، فهي من تدعم الوضع الراهن الفاسد.

من جانبها، صعدت الميليشيات الموالية لإيران من الأزمة، ما يزيد من احتمالية أن يتحول الصراع السلمي إلى أعمال عنف.

وستكون الاشتباكات المسلحة بين الفصائل الشيعية المسلحة، واحدة من أسوأ النتائج المحتملة لطهران، لكن محللين يقولون إن أي جهد إيراني واضح للتوجه نحو معارضي الصدر، قد يشعل المواجهة.

وفي أحد تصريحات طهران العلنية القليلة حول مشاكل العراق، قال الناطق باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني، «إننا نتابع التطورات في العراق عن كثب وبقلق ونحاول تقريب وجهات النظر المختلفة للفصائل العراقية من بعضها البعض».

لكن طهران نشطة وراء الكواليس، ووصل قاآني إلى العراق في وقت سابق من هذا الشهر، لإجراء محادثات لحل المأزق، بحسب عضو كبير في الميليشيا العراقية.

لكن قاآني لم يدل بأي تصريحات علنية، ولم يقل ممثلو الشيعة الذين اجتمع معهم شيئاً علناً عن الاجتماعات.

وقال مساعد الصدر، من جانبه، إن الصدر الذي التقى بالجنرال الإيراني في الماضي ولديه علاقات عميقة مع طهران، رفض رؤيته.

وسلطت زيارة قاآني الضوء على مدى تغير دور إيران منذ وفاة الجنرال قاسم سليماني، حيث حقق خليفته في قيادة «فيلق القدس» نجاحاً أقل في تسوية الخلافات الشيعية الداخلية.

وأكد الجبوري، أن «قاآني مختلف عن سليماني... إنه أضعف ولم يستطع لملمة الأمور».