نحن نعيش في عالم متقلب، مليء بمشاكل الحياة وبإمكان هذه المشاكل أن تكون كالعصي في عجلة التقدم، وقد نتعرض إلى أزمات مالية في مراحل مختلفة من الحياة، لذا يجب علينا دائماً أن نتوقعها ونستعد لها، إلَّا أنَّها قد تأتينا على حين غرة، أو قد يكون حجمها أكبر بكثير من أي استعداد قمنا به، فنقف أمامها عاجزين عن الحل خصوصاً عندما تكون هذه الأزمة حدثت بسبب ظروف خارجة عن إرادتنا.
ومن الممكن أن تتمثل هذه الأزمة بفقداننا لوظيفة أو لخسارة مالية بسبب مشروع استثماري كبير لم يحالفه الحظ، أو الانخراط في دعوى قضائية قد تكلفنا جميع مدخراتنا، لذا، ماذا تفعل عندما تكون في مأزق مالي؟
ومن هنا سنسلط الضوء على بعض المشاكل المنتشرة بين أفراد المجتمع لعلنا نتمكن من إيجاد الحل المناسب، وكما قيل: لكل مشكلة حل، ومشاكل الحياة مهما كبرت فسيأتي يوم لتتحلحل وتذوب وتعود المياه إلى مجاريها وإلى بسطة العيش.
1 - منازعات الإيجار، وهي مشكلة يعاني منها البعض ممن أبرموا عقود الإيجار للسكن الخاص أو لمشروع تجاري، وبسبب عدم التمكن من الوفاء بتلك الالتزامات يتخلف البعض عن دفع المستحقات المالية الشهرية عليه نظير انتفاعه بالعين المؤجرة، وتبعات هذه المشكلة يعاني منها الطرفان (المالك والمستأجر) ويكمن أصل المشكلة في (عسر المستأجر) عن تسديد المبلغ المالي المستحق عليه منذ الشهر الأول، و ان لم تحل المشكلة بالسرعة الممكنة فستترتب عليها مديونية مالية كبيرة بسبب طول مدة التقاضي.
ولذلك، فإن اختصار مدة اجراءات التقاضي والسرعة في البت في القضايا يحفظ حق الطرفين، لأن المبالغ المستحقة للسداد قليلة نسبياً في الشهر الأول، ومن ثم يتم إخلاء العقار ليتمكن المالك من الاستفادة من عرض العقار مرة أخرى للراغبين بالانتفاع منه، وفي هذه الحالة فإن المديونية يمكن أن تحل عن طريق الاستقطاع الشهري أو الحجز على ممتلكات المؤجر حسب ما يراه القاضي مناسباً.
وتضرر الكثير من الأفراد والشركات بسبب الإغلاق خلال أزمة كورونا، وأصبحوا غير قادرين على سداد الإيجارات، ما تسبب في أزمات عديدة بين الملاك الذين تراكمت عليهم الالتزامات والمستأجرين غير القادرين على الدفع.
ونظراً لما لوحظ من تزايد دعاوى الإيجارات، والذي يعكس وجود مشكلة حقيقية في العلاقة بين المؤجر والمستأجر فإننا نتمنى من الجهات المسؤولة الالتفات لهذا الأمر وايجاد الحل الأمثل لهذه القضايا والتي يكون سببها تعسر البعض عن توفير المبالغ المستحقة عليه لتسديد ما عليه من التزامات مالية اتجاه الآخرين، وفي هذه الحالة فإنه من الواجب تشكيل لجنة لفض المنازعات الإيجارية والبت في هذه النزاعات التي تنشأ بين المؤجرين والمستأجرين وإصدار الأحكام بمدة لا تزيد على شهر.
2 - الأسلحة البيضاء، أسلحة قاتلة يحملها الشباب والتي بسببها ترتفع معدلات ارتكاب جرائم العنف ويزداد عدد الضحايا، يتفاخر البعض بحمل تلك الأسلحة كالسكاكين والسيوف والسواطير والمطارق، ويتعارك مع الآخرين ويسارع لإخراجها لضرب ضحاياه ليصيبهم في مقتل أو بعاهة مستديمة أو أذى بليغ فيحدث فيهم ضرراً بليغاً، وللقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة يجب تغليظ العقوبة على هؤلاء الأشخاص، وفي الوقت نفسه، نوجه سؤالاً إلى رجال القانون عن مسميات هذه الجرائم وصفتها القانونية إن كانت جنحة أو جناية؟
أليس حمل هذه الأسلحة ينم عن سبق الإصرار والترصد لارتكاب جريمة ما؟ أليس استخدامها قد يزهق روح إنسان أو يسبب له بعاهة مستديمة؟ ففي الدول المتقدمة من يقوم بطعن إنسان يطلق عليه النار فوراً.
ولتلافي هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا المسالم يجب تغليظ العقوبة عليها، لأنها جريمة جنائية.
المطلوب من المجلس التشريعي إصدار قانون صارم يقر بعقوبة الحبس ودفع غرامات مالية مغلظة ليكون هذا رادعاً لمرتكبي هذه الجرائم، ولمن تسول له نفسه باستخدام هذه الأدوات القاتلة ضد الآخرين، وكذلك على وزارة الداخلية دور كبير في تطبيق القانون لحماية أرواح الناس من هؤلاء المستهترين وقد يكون منهم أصحاب سوابق ومدمني المواد المخدرة.
ولذلك، لابد من الضرب على يد العابثين بأمن المواطنين والمقيمين، والذي هو من أمن الوطن بالدرجة الأولى، فالعقوبات الصارمة ستساهم في الحد من الجريمة.
3 - الضبط والإحضار، إن الضبط والإحضار هو إجراء متبع ووسيلة لاستيفاء الحقوق والديون الصادرة بها أحكام قضائية نهائية والمشمولة بالنفاذ.
فالمسلك القانوني الجديد يأخذ بمبدأ مسؤولية المدين في أمواله دون شخصه، وهذا المبدأ يحترم الكرامة الإنسانية التي لا يجب إهدارها من أجل ماديات لا قيمة لها، وهذا يقتصر على الأشخاص الذين اضطروا تحت ظروف قاسية إلى عدم القدرة على سداد ما عليهم من التزامات مالية.
ومن الجانب الآخر إلغاء «قرار الضبط والاحضار» بشرط عدم منح المدين مبرراً للتسويف والتملص من تنفيذ الحكم، ومن المستحسن أن يقتصر إلغاء أمر الضبط والإحضار على المفلس وحسن النية فقط، وألّا يشمل المقصر الذي استعمل الحيلة للتهرب من الدفع وعدم الوفاء بديون الغير.
ديون الشركات الكبرى، المفروض أن يتم فيها الحجز على ممتلكات وأموال هذه الشركات، لا ضبط واحضار رئيس الشركة أو مديرها، و من التبعات التي تترتب على هذا الأمر، وهو عدم قدرة المدين على سداد قرضه، أنه منذ أول يوم من تعثر المدين عن سداد القسط المستحق عليه تتراكم عليه الفوائد، لذلك فالمطلوب العمل بسرعة لأخذ الاجراءات القانونية اللازمة كي لا تتراكم الفوائد وتزيد من قيمة المديونية.
ولهذا، يجب الربط بين جميع الجهات إلكترونياً لتبيان الحالة المادية والالتزامات المالية كلها للعميل قبل منحه القرض المطلوب، ووضع شروط وأحكام صارمة وواضحة لتصب في مصلحة العميل، ومحاسبة كل من يخالف تلك التعليمات، فلولا حاجة هذا العميل للمال لقضاء حاجاته الشخصية والتزاماته الحياتية ما لجأ للاقتراض.
- من حق الجميع أن يحيا حياة كريمة وعند التعثر وعدم التمكن من سداد قرضه يفضل توفير غطاء الحماية (التأمين) بحيث يصل إلى تسوية ليسدد الدين المستحق عليه. أو أن تقوم الحكومة بإنشاء (صندوق المتعثرين) وتقوم بخصم يسير من راتب المدين لا يرهق كاهله.
وَلَرُبَّ نَازِلَة ٍ يَضِيقُ بِهَا الْفَتَى
ذرعاً وعند الله منها المخرجُ
ضاقت فلمَّا استحكمت حلقاتها
فُرجت وكنتُ أظنُّها لا تفرجُ
اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.