وصف الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي الآلية التي تضمنها المرسومان بقانون في شأن التصويت بالبطاقة المدنية في الانتخابات وإضافة مناطق جديدة إلى الدوائر، بأنها ثقيلة الحركة، بيد أنها تفسح المجال أمام إنشاء قيود جديدة وتسمح لمن شطب قيده بأن يطلب إعادة تسجيله مجدداً.
الآلية
وقال الفيلي في تصريح لـ«الراي» إنه «بعد الاطلاع على مرسومي التصويت بالبطاقة المدنية، وإضافة مناطق جديدة للدوائر الانتخابية، فإنه يستفيد من هذا الأسلوب كل من لم يكن مسجلاً في القيود الانتخابية، مثل من فاته التسجيل لأن المنطقة التي يسكنها لم تكن مُضافة إلى الدوائر الانتخابية، فهو يكسب فرصة مراجعة جديدة لقيده المشطوب، إذ ان هناك تسجيل آلي من جديد».
وأضاف: «كأنما نحن ننشئ قيوداً جديدة، فمن كان اسمه في القيود السابقة يبقى وضعه كما هو، ومن لم يكن اسمه في القيود السابقة يُضاف» إلى القيود الجديدة.
وقال الفيلي إن «الآلية ثقيلة الحركة لأنها تعني إعادة إنشاء جداول كاملة، ولكن الميزة أنها تضيف إلى قاعدة الناخبين ناخبين جدداً»، مؤكداً أن «الطريقة تقوم على إعادة تسجيل جميع المواطنين المتوافرة فيهم شروط الناخب، وهذا يسمح لمن كان مشطوباً أن يطلب إعادة اسمه إلى جداول الناخبين، ما يعني أنه من المحتمل أن يكون أمام القضاء ورشة ثقيلة».
وختم بالقول إنه في الزواج الكاثوليكي يقول القس «من عنده اعتراض فليبده الآن أو ليصمت إلى الأبد»، في إشارة إلى أن التقدم بطعن مباشر قبل الانتخابات جائز من جهة، كما أنه من جهة أخرى يوفر حسماً مفيداً، فإما أن تحكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية القانون فلا تُجرى الانتخابات، وإما أن تحكم بدستورية المرسوم بقانون فتُجرى الانتخابات بأعلى قدر من الاطمئنان.
الموطن
وفي تصريحات أخرى خلال لقاء على تلفزيون الكويت، ليل الأربعاء الماضي، قال الفيلي إن «الموطن هو أحد عناصر القيد وليس العنصر الوحيد»، مبيناً أنه «ليس كل من لديه البطاقة المدنية يمكنه أن ينتخب بل يجب أن يكون مقيداً في الجدول ويجب التأكد من بقية العناصر».
وأشار إلى أن «الموطن الانتخابي عنصر من عناصر العملية الانتخابية، لذا كنا نحتاج إلى تعديل بقانون وتحديداً لقانون الانتخاب، لأن الدستور أحال التنظيم لقانون محدد»، موضحاً أنه كان ممكناً أن يتم بنهاية الفصل التشريعي «وأمامنا فترة متبقية نحو سنتين، لكن عندما أصبحنا أمام انتخابات مبكرة فهناك أمر قد طرأ».
وأضاف الفيلي: «إن ترك الأمر كما كان، يعني أن ندخل في عملية انتخابية فيها جدل، حيث البعض يتحدث عن موطن تم ترتيبه لأغراض انتخابية... نحن بصدد قرار اتخذ في فترة غياب المجلس يجب أن يتم بقانون، وليس أمامنا إلا مرسوم بقانون».
وطرح تساؤلاً «هل نحن بصدد إجراء سليم أم لا؟»، ثم أضاف: إن «المرسوم بقانون بقوة القانون، ولكن له اشتراطات ومنها أن يطرأ في فترة الحل ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير تشريعية».
وأشار إلى أن «العملية الانتخابية المبكرة أمر طارئ قد لا يكون كافياً لذلك والأحوط أن يكون هناك عنصر جديد، ولعل صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق في إشكالات الجدول الانتخابي هو أمر جديد طرأ بعد الإعلان عن الانتخابات المبكرة».
من 1962 إلى 2022
قدّم الفيلي سرداً تاريخياً لقانون الانتخاب، مبيناً أنه «في العام 1962 عندما وضع قانون انتخابات لم تكن هناك آلية قانونية معتمدة لتحديد الشخصية، فكان من المنطقي أنه تم اعتماد الموطن الانتخابي كعنصر وكان يتم التحقق في المختاريات».
وأضاف «استمرت هذه الآلية لاحقاً، وفي العام 1982 تم وضع آلية أكثر انضباطاً وهي البطاقة المدنية والتي تتضمن موطناً وسكناً، وعليه أصبح مفهوم الموطن موجود في الانتخابات والعنوان الشخصي».
وبيّن الفيلي أنه «وفق قانون الانتخاب، الموطن هو المسكن الفعلي للانسان، وعندما يكون هناك تباين فإما أن البعض ينتقل إلى منطقة جديدة وينسى أن يحوّل أو أن البعض يحوّل لأسباب الهجرة بمناسبة الانتخابات».
وأضاف: «لكن وجود عنوانين في وثيقتين كلتاهما يفترض أنه الموطن الحقيقي يثير الاستغراب، لذا كان من المنطقي أن يُصار إلى التوحيد»، مبيناً أنه «يُفترض أن العنوان في البطاقة المدنية هو العنوان الفعلي الذي يرتبط بالحياة اليومية للأفراد، لذا يُفترض تطابق بين الموطن الانتخابي والموطن الفعلي كما هو وارد في البطاقة المدنية».
التصحيح يبدأ بالمسار الانتخابي
رأى الباحث في الشؤون السياسية الدكتور ناصر المطيري أن «المراسيم واكبت خطاباً إصلاحياً وطنياً بدأ منذ الخطاب الحل الذي تلاه سمو ولي العهد نيابة عن سمو الأمير والذي تضمن تصحيح المسار».
وبيّن أنه «لا يمكن البدء بتصحيح أي مسار ما لم يبدأ تصحيح المسار الانتخابي الديموقراطي»، مشيراً إلى أن ردة الفعل الشعبية يطغى عليها جانب الارتياح تجاه النوايا والتوجهات التي تتعلق في الانتخاب.
واعتبر المطيري أن «التصويت بالبطاقة المدنية مسألة تمثل تصحيح المسار الانتخابي، إذ إن الانتخابات هي تعبير حقيقي عن إرادة الناخبين، ولا يتم ذلك إذا كانت هناك بعض الشوائب أو الممارسات التي تتم من خلال الناخبين أو المرشحين في نقل الأصوات أو غيرها، وبذلك لا يكون هناك تعبير حقيقي عن إرادة الناخبين، وعليه نصبح أمام خلل في الاختيار الانتخابي والذي ينعكس على مجلس الأمة».