وقع زعيم المجلس العسكري الحاكم في تشاد محمد إدريس ديبي إيتنو، أمس، في الدوحة اتفاقاً مع نحو 42 مجموعة متمردة يهدف إلى بدء حوار وطني في 20 أغسطس الجاري في العاصمة نجامينا، غير أن السؤال يبقى مطروحاً عما إذا كانت هذه «لحظة أساسية للشعب التشادي» أو أنه «اتفاق لا يحل مسألة المعارضة المسلحة»، في وقت رفض فصيلان كبيران الانضمام إليه.

وأعلن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن الاتفاق يهدف إلى إحلال «سلام يكون بديلاً لحرب استمرت سنوات طويلة».

وأعرب عن أمله في أن «تلحق بقية المجموعات التشادية الأخرى بركب السلام لتحقيق تطلعات الشعب».

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الاتفاق الذي يفترض أن يفتح الطريق أمام عودة السلطات المدنية، بأنه «لحظة أساسية للشعب التشادي»، متحدثاً في فيديو بُثّ خلال مراسم التوقيع في الدوحة.

لكنه شدد على ضرورة أن يكون الحوار «جامعاً» لكل الأطراف ليكون ناجحاً.

وبعد مفاوضات وصفها بأنها «شاقة»، أشاد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي التشادي موسى فقي محمد بالمحادثات، معتبراً أنها سمحت بـ«تخطي الانقسامات».

وبدأت المفاوضات بين الحكومة والجماعات المسلّحة في 13 مارس برعاية قطر، سعياً لوضع حدّ لاضطرابات متواصلة منذ عقود في البلد البالغ عدد سكّانه 16 مليون نسمة والذي شهد انقلابات عدّة.

ونُصّب الجنرال الشاب محمد إدريس ديبي إيتنو على رأس مجلس عسكري انتقالي يضم 15 جنرالاً في أبريل 2021 غداة مقتل والده الرئيس إدريس ديبي إيتنو على الجبهة في مواجهات مع متمرّدين، بعدما حكم تشاد بقبضة من حديد لأكثر من 30 عاماً.

ووعد على الفور بتنظيم انتخابات حرة وديموقراطية في مهلة 18 شهراً بعد «حوار وطني جامع» مع المعارضة السياسية والحركات المتمردة.

وإن كان ديبي إيتنو وافق استثنائياً على الحضور إلى الدوحة، فإن محمد مهدي علي زعيم «جبهة التغيير والوفاق في تشاد» (فاكت) بقي في الصحراء الليبية.

وقررت جبهة «فاكت»، إحدى المجموعات المتمردة الرئيسية خلف الهجوم الذي انطلق من ليبيا وأدى إلى مقتل الماريشال إدريس ديبي في 19 أبريل 2021، عدم توقيع الاتفاق.

وأعلنت في بيان أن هذا «الرفض يترافق مع عدم الأخذ بمطالبنا» ومنها تحرير المعتقلين، مؤكدة في المقابل أنها «تبقى مستعدة للحوار في أي مكان وزمان».

وقال إبراهيم حسين، المكلف العلاقات الخارجية في الجبهة، لـ «فرانس برس» من الدوحة «مازلنا على الأرض، لكن الوقت لايزال مبكراً لمعرفة ما إذا كنا سنعود لسلوك طريق السلاح، سنراقب ما يجري في الأيام المقبلة، ولا سيما مع الحوار في نجامينا».

وأوضح جيروم توبيانا، الباحث الفرنسي المتخصص في شؤون تشاد والمجموعات المتمردة فيها، لـ «فرانس برس»، «إنه اتفاق لا يحل مسألة المعارضة المسلحة، إذ إن بعض المجموعات الرئيسية لم توقع... لكن هذا السيناريو وُضع مسبقاً إذ إن الحكومة اختارت تشتيت وزن المجموعات الرئيسية الأربع أو الخمس وسط تمثيل أوسع بكثير».

من جانبه، رأى كلمة ماناتوما، الباحث التشادي في العلوم السياسية، أن عدم توقيع «فاكت» يترك الحوار الوطني «في وضع من الغموض»، مقراً رغم ذلك بأنها «مرحلة مهمة في عملية التهدئة».

كذلك أعلنت مجموعة متمردة كبرى ثانية، هي «مجلس القيادة العسكرية لخلاص الجمهورية» رفضها توقيع الاتفاق، مؤكدة أن «المبادئ التي نقاتل على أساسها لا تسمح لنا بالانضمام إلى حوار لا نعرف أهدافه».

ووقع نحو 42 من أصل 47 مجموعة ممثلة في الدوحة على الاتفاق مع المجلس العسكري.

وهي بذلك تتعهد المشاركة في الحوار الوطني في 20 أغسطس والذي سيحضره، بحسب السلطات، أكثر من 1300 ممثل عن المتمردين من المجتمع المدني والنقابات والمعارضة والسلطة.

وتعرض السلطات العسكرية وقف إطلاق نار وضمانات أمنية على القادة المتمردين الذين سيتوجهون إلى نجامينا، وستتخذ أطراف الحوار معاً قراراً في شأن تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر بنهاية مهلة الأشهر الثمانية عشر.

ويترك رئيس المجلس العسكري الشك مخيماً حول إمكانية إجراء الانتخابات في هذا الموعد، فيما تطالب باريس والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي بعدم تمديد المهلة.