أعلن الجيش الإسرائيلي، أنه يستعد لـ «أسبوع» من الغارات على قطاع غزة، ضمن عملية «الفجر الصادق» ضد «الجهاد الإسلامي»، التي أطلقت عشرات الصواريخ على مدن إسرائيلية، بينها غوش دان بالقرب من تل أبيب، في إطار عملية «وحدة الساحات»، وذلك رداً على اغتيال القيادي في الحركة تيسير الجعبري، الجمعة.
وأدى أسوأ اندلاع للعنف بين الطرفين منذ الحرب الخاطفة، في مايو العام 2021، إلى حرمان القطاع المحصور بين مصر والبحر المتوسط وإسرائيل ويبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة، من محطة الطاقة الوحيدة لديه، بينما أوقع يومان من العنف، عشرات القتلى والجرحى في الجانب الفلسطيني، حتى الآن.
وعلى أحد جانبي الحدود، لا تتوقف صفارات الإنذار بحدوث قصف عن العمل في بلدات إسرائيلية. وفي الجانب الآخر، تبدو مدينة غزة في حالة شلل بشوارعها المهجورة بمعظمها ومتاجرها التي أغلقت أبوابها.
ويتوقع الجيش الإسرائيلي بأن يواصل قصف القطاع من الجو لمدة أسبوع، مشيراً إلى عدم وجود أي محادثات حالياً في شأن وقف إطلاق النار مع «الجهاد».
وقال الناطق العسكري أفيخاي أدرعي، في مقابلة مع «بي بي سي» رداً على احتمال عمل بري ضد القطاع: «نحن نستعد لكل الاحتمالات، إذا لم تُفهم رسائلنا وإذا تمادت حركة الجهاد».
ومنذ ظهر الجمعة، تؤكد إسرائيل أنها استهدفت مواقع تابعة لـ «الجهاد» التي قتل 15 من مقاتليها، بحسب الجيش، فيما تحدثت سلطات غزة عن سقوط 15 قتيلاً، بينهم الطفلة آلاء قدوم (خمس سنوات)، و125 جريحاً.
وذكر الجيش، أن معظم الصواريخ التي أطلقت من غزة، إما سقطت ضمن الأراضي الفلسطينية وإما اعترضتها منظومة «القبة الحديد». وتحدثت الشرطة عن أضرار لحقت بمبنى قي سديروت (جنوب).
ومساء أمس، أعلن الجيش إطلاق صفارات الإنذار، في غوش دان بالقرب من تل أبيب، إثر إطلاق صواريخ من غزة، وذلك للمرة الأولى منذ بدء موجة العنف الأخيرة.
وسُمع في المدينة ما لا يقل عن ثلاثة انفجارات ربما نجمت عن اعتراض صواريخ.
في المقابل، أوضحت «سرايا القدس» في بيان، «ضمن عملية وحدة الساحات سرايا القدس تقصف تل أبيب وأسدود وعسقلان وسديروت برشقات صاروخية كبيرة».
وذكرت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ «الجهاد»، في بيان سابق، أنها أطلقت نحو 200 صاروخ على إسرائيل.
كما اعتقلت القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة 19 عضواً في «الجهاد».
وشنّت إسرائيل ضرباتها الجوية على غزة، بعد أربعة أيام على إغلاقها معبرين حدوديين مع القطاع، وفرضها قيوداً على حركة المدنيين الإسرائيليين الذين يقطنون على مقربة من الحدود، لأسباب أمنية.
واعتقلت بعد ذلك قياديين في «الجهاد»، بينهما باسم السعدي، المتّهم بتدبير سلسلة هجمات ضد الدولة العبرية.
وأكدت إسرائيل أنها اضطُرت لإطلاق عملية «استباقية»، مشددة على أن المجموعة كانت تخطط لهجوم وشيك.
وأعلنت إسرائيل و«الجهاد» بعد ذلك مقتل القيادي البارز في الحركة الجعبري في ضربة استهدفت مبنى غرب غزة، الجمعة. ورأت الحركة أن القصف الإسرائيلي شكل «إعلان حرب» قبل أن تطلق وابلاً من الصواريخ باتّجاه الدولة العبرية.
تصعيد ووساطة
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الجمعة، أن بلاده «لا تسعى إلى نزاع أوسع في غزة، لكنها لا تخشى من حصول ذلك».
وفي القاهرة، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن مصر تتواصل مع الجانبين في شأن ما حدث في غزة.
لكن عضو المكتب السياسي لـ «الجهاد» محمد الهندي، ذكر في بيان، أن «المعركة لا تزال في بدايتها والسرايا لم تُكمل ردها (...) هناك جهات أممية ومصرية تحاول استكشاف فرص التهدئة، لكن نؤكد أن المعركة مستمرة».
ونتيجة للعدوان، أعلنت سلطة الطاقة في غزة، عن توقف عمل محطة توليد الكهرباء بشكل كامل، أمس، لعدم التمكن من توريد الوقود اللازم لها، من جرّاء مواصلة إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمعبر كرم أبو سالم.
وذكرت في بيان، أن ما يتوافر من الطاقة في غزة يصل إلى 120 ميغاواط (يتم شراؤها من إسرائيل)، في الوقت الذي يحتاج فيه القطاع إلى ما يزيد على 500 ميغاواط.
من جانبه، أشار المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إلى أنه يبدو أن «الجهاد ترسخ معادلة جديدة بتهديد عابر».
وأضاف أن الوضع الحالي «يكشف ضُعف الادعاء المفند لقيادة الجيش الإسرائيلي حول انتصار ساحق يزعم أنه حققه في عملية (حارس الأسوار في مايو 2021)، فإذا كانت الفصائل الفلسطينية ضعيفة ومرتدعة جداً منذ تلك العملية العسكرية، لماذا تجرؤ على التهديد؟ ولماذا تشعر إسرائيل بضرورة للتراجع؟ لكن ثمة حدوداً لإمكانية شدّ الأعصاب. وهذا يتطلب مخرجاً قريباً من الوضع الحالي».
وفي رام الله، طالبت الرئاسة الفلسطينية، بوقف «العدوان» فوراً، محملة الجيش الإسرائيلي «المسؤولية عن التصعيد الخطير».
وفي طهران، أكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، أن الفلسطينيين «ليسوا وحدهم» في مواجهة اسرائيل، وذلك خلال استقباله أمس، الأمين العام لـ «الجهاد» زياد النخالة، وهدد بجعل إسرائيل «تدفع ثمناً باهظاً».
وكان النخالة الذي يجري منذ أيام لقاءات مع المسؤولين الإيرانيين، أكد الجمعة أن الحركة ستخوض ضد إسرائيل معركة «من دون خطوط حمراء».
وفي واشنطن، حض الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، كل الأطراف على «تجنب المزيد من التصعيد»، مؤكداً أن إدارة الرئيس جو بايدن لا تزال «ثابتة في التزامها بأمن إسرائيل».
وأعرب الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوغاريك، عن «القلق» إزاء الأوضاع الإنسانية في القطاع.
كما أعربت روسيا عن «قلقها البالغ» إزاء التصعيد، ودعت إلى «أقصى درجات ضبط النفس».
ودانت الجامعة العربية «بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الشرس (...) على قطاع غزة»، بينما دعا الأردن إلى «الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي المدان».
وشددت قطر، على«ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لوقف اعتداءات الاحتلال المتكررة بحق المدنيين، لا سيما النساء والأطفال».
من جهته، رأى مايراف زونسين، الخبير في مجموعة الأزمات الدولية، انه «إذا قُتل المزيد من المدنيين فستشعر (حماس) أنها مضطرة للرد».