سارق الفكرة لا يختلف عن سارق المال، لكنه لِصٌ فنان...
لعلّ هذه الجملة، تختصر إلى حد كبير آراء كتّاب النصوص التلفزيونية والمسرحية وصنّاعها، الذين أكدوا لـ «الراي» أن السرقة واحدة، وإن تعدّدت أشكالها، واختلفت مسمياتها.
ولكن في المقابل، لماذا تتوجه أصابع الاتهام دوماً نحو كل كاتب تخطر في مخيلته فكرة، قد تكون مشابهة لفكرة أخرى لكاتب آخر؟... فماذا عن «توارد الخواطر» مثلاً! خصوصاً أن تاريخ الشعوب العربية وقضاياهم واحدة، أليس التشابه أمراً طبيعياً في مجتمعات ذات تراث وعادات وتاريخ مشترك.
بدر محارب: لابد من معاقبة السارق
اعتبر الكاتب بدر محارب أنه «لا شك في أن السرقة هي فعل مُجرّم ومرفوض في جميع الأديان والأعراف والقوانين الوضعية والمدنية. فالسرقة تبقى سرقة، سواء كانت سرقة المال أو الأراضي أو المتاع أو الأشياء العينية، وحتى سرقة الأفكار والأعمال الإبداعية، فنية وأدبية. والذي يقوم بهذا الفعل هو إنسان لا يمتلك ذرةً من الحياء ولا يخجل، ولا بد أن تكشفه الأيام مهما امتدت السنون لأنه سلب حقوق الآخرين، بعد شهور وسنوات مضنية أفنوها بالجهد والتعب، فيأتي هذا السارق في غفلة وينسب العمل لنفسه، وهذا فعل غير مقبول وينبغي معاقبة سارق الأفكار كما يُعاقب سارق المال».
ومضى يقول: «نتمنى أن تختفي هذه الأفعال، وأن يعتمد كل شخص على مجهوده الخاص». ولفت محارب إلى أنه سبق وتعرّض للسطو على أحد أعماله المسرحية التي قدمها في العام 2010، «حيث تفاجأت العام الماضي بمشاهدة عمل جماهيري تم تقديمه في دولة خليجية، وكان يشبه بنسبة 80 في المئة ذاك الذي قدمته قبل 12 عاماً، والتشابه هنا لا يقتصر على النص وحسب، بل حتى لناحية الديكورات والسينوغرافيا، وللأسف أن المخرج لم يطلب الأذن مني، رغم أن مخرج مسرحيتي عبدالعزيز صفر تحدّث معه حول ضرورة الاستئذان قبل الشروع بتقديمها، ولكنه مع الأسف لم يفعل، بذريعة أنه أجرى بعض التغييرات على النص».
محمد النشمي: لا أُسلّم نصوصي إلّا لـ «ثقة»
بدأ الكاتب محمد النشمي كلامه بالقول: «الحمدلله لم يسطُ أحد على مؤلفاتي من قبل، لكنني أحياناً أكون في مرحلة كتابة نص وأتفاجأ بعرض مسلسل يحمل قضية مشابهة. هنا أضطر لكسر مجريات الأحداث كي أبتعد عن التشابه».
وحول تشابه فكرة مسلسله الجديد «منزل 12» الذي يتناول جزءاً من أزمة سوق المناخ، وهي الفكرة التي يضيء عليها أيضاً المسلسل الاجتماعي «بلاغ نهائي» الذي انتهى تصويره أخيراً، علّق النشمي: «أزمة المناخ من الأزمات المهمة في التاريخ الكويتي، وأكيد كل كاتب يستخدم تاريخ هوية العمل لصنع عمق في قصته. لكن (منزل 12) لا يتحدث عن المناخ بشكل رئيسي ولا حتى مباشر، لأن أعمال التسعينات طرحت الموضوع من قبل. لذا، بالنسبة إليّ أرى أنه موضوع محروق درامياً».
ولفت إلى أنه يحرص على سرية النص الذي يقوم بتأليفه، «فلا أسلم نصوصي إلا لمنتجين ومخرجين ثقة وأعرفهم، كما أحرص على وجود بند حتى في عقود الفنانين يمنعهم من حرق العمل. وحتى الممثلين المرشحين لا يتسلّمون النص كاملاً قبل أن يوقعوا على عقودهم».
محسن ملا حسين: تصعب المحافظة على سرية العمل
أوضح رئيس شركة «ماجيك لنس» المنتج محسن ملا حسين الذي تولى إنتاج مسلسل «بلاغ نهائي» أن الأحداث الخاصة بسوق المناخ وحقبته المهمة في تاريخ الكويت وصولاً إلى الأزمة المتعلقة به ليست قصة محصورة على عمل في حد ذاته، فتلك حقبة مرّت على الكويت بحلوها ومرها وتناقلتها الأجيال كما تناولها العديد من الأعمال الفنية بداية بمسرحية «فرسان المناخ».
وزاد: «في (بلاغ نهائي) تطرقنا إلى سوق المناخ كون العمل تدور أحداثه في فترة السبعينات والثمانينات، لكن النص لا يدور فقط حول المناخ، بل هو عمل فني اجتماعي فيه العديد من الأحداث الدرامية المختلفة، وإن كان هناك تشابه في ذكر بعض الأحداث بين الأعمال، فهذا عامل مشجع لجميع المنتجين الأخذ بعين الاعتبار وجود تنافس جميل بين أعمال أخرى لتقديم أفضل ما لديهم في أعمالهم، ما يؤدي إلى جذب المشاهدين بشكل أكبر».
وختم قائلاً: «قد تصعب المحافظة على سرية الأعمال بشكل كامل، خصوصاً وسط لهفة المشاهدين ومتابعتهم الدقيقة لكل تفاصيل الأعمال سواء عن طريق وسائل الإعلام المختلفة أو مواقع (السوشيال ميديا)، بالإضافة إلى سماع بعض التفاصيل ولو كانت بسيطة عن طريق السؤال المباشر أو غير المباشر للقائمين على الأعمال أو المشاركين فيها».
أنفال الدويسان: توارد الأفكار والخواطر وارد
قالت الكاتبة أنفال الدويسان إن توارد الأفكار والخواطر وارد ليس فقط بين المؤلفين في البلد الواحد، بل أحياناً يكون بين المؤلفين في مختلف دول العالم.
وأضافت: «في أكثر من مرّة قمت بتدوين بعض الأفكار لأعمال مستقبلية وأتفاجأ برؤيتها في أعمال أخرى، ودائماً أخبر زملائي المؤلفين أنه في حال تأخرنا عن تنفيذ أعمالنا سنراها على التلفزيون لأنه قد يسبقنا إليها الآخرون».
وعمّا إذا كانت قد تعرّضت يوماً للسرقة، ردّت: «شخصياً لم أتعرض للسطو المباشر على مؤلفاتي، ولكني أشاهد بعض الأعمال التي يتّضح تأثرها ببعض ما كتبته، وأعتبر هذا شيئاً إيجابياً ودليلاً على النجاح، وعن نفسي أتأثر أيضاً بما أشاهده من أعمال عربية وعالمية... وأي مؤلف ينكر ذلك، فهو غير صادق في حديثه».
وتابعت الدويسان: «غالبية حبكات القصص في الدراما معروفة ومكررة... الإبداع أن تكتب قصة قديمة بطريقة جديدة، يحضر فيها تأثير قلمك وروحك وقيمك التي تؤمن بها كمؤلف لتضع بصمتك التي تميزك عن غيرك».
وبسؤالها عن كيفية حفاظها على نصوصها وحقوقها الأدبية، قالت: «بالنسبة إلى الحفاظ على سرية النص، فإني أقوم بتسجيل الحلقات في المكتبة الوطنية لحقوق الملكية الفكرية لضمان الحفاظ على حقي الأدبي».