بعد أيام من زيارة للمنطقة قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن، وأكد فيها أن الولايات المتحدة لن تترك فراغاً في الشرق الأوسط يملأه خصومها روسيا والصين وإيران، استضاف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، نظيريه التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، في أول لقاء ثلاثي على مستوى الرؤساء منذ عام 2019، تمحور حول تداعيات غزو موسكو لأوكرانيا والنزاع في سورية.

وتبعث زيارة بوتين لطهران، برسالة قوية إلى الغرب في شأن خطط موسكو لإقامة علاقات استراتيجية أوثق مع إيران والصين والهند، في مواجهة العقوبات الغربية.

وأجرى بوتين محادثات مع المرشد الأعلى في إيران السيد علي خامنئي، أمس، في أول زيارة له خارج الاتحاد السوفياتي السابق، منذ غزو موسكو لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي.

وفي طهران، عقد بوتين أيضاً، أول اجتماع مباشر له منذ الغزو مع أردوغان، لمناقشة اتفاق يهدف إلى السماح باستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود وكذلك إحلال السلام في سورية.

وفي لقطات للقاء بوتين وخامنئي، ظهر الرئيس الروسي ورئيسي وهما يجلسان معاً على بعد أمتار قليلة من المرشد الأعلى في غرفة بيضاء بسيطة. ولم يظهر في خلفية اللقطات سوى العلم الإيراني وصورة لآية الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية الراحل.

وأبلغ خامنئي، بوتين أن على طهران وموسكو توخي الحذر من «الخداع الغربي»، داعياً إلى تعاون طويل الأمد بين طهران وموسكو.

وفي إشارة إلى أزمة أوكرانيا، قال خامنئي «الحرب حدث صعب جداً، وإيران ليست سعيدة على الإطلاق لأن الناس العاديين يعانون منها».

وأضاف «يجب إخراج الدولار تدريجياً من التجارة العالمية».

وقال يوري أوشاكوف، مستشار بوتين للسياسة الخارجية للصحافيين في موسكو «التواصل مع خامنئي مهم للغاية. تطور حوار ثقة بينهما بخصوص أهم القضايا على جدول الأعمال الثنائي والدولي».

وأضاف «مواقفنا متقاربة أو متطابقة في معظم القضايا».

ويحرص قادة إيران على تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع روسيا في مواجهة تكتل ناشئ تدعمه الولايات المتحدة ويمكن أن يميل ميزان القوى في الشرق الأوسط بعيداً عن إيران.

وأكد رئيسي بعد محادثات مع بوتين «كلا البلدين لديه خبرة جيدة في مكافحة الإرهاب وهذا وفر الكثير من الأمن لمنطقتنا». وأضاف «آمل أن تؤدي زيارتك لإيران إلى زيادة التعاون بين بلدينا المستقلين».

وأعرب عن أمله في أن تكون زيارة الرئيس الروسي «نقطة تحول للتعاون المستقبلي».

وأكد بوتين، أن «العلاقات تتطور بوتيرة جيدة ويمكننا بالفعل التفاخر بأرقام قياسية للتجارة. زيارتي إلى طهران ستكون مثمرة على صعيد الأمن والاستقرار في المنطقة.

روسيا وإيران قدمتا مساهمة كبيرة في تسوية الوضع بسورية».

وبعد أن شجعتها أسعار النفط المرتفعة منذ حرب أوكرانيا، تراهن طهران على أنها قد تضغط بدعم من موسكو على واشنطن لتقديم تنازلات من أجل إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وقبل وصول بوتين، أبرمت شركة النفط الوطنية الإيرانية وشركة «غازبروم» الروسية مذكرة تفاهم تبلغ قيمتها نحو 40 مليار دولار.

وخلال لقائه أردوغان، تحدث بوتين عن إحراز تقدم في المحادثات حول تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود وشكر نظيره التركي.

وقال متوجّهاً إلى إردوغان في تصريحات أوردها الكرملين في بيان «بفضل وساطتكم، أحرزنا تقدّماً. لم تحلّ كل المسائل بعد، هذا صحيح، لكن هناك حركة وهذا أمر جيّد».

ولم يستبعد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن تجرى اتصالات بين الرئيس الروسي والرئيس السوري بشار الأسد بعد زيارة بوتين لإيران.

من جانبه، قال خامنئي لأردوغان إن «المحافظة على وحدة أراضي سورية أمر مهم للغاية وأي هجوم عسكري في شمال سورية سيضر بالتأكيد بتركيا وسورية والمنطقة بأكملها ويفيد الإرهابيين».

وذكر أردوغان أن الإرهاب لا يزال يمثل تهديداً مشتركاً لإيران وتركيا ومصدر قلق، وأن البلدين بحاجة إلى خوض معركة ضد جميع التهديدات، بما في ذلك المقاتلون الأكراد في تركيا وسورية وإيران.

وتوجه لأردوغان بالقول «نحن نعتبر أمن تركيا وحدودها من أمننا، وأنتم أيضاً اعتبروا أمن سورية مثل أمنكم».

وخلال مؤتمر صحافي مع رئيسي، اعتبر الرئيس التركي أن التنظيمات الكردية «مشكلة كبيرة للبلدين»، أي إيران وتركيا، متابعاً «علينا أن نقاتل ضد هذه المنظمات الإرهابية بالتكافل والتحالف».

وكان أردوغان وصل إلى طهران ليل الاثنين، وأقام له رئيسي صباح أمس استقبالاً رسمياً في مجمع سعدآباد التاريخي في شمال العاصمة.