عند الإعداد لمشروع إصلاح وطني، يجب تفادي القفز إلى الحلول قبل تشخيص الواقع الحالي وتحديد مواقع الخلل بوضوح وأسبابها بشكل موضوعي وفني بحت.
وعند تشخيص الواقع، يجب الأخذ بآراء مختلف الأطراف والتوجهات بما يضمن تعددها وشموليتها من دون اقصاء لأي طرف، فكل طرف ينظر للأمور بشكل مختلف يحتمل الصحة والخطأ، وذلك يشمل أيضاً الأخذ بالاعتبار أكثر الآراء تشدداً، موالاة كانت أم معارضة، ويكون هذا التشخيص مبنياً على طرح الكثير من الاسئلة قدر المستطاع لإخراج كل ما هو مخفٍ أو غير واضح.
وبعد الانتهاء من جمع الاراء حول تشخيص الواقع بكل أسبابه ومسبباته، تبدأ مرحلة العصف الذهني بين الأطراف نفسها لطرح الحلول، حيث تتم الخطوة الأولى من ذلك، عبر طرح حلول من دون مناقشتها، مهما كانت سخيفة أو ابداعية، ويكون العصف الذهني هذا متعدد الأساليب، منها ما يتم بشكل جماعي ولحظي، ومنها ما يتم عبر اعطاء مساحة من الوقت للأطراف المشاركة للاختلاء بنفسها للتفكير بتمعن بما طرحته من حلول وما طرحه الاخرون.
ويعقب هذه الخطوة، تصنيف هذه الحلول وتقييمها واختيار مجموعة منها عبر آليات يتم تحديدها والاتفاق عليها مقدماً بين المشاركين.
وتكون نتيجة آليات الاختيار التي تم التوافق عليها واختيارها بين المشاركين، تصنيف الحلول إلى اربع مجموعات:
المجموعة الأولى هي تلك الحلول بالغة الأهمية والتي لا تحتاج إلى جهد ووقت كبيرين لتنفيذها، وتلك الحلول الواجب التركيز عليها.
المجموعة الثانية هي المجموعة التي لا اهمية لها وتحتاج وقتاً طويلاً لتنفيذها، وهذه الحلول يجب تجاهلها.
المجموعة الثالثة هي الحلول التي ليست بذات الاهمية ولكن يمكن تنفيذها بشكل سريع.
وهذه الحلول يمكن البدء بها وتكليف الاخرين بها.
المجموعة الرابعة هي الحلول ذات الأهمية الكبيرة جداً ولكنها تحتاج وقتاً طويلاً لتنفيذها، وهذه الحلول يجب عدم اتخاذ قرار بها الآن وإنما يجب البدء بدراستها بشكل كبير ومتزن وعلى نار هادئة واتخاذ قرار صحيح لتنفيذها.
وعند التفكير بالحلول، يجب أن يطرح المشاركون على أنفسهم بعد تحديد هذه الحلول، عدداً من الأسئلة للتأكد من ان تلك الحلول هي بصيغتها النهائية. ومن هذه الاسئلة:
ماذا لو تم استبدال هذا الحل بذلك الحل؟
ماذا لو تم الغاء هذا الحل؟
ماذا لو تم دمج هذا الحل مع ذلك الحل؟
ماذا لو نفذنا هذا الحل بشكل مختلف؟
بعد أن يتم ذلك، سيكون لدينا مشروع اصلاحي توافقي طويل الأمد فيه من الابتكار والإبداع ما يضمن مستقبلاً أفضل للوطن.