فيما تمضي إجراءات صفقة استحواذ بيت التمويل الكويتي على «الأهلي المتحد - البحرين» قدماً، مع إعلان «بيتك» أمس عقد اجتماعي الجمعية العمومية العادية وغير العادية للبنك في 25 يوليو الجاري لإقرار الاستحواذ واعتماد سعر تبادل سهمي البنكين، يدور سؤال بين الكثيرين حول إذا ما كانت المؤسسات الحكومية المالكة في «بيتك» ستفقد نسبة الملكية المسيطرة في الكيان الناجم عن الاستحواذ.
وفي هذ الإطار، تُظهر الأرقام أن ملكيات الجهات الحكومية في «بيتك» تبلغ نحو 46.84 في المئة حالياً، وذلك بواقع 24.08 في المئة للهيئة العامة للاستثمار، و10.48 في المئة للهيئة العامة لشؤون القصر، و7.3 في المئة للأمانة العامة للأوقاف، و4.98 في المئة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، في حين أن «التأمينات» هي المالك الأكبر في «الأهلي المتحد» بواقع 18.69 في المئة.
ووفقاً لذلك، وبحسب سعر التبادل المقترح من قبل «بيتك» والذي أقره مجلس إدارة «الأهلي المتحد»، فإن ملكية الجهات الحكومية ذاتها ستبلغ نحو 38.16 في المئة في الكيان الموحد بعد الاستحواذ، ما يعني أن الجهات الحكومية ستظل تحتفظ بنسبة مسيطرة ضمن الكيان الجديد، وذلك بواقع 16.66 في المئة لـ «هيئة الاستثمار»، و9.21 في المئة لـ«التأمينات»، و7.25 في المئة لـ«القصر»، و5.05 في المئة للأمانة العامة للأوقاف.
فوائد متعددة
وفي ما يتعلق بفوائد وإيجابيات الاستحواذ المرتقب، فتؤكد تقارير متخصصة، عالمية ومحلية، أنها تتعدى ما سيجنيه ملاك ومساهمو المصرفين، لتشمل عملاءهما، إضافة للاقتصاد الكلي بوجه عام.
وفي هذا الإطار، يؤكد تقرير حديث لمركز الشال للاستشارات الاقتصادية، حصلت «الراي» على نسخة منه، أن مشروع اﻻستحواذ مجدٍ سواء على مستوى «بيتك» و«الأهلي المتحد»، أو على مستوى القطاع المصرفي الكويتي أو أهداف التنمية على مستوى اﻻقتصاد العام، منوهاً إلى أن الكيان الناجم عن الاستحواذ سيكون ثاني أكبر بنك إسلامي في العالم بحجم أصوله وأكبر بنك في الكويت والسادس خليجياً، ليصبح للكويت مصرفان ضمن أكبر 10 بنوك في إقليم الخليج (إضافة لـ«الوطني»).
ويبين التقرير أنه فيما يأتي «بيتك» في المرتبة 11 خليجياً في قيمة الأصول حالياً بـ72.115 مليار دولار تشكل نحو 3.8 في المئة من القيمة الإجمالية لأصول أكبر 15 بنكاً في المنطقة، فإن الاستحواذ سيصعد بـ«بيتك» للمرتبة السادسة خليجياً بأصول قيمتها 121.018 مليار دولار تشكل 6.2 في المئة من قيمة أصول أكبر 15 بنك في الخليج.
ويشير إلى أن الكيان الناجم عن الاستحواذ سيكون أقدر على تمويل مشروعات التنمية الكبرى وعلى المنافسة عالمياً لانتشاره في 10 أسواق، موضحاً أن إيرادات الكيان من المصادر الخارجية ستتحسن، وسيصبح أكثر قدرة على تطوير الصيرفة الإسلامية، بتوظيف أﻓضل الكفاءات والإنفاق على البحث والتطوير وتسويق خدمات الصيرفة الإسلامية على مستوى العالم.
ويلفت التقرير إلى أنه في ظل توقعات بنمو اقتصادات اﻹقليم وضمنها اﻻقتصاد الكويتي والبحريني بمعدﻻت أعلى من متوسط نمو عقد من الزمن ما قبل جائحة كورونا، وقريبة من ضعف عامي ما قبل الجاﺋحة، فإن أداء كل القطاعات التي تستحوذ على حصة رﺋيسية من نشاط التمويل للكيان المدمج سيتحسن، فيما سيتيح الاستحواذ للكيان ﻓتح نواﻓذ خارجية للتوسع بعيداً عن أسواق اﻹقليم المزدحمة، ما يخفض مخاطر اﻻنتكاسات في المستقبل، إذ يمثل كل من السوق التركي والسوق المصري والسوق البريطاني قواعد مناسبة لبدء عملية التنويع والتوسع.
وشدد «الشال» على أنه أياً كانت التطورات المستقبلية يبقى كيان مدمج أكبر وبحجم اقتصادي قادراً على تعظيم المنافع في ظروف عادية، وأقدر على امتصاص الصدمات، بتكلفة أقل، لافتاً إلى أن الارتفاع الآني في ربحية مساهم «بيتك» يدعمه أداء تاريخي مستقر للنمو في ربحية «الأهلي المتحد»، ما يرجح استدامة ذلك الارتفاع بالربحية للكيان المدمج.
وتوقع التقرير أن يظل نصيب مساهم «بيتك» في ملكية الكيان المدمج المقدرة بنحو 69 في المئة أعلى من مساهمته في الأصول المقدرة بنحو 59 في المئة، مؤكداً أن الاستحواذ سيصعد بمستويات الربحية، إذ من المقدر أن يرتفع العائد على حقوق الملكية الملموسة المستقل دون احتساب تكاليف ووفورات الاستحواذ من نحو 12.6 في المئة كما في نهاية عام 2021 إلى 13.2 في المئة، وأن ترتفع ربحية سهم «بيتك» من 28.6 فلس إلى 33.9 فلس أي بنسبة 18.5 في المئة، وذلك بافتراض معدل التبادل البالغ 2.695 سهم «أهلي متحد» مقابل كل سهم «بيتك»، في حين أنه من المتوقع أن يصل العائد على حقوق الملكية الملموسة بعد احتساب تكاليف ووفورات الاستحواذ إلى 15.1 في المئة، فيما تصل ربحية السهم إلى 38.7 فلس أي بتحسن نسبته 35.4 في المئة.
ومن ضمن بنود العمومية العادية الاستماع لتقرير الرقابة الشرعية في «بيتك» في شأن مشروع الاستحواذ وتحويل أعمال «الأهلي المتحد» وبنوكه التابعة إلى أعمال متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وإقراره، في حين تناقش العمومية غير العادية زيادة رأسمال «بيتك» المصدر والمدفوع بواقع 4.2 مليار سهم بالقيمة الاسمية، تخصص للمساهمين المسجلين في سجل مساهمي «الأهلي المتحد» في اليوم الذي يتم تحديده وفقاً لإجراءات تنفيذ الاستحواذ، إضافة إلى تفويض مجلس الإدارة أو من يفوّضه أو من يكلفة بتنفيذ الاستحواذ، وتجديد قرار عمومية «بيتك» المنعقدة في 20 يناير 2020 بالموافقة على إدراج البنك في بورصة البحرين.
ارتقاء بتنافسية الكويت وزيادة بالعمالة الوطنية
هناك العديد من الآثار الإيجابية لاستحواذ «بيتك» على «الأهلي المتحد» سيستفيد منها الاقتصاد الكويتي، ومنها:
1) يحتاج التفوق في الارتقاء بتنافسية الكويت كمركز مالي، وهو هدف معلن ورئيسي لمشروع التنمية في الكويت، بنوكاً أكبر وأﻓضل، والاستحواذ خطوة على هذا الطريق.
2) في حال لجوء الكويت إلى سوق اﻻقتراض لتمويل مشاريعها التنموية، ستكون احتياجاتها ضخمة، وكلما كبر حجم وحدات قطاعها المصرفي زادت قدرته على مواجهة متطلباتها، وفي ذلك نفع للطرﻓين.
3) تشير الدراسات اﻷولية إلى احتمال بلوغ نسبة العمالة المواطنة في الكيان المدمج نحو 76.2 في المئة، وكلما كبر الكيان وانتشر احتاج عمالة مواطنة أكثر إلى جانب احتمال تصدير بعضها إلى بعض اﻷسواق الـ 10 التي يغطيها نشاطه.
4) المصارف الكبرى أكثر قدرة على تحقيق اﻷرباح، والكويت إن عاجلاً أو آجلاً بحاجة إلى نظام ضريبي لردف اﻹيرادات العامة، والكيان المدمج مصدر محتمل لدخل ضريبي.
5) يؤدي الارتفاع المستدام في الربحية إضافة لارتفاع مستوى السيولة على سهم «بيتك» إلى ترجيح ارتفاع مستوى أسعار أسهمه، وذلك يعني احتمال ارتفاع القيمة الرأسمالية لحملة أسهمه. وأكثر من ثلثهم مؤسسات حكومية أو شبه حكومية كويتية.
ارتفاع ملكية الأجانب في «بيتك» إقرار بسلامة الاستحواذ
ترتب على الارتفاع الكبير في القيمة الرأسمالية لكل من «بيتك» و«الأهلي المتحد» في عام 2021، نمو قيمة استثمارات كل المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية في البنكين بنحو 976.2 مليون دينار، وبواقع 859.2 مليون في «بيتك» و117.2 مليون في «الأهلي المتحد»، في حين ارتفعت مساهمة الأجانب في «بيتك» من 7.44 في المئة في نهاية ديسمبر 2020 إلى 10.3 في المئة في نهاية ديسمبر 2021، ما تفسره مصادر استثمارية بإقرار من المستثمرين الأجانب بسلامة مشروع الاستحواذ.