«عيد بأية حال عُدت يا عيد»... قال أبو الطيب المتبني، هذه القصيدة أثناء إقامته في مصر، وعمل على مراغمة كافور الاخشيدي والرحيل عنه في مغامرة شجاعة وسط صحراء قاحلة مليئة بالوحوش واللصوص وقطاع الطرق. وعقد العزم على التوغل في الارض الموحشة يوم عرفات سنة 350... صحراء قاحلة.
ونحن في أيام تماثل تلك الايام حال الامة العربية نكداء، حروب وانتفاضات وعصابات تحتل بقاعاً، ويستعين الولاة بجيران لهم غُرباء من أقصى الشرق والغرب...
يأتي العيد ولا نُسرُّ إلا للقاء الأبناء والأحفاد والأقارب. وإلا فالعيد لم يعد من المسرّات ولا ندرك منه خصلة من الفرح إلا أنه أيام عطلة وراحة، والأسفار كانت إلى دول الجوار وأخرى بعيدة حتى ضاقت بلاد العرب بالأمن والأمان فوجّه السيّاح العرب وجهتهم إلى دول غير عربية، وأخرى بعيدة كل البعد...
دولة تطمئن لها النفوس، تركيا الاسلامية في العيد تتوثق الروابط بين المسلمين وان لم تكن في تمام الوفاق، فتقتصر على مجاملة البرقيات التي تبثها الإذاعات والتلفزيونات والصحف.
كان يذهب العرب في أعيادهم إلى أشقائهم العرب، ولما حالت ظروف القلاقل، غرّبوا وشرّقوا إلى حيث الغرباء.
في عيد الفطر يُخرج المسلم صدقة الفطر التي تُطيب الخواطر.
في عيد الأضحى يذبح المسلم أضحيته ونبحث عن فقراء، ولا نجدهم عن قرب للانتفاع بلحومها بل نهديها لبعضنا وللاضحية من لحمها فخذان ولا يطيب خاطر المهدى إليه إلا بفخذ وكأن للاضحية عشرات الافخاذ.
وأسلم شيء أن تبعث الفدية الى الخارج بواسطة فاعلي الخير.
كان للمسلمين أعياد وزالت مثل عيد النصر وعيد الظّفر... والمسلمون يفرحون بها لأن الله امتحن عزائمهم إن كانت قوية أو هزيلة.
وهنا ندرك أن الفرح في العيد عبادة، أو إتمام عبادة بالتغلب على الشيطان وجنوده كما نعتقد الآن يرى الواحد منا الشيطان في ذاته وأقربائه... ويراه البعض في أصحاب الجوار من وراء الحدود ويرى البعض في العيد معنى تثبيت إنسانيتهم.
والنفوس إذا أوحي إليها بما فيها من معان سامية ازدادت فيها رسوخاً.
أعيادنا في فقرنا كان فيها زهوّ وفرحة عارمة، نعايد من نعرفه ومن لا نعرفه والصغار يشعرون ما يشعر به الكبار...
يجب أن نصنع الفرحة وكأنها أداة مصنوعة كاللعب... أي فرحة مستوردة ليست من صنعنا. أدوات الفرح في السابق بسيطة تصنع من أدواتنا، الآن هذا في العيد وما به تصنع ملابسنا وأدوات الالعاب التي يفرح بها الاطفال تغمر بلاداً من صنع الخارج أكبر بلاد عربية كنا نرى فيها مباهج العيد هي مصر. صارت الفوانيس وألعاب العيد تجلب من الصين وأعلامنا وراياتنا من الصين... نحن أمة لا نصنع ولا نزرع، كل شيء مجلوب من الخارج ولا يبعث الفرحة كما هي المصنوعات الوطنية.