«هل تعلم أن دولة ماليزيا انقلب حالها وتطوّرت في غضون جيل واحد فقط؟ 25 سنة كافية لتغيير أمة». أحمد الشقيري

ذكرت بعض الصحف أن الهيئة الوطنية الفنلندية، تقدمت عن طريق إحدى شركاتها المعتمدة للتعليم، بعرضها على وزارة التربية تطوير التعليم في الكويت بنوعية التعليم العام والتعليم العالي، وكان ذلك في كتاب قدمته لوزير التربية وزير التعليم العالي والبحث العلمي د. علي المضف، حسب ما ذكر البيان، حيث ذكرت فيه أن العرض شامل تطوير المناهج وتدريب الأساتذة والمعلمين والكادر الإداري بالإضافة إلى تقديم الاستشارات لتطوير تصاميم المدارس لتواكب أنظمة التعليم المتقدمة ومساعدات التعليم والتدريب، ووضع برنامج خاص للمتفوقين، وذلك لتأهيلهم لدخول أفضل الجامعات في العالم كجامعة أوكسفورد وكامبردج وهارفارد.

وهذه فرصة لننهض بالتعليم بالكويت، حتى ولو كان الخبر غير صحيح فيجب أن نبادر ونطلب المساعدة منهم لأن التعليم الفنلندي صُنّف الأول عالمياً من قبل «الأمم المتحدة» ومنتدى الاقتصاد العالمي والبنك الدولي.

إذاً، كيف تربع التعليم الفنلندي على عرش العالم ليصبح في المركز الأول؟

فنلندا دولة صغيرة وعدد سكانها 5.5 مليون نسمة، ولكن طلابها استطاعوا أن يبدعوا في الرياضيات والعلوم والقراءة ويتفوقوا على تلاميذ بقية دول العالم، وتوافر الحكومة «الفنلندية» رياض أطفال بأعلى المعايير، وتستقبل الطلاب من عامهم الأول إلى أن يبلغ الطفل سبع سنوات وهي مجانية للجميع، وتكون مخصصة للعب والتعليم المرح.

تعتبر وظيفة المعلم في فنلندا من أفضل الوظائف وهي في مستوى وظيفة الطب نفسه، ولكي يتم الحصول على وظيفة معلم يجب الحصول على درجة ماجستير بحثية مدفوعة التكاليف من قبل الحكومة الفنلندية، والمنافسة كبيرة للالتحاق بالبرنامج.

وتقوم الحكومة بمنح المعلمين استقلالية كاملة داخل فصولهم الدراسية، ويملك المعلم القدرة والقرار في تطوير وتجريب أساليب جديدة من التعليم مثل المحاضرات أو إشراك معلمين آخرين في إلقاء هذه المحاضرات الدراسية للطلاب.

ويقال إن المنهج الدراسي مختصر جداً، لدرجة أن مادة الرياضيات من الصف الأول إلى الصف التاسع أكثر من 10 صفحات فقط، وتترك التفاصيل الدراسية وطرق تدريسه إلى المعلمين الذين يتمتعون باستقلالية داخل الفصول الدراسية ليقوموا بهذه المهمة، إيصال المحتوى المفيد للطلاب.

ولا توجد اختبارات موحدة للطلاب في فنلندا، رغم تفوقهم على العالم في الرياضيات، ولكن هناك اختبار قبل المرحلة الجامعية، أما ما قبل ذلك فيوجد بعض الاختبارات الاختيارية ولا يتم حتى الإعلان عن نتائجها ما يعطي مساحة كبيرة للمعلمين لكي يبدعوا في إعطاء الطلاب الأمور المهمة.

وتركز سياسة التعليم في فنلندا بشكل أساسي على العمق في المضمون المدروس، والمعلمون يعملون في الفصول لمدة 4 ساعات يومياً و20 ساعة أسبوعياً، نصف هذه الساعات يقوم فيها المدرس بإعداد المناهج الدراسية وتقييم الطلاب، ومع تقلص ساعات الدراسة تزداد فترات الراحة نسبياً لتصل 75 دقيقة موزعة على اليوم الدراسي.

وهناك مساواة بين الطلاب، وهذا الشعار الأكثر أهمية في التعليم الفنلندي، وتطبيق هذا الأمر يجعل الطلاب الفنلنديين سواء كانوا في مناطق ريفية أو حضارية، فقيرة كانت أو غنية يحصلون على جودة تعليم متساوية، ويتم توزيع المال بالتساوي على المدارس إلى حد كبير، كما أنه لا توجد تصنيفات وترتيبات ومنافسة بين المدارس، فجميعها تعمل وفقاً لأهداف قومية واحدة.

أظن هذه فرصة لفتح هذا الملف المهم والذي سيؤثر على أجيال قادمة، خاصة بعد الفاقد التعليمي الرهيب لدى طلاب المدارس ومن الصعب تعويضه بسهولة.