بينما يتواصل ظهور وتفشّي مزيد من الحالات المصابة بمرض جدري القرود الجلدي في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية وأستراليا، بدأت أصابع الاشتباه تشير بقوة إلى أن بؤرة انطلاقه كانت من مهرجان حاشد حضره عشرات الآلاف من «مجتمع الميم» الشواذ جنسياً (مثليي ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين والعابرين جنسياً)، وهو المهرجان الذي أقيم بين 5 و15 مايو الجاري في مدينة «ماسبالوماس» التابعة لجزر الكناري.

وفي حين ارتفع عدد الإصابات المكتشفة في بريطانيا وحدها إلى 20 حالة في غضون أسبوع واحد، فإن حالات جديدة تواصل الظهور في الولايات المتحدة وكندا وإسرائيل والنرويج والبرتغال وإسبانيا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا وهولندا وسويسرا وجنوب أفريقيا وأستراليا.

وعلى إيقاع تحذير أطباء من أن أعداد الإصابات ستتزايد على نحو قد يخرج عن السيطرة، بدأت سلطات الصحة العامة في الاتحاد الأوروبي تحريات لاستقصاء ذلك الاشتباه بعد ثبوت وجود صلة بين حضور ذلك المهرجان وبين عدد من الحالات التي تم اكتشافها في إسبانيا وإيطاليا، فيما قال الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، إن تفشي مرض جدري القرود هو أمر «يجب أن يكون مصدر قلق للجميع»، مضيفاً في قاعدة جوية في كوريا الجنوبية قبل مغادرته على متن طائرة الرئاسة الأميركية متجهاً إلى اليابان أن مسؤولي الصحة الأميركيين يبحثون مسألة اللقاحات والعلاجات المحتملة.

ونقلت صحيفة «إل باييس» الإسبانية عن مصدر طبي حكومي قوله: «من بين نحو 30 مصاباً تم تشخيص إصابتهم حتى الآن في مدريد وحدها، اكتشفنا أن عدداً منهم حضروا ذلك المهرجان، لكن لم يتضح حتى الآن ما إذا كانت العدوى قد انتقلت إليهم من أحدهم أم أنهم جميعاً التقطوها من آخرين في المهرجان».

وظهرت بؤرة إصابات بجدري القرود في حمَّام ساونا في ضاحية مالازانيا التابعة للعاصمة الإسبانية مدريد، حيث قررت السلطات الطبية إغلاق ذلك الحمّام ووضعه تحت الحجر الصحي. ولاحقاً، توالى ظهور بؤر وبائية أخرى في مناطق متفرقة في إسبانيا.

وفي العاصمة الإيطالية روما، تم اكتشاف 3 مصابين بجدري القرود وجرى عزلهم في مستشفى معهد سبالانزاني للأمراض المعدية.

وقال مدير المركز، الدكتور فرانسيسكو فايا: «المرضى الثلاثة يقولون إنهم لم يسبق أن كان بينهم أي اتصال بدني، لكن العامل المشترك بينهم هو أنهم سافروا وشاركوا في ذلك المهرجان الذي أقيم في جزر الكناري».

وتُعزز بيانات منظمة الصحة العالمية ذلك الاشتباه، إذ إنها تشير إلى أن معظم الذين تم تشخيص إصابتهم بجدري القرود حول العالم حتى الآن هم من الذكور الشواذ جنسياً.

وعلى الرغم من أن خبراء طبيين مختصين قالوا إن عدوى مرض جدري القرود لا تنتقل عبر الاتصال الجنسي، فإنهم حذروا بشدة من أن تلك العدوى قابلة للانتقال من خلال التلامس الجلدي، داعين أفراد «مجتمع الميم» إلى عزل أنفسهم وطلب الفحص الطبي فورا إذا ظهرت عليهم أي طفوحات جلدية.

بلجيكا تفرض حَجْراً صحياً إجبارياً على المصابين

بعد اكتشاف رابع حالة إصابة بجدري القرود على أراضيها، أعلنت السلطات البلجيكية أنها قررت فرض حجر صحي مؤسسي إجباري مدته 21 يوماً على أي شخص يتم تشخيص إصابته بذلك المرض الجلدي المعدي.

وبهذا، أصبحت بلجيكا أول دولة على مستوى العالم تلجأ إلى ذلك الإجراء الوقائي.

وفي حين لا يسري ذلك القرار على المخالطين للمصاب ولا يفرض عليهم أن يعزلوا أنفسهم منزلياً، فإنه يوصيهم بالترقب وطلب الفحص الطبي إذا ظهرت عليهم أي واحد من الأعراض ذات الصلة.