مايحدث في الأراضي المحتلة في فلسطين، هو أمر ليس بالجديد، ولايمثل سابقة بالنسبة للكيان الصهيوني، الذي اعتاد على الجرائم والإرهاب المنظم، في ظل قبول عالمي ضمني لما يحدث هناك، لأن العالم يعرف كيف ينتفض ولمن ينتفض، على اعتبار أن العالم الإسلامي يتصرف وفق مقولة (مَن يهن يسهل الهوان عليه)، وعلى مدى سنوات كان الاستنكار والغضب الشعبي أعلى صوتاً من الرسمي، لأن معظم الحكومات الإسلامية أصلاً لا تمثل نبض شعوبها ولا توجهاتها، وإن كانت مجبرة على اتخاذ مواقف معينة، فهي مواقف متواضعة بسيطة لا تتناسب مع الحدث، ولا تتلاءم مع شدة الاعتداءات الإسرائيلية.
منظمة التعاون الإسلامي مثلاً أنشئت في عام 1969 على خلفية إحراق المسجد الأقصى من قِبل الصهاينة، وظلت على مدى سنوات طويلة وفي كل مؤتمر تؤكد على مركزية قضية فلسطين وأهمية القدس، واليوم صامتة ولا تحرك ساكناً وهي منشغلة بقضايا أكثر سطحية، وكأن ما يحصل في فلسطين في كوكب وهي في كوكب آخر، وبالتالي فهي لايعنيها الأمر!
القوات الإسرائيلية أفسحت المجال أخيراً للمتطرفين الصهاينة، وسمحت لهم بتدنيس المسجد الأقصى أولى القبلتين، بل وأصبحوا يتجمعون ويطلقون الشعارات العنصرية، ويشتمون ويتطاولون على رمز الإسلام وخير البشر رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، ويتوعدون العرب ويسيئون لعامة العرب والمسلمين، والمنظمات العربية والإسلامية أشبعتنا شجباً واستنكاراً.
حتى قتل الصحافية شيرين أبو عاقلة، رغم الزخم الإعلامي ورمزية الحدث، إلا أن هذه الجريمة سبقتها عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من الجرائم منذ عام 1948، أطفال ونساء ورجال وضحايا وتهجير واستيلاء، وبيوت هدمت على ساكنيها من الأبرياء، وصحافيون كثر قبل شيرين كانوا ضحايا للإرهاب والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، الأمر الذي يثبت قبح هذا العالم رغم محاولاته لإخفاء ذلك القبح بمنظمات من هنا ومؤتمرات بروتوكولية شكلية من هناك.
أعلم ويعلم كل من يقرأ هذه الكلمات، أن الوضع العام لن يتغير، وأن إسرائيل ستظل تمارس إرهابها وتدافع عنه بكل وقاحة، وسيبقى الحال كما هو عليه، حتى يأتي اليوم الذي ستزول فيه بؤرة الشر التي زرعت في قلب العالم العربي، وهذا اليوم سيأتي لامحالة.
twitter: @dalshereda