رأى رئيس قسم زراعة الأعضاء في مركز حامد العيسى رئيس الجمعية الكويتية لزراعة الأعضاء الدكتور مصطفى الموسوي، أن عملية زراعة قلب خنزيز لمريض في مستشفى ميريلاند الأميركي، وإن توفي بعد شهرين، لا تعتبر فشلاً للعملية، بل تطور كبير في مجال زراعة الأعضاء، ويفتح المجال لإجراء المزيد من المحاولات، التي لاشك في أنها ستكلل في النهاية بالنجاح.
وأوضح الموسوي، في حوار مع «الراي»، أن القلب المزروع كان يعمل بشكل ممتاز، من دون أي دليل على رفض الجسم له، لكن المريض نفسه كان يعاني ضعفاً شديداً قبل العملية.
وقال إن الخطوة المقبلة ستكون زرع كلية من حيوان معدل جينياً الى مريض يعاني من الفشل الكلوي، وحال نجاح هذه العمليات، ستتضاعف عمليات زراعة الكلى وبقية الأعضاء، لافتاً إلى أن الخنزير والقرد الحيوانان المفضلان لنقل أعضائهما، لسهولة استبدال الجينات المسؤولة عن الرفض، ومشيراً إلى أن عمليات الزراعة نجحت بعد اكتشاف عالم بريطاني لبناني الأصل أسباب رفض الجسم للأعضاء.
وفي سياق آخر، ذكر الدكتور الموسوي أن الجمعية تهدف إلى تشجيع الناس على حمل بطاقات التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، وقد وصل عدد المتبرعين حتى الآن لأكثر من 16 ألفاً، وهو عدد يعتبر قليلاً بالنسبة لسكان الكويت.
وقال إن 12 زراعة كبد ناجحة تمت في الكويت، والعمليات ستعود بعد توقفها بسبب «كورونا».
وبين أن نسبة التبرع بالأعضاء من متبرعين أحياء أو متوفين، متناصفة تقريباً، غير أن المفضل أن تكون عمليات زراعة الكلى معظمها من الوفيات، لافتاً الى أنه في ظل نقص الأعضاء المتوافرة للمرضى، ازدهرت تجارة الأعضاء في دول عديدة، ومن الصعب جداً القضاء عليها، إلا بتوفير العدد الكافي من الأعضاء للمرضى، ولا يمكن ذلك إلا بتوفير الأعضاء من الوفيات، حيث أكثر من 90 في المئة من المتوفين يدفنون وتدفن معهم أعضاء وأنسجة تصلح لنقلها لإنقاذ مرضى، معتبراً أنه لا يوجد أفضل من التبرع بالأعضاء لإنقاذ مرضى، بدلاً من التبرع بها للديدان.
وفي ما يلي نص الحوار:
• كيف تقّيمون وفاة المريض صاحب قلب الخنزير المزروع، بعد شهرين من عملية الزراعة في مستشفى ميريلاند الجامعي الأميركي؟
- هذا الأمر مؤسف وغير متوقع، لأن القلب كان يعمل بشكل ممتاز، من دون أي دليل على رفض الجسم لقلب الخنزير المزروع، ولكن المريض نفسه كان يعاني من ضعف شديد نتيجة لمعاناته لفترة طويلة قبل العملية، حيث كان على جهاز القلب الاصطناعي لفترة طويلة. ومع ذلك فالعملية تعتبر تطوراً كبيرا في مجال زراعة الأعضاء، وتفتح المجال لإجراء المزيد من المحاولات، ولاشك ستكلل بالنجاح في النهاية.
• هل تعتبر نتائج هذه الزراعة مبشرة، ويمكن أن نرى تكراراً لها، لتشمل نقل أعضاء حيوانية أخرى للإنسان؟
- نعم طبعاً، ومازال الخنزير والقرد هما الحيوانان المفضلان لنقل أعضائهما للانسان، لسهولة إزالة الجينات المسؤولة عن الرفض واستبدالها بجينات إنسانية.
• هل يعتبر موت زارع قلب الخنزير فشلا للعملية، أم للتجربة العلمية الفريدة من نوعها؟
- لا يعتبر فشلاً، فمعظم عمليات الزراعة الناجحة حالياً بدأت بعمليات أدت إلى فشل العضو المزروع أو موت المريض، فقبل أكثر من قرن من الزمان بدأت عمليات نقل الكلى من الحيوان للإنسان، ومع نجاحها جراحياً، الا أنها لم تعمل أكثر من ساعات أو أيام قليلة، نظراً لعدم معرفة الأطباء بدور جهاز المناعة في جسم الإنسان، حيث يقوم جهاز المناعة برفض الكلية المزروعة، لاعتبارها جسماً غريباً.
وبعد اكتشاف أسباب الرفض في الخمسينات من القرن الماضي، على يد العالم البريطاني اللبناني الاصل السير بيتر مدوًر، ثم استخدام أدوية تثبط من مناعة الجسم، نجحت عمليات الزراعة.
• كيف ترون إمكانية الاستمرار في اجراء هذه النوعية من العمليات مستقبلاً، والفوائد التي قد يجنيها المرضى، في ظل تحديات التبرع بالاعضاء؟
- أعتقد أن الخطوة المقبلة، ستكون زرع كلية من حيوان معدل جينياً، إلى مريض يعاني من الفشل الكلوي، وليس لديه متبرع مناسب.
وفي حال نجاحها ستتضاعف عمليات زراعة الكلى وبقية الأعضاء لأن جميع دول العالم لا تجري العدد اللازم من عمليات الزراعة بسبب نقص الأعضاء المتوافرة للمرضى.
• ماذا عن الأعضاء الحيوانية التي تم نقلها للإنسان حتى الآن بخلاف العملية المشار إليها أعلاه؟
- كما ذكرت، في بداية القرن الماضي بدأت التجارب في نقل الأعضاء من الحيوان للإنسان، فتم نقل كلية ماعز وكلية خنزير الى مرضى مصابين بالفشل الكلوي، ولم تنجح العمليتان، بسبب رفض الجسم للكلية المزروعة.
وفي الثمانينات من القرن الماضي تم نقل قلب قرد الى مريض، ولم تنجح العملية.
• في سياق آخر، ماذا عن حالات التبرع بالكبد في الكويت خلال العام الماضي والعام الجاري؟
- عمليات زرع الكبد في الكويت بدأت قبل نحو 5 سنوات في مستشفى جابر، وتم إجراء 12 عملية ناجحة، ولكن عند انتشار الجائحة وتحويل مستشفى جابر الى المركز الرئيسي لعلاج «كورونا» توقف البرنامج.
ومن المتوقع رجوع مستشفى جابر للعمل بشكل طبيعي، والبدء مرة أخرى في عمليات زراعة الكبد خلال الأشهر القليلة المقبلة، إن شاء الله.
• كم عدد حالات التبرع بالأعضاء التي نجحت فيها الجمعية الكويتية للتبرع بالأعضاء منذ تأسيسها؟
- الجمعية تهدف الى تشجيع الناس على حمل بطاقات التبرع بالأعضاء، بعد الوفاة، وقد تجاوز عدد المتبرعين حتى الآن 16 ألفاً، وهو مازال قليلاً بالنسبة لعدد سكان الكويت.
• ماذا عن التبرع بالأعضاء من الأحياء نسبة الى المتوفين؟
-النسبة تقريباً متناصفة. ولكني أفضل أن تكون عمليات زراعة الكلى معظمها من الوفيات، حتى لا نعرض متبرع الكلية، وهو إنسان سليم، الى اجراء عملية كبيرة لاستئصال كليته ليس لصالحه، وإنما من أجل شخص آخر.
ومن المعروف أن أي عملية تحمل نسبة من المخاطر، وان كانت نسبة حدوث هذه المخاطر أو المضاعفات قليلة جداً.
• ثمة معايير صارمة تضعها الجمعية الكويتية للتبرع بالأعضاء، لمنع تجارة الأعضاء البشرية فهل يمكن تسليط الضوء عليها؟
- للأسف، ونتيجة لنقص الأعضاء المتبرع بها، ازدهرت تجارة الأعضاء في دول عديدة في العالم، ومن الصعب جداً القضاء عليها، إلا بتوفير العدد الكافي، ولا يمكن ذلك إلا بتوفيرها من الوفيات.
فمن المعروف أن أكثر من 90 في المئة من المتوفين، يدفنون وتدفن معهم أعضاء وأنسجة، تصلح لنقلها لإنقاذ مرضى من المرض أو الموت، لذا من الضروري نشر ثقافة التبرع بالأعضاء في مجتمعنا، عن طريق المناهج الدراسية وعن طريق المساجد ووسائل الإعلام المختلفة، فإنقاذ مريض من الموت عن طريق التبرع بعد الوفاة، من الصدقة الجارية، بل من أفضلها كما يقول العلماء، بناء على الآية القرآنية «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً».
• هل هناك مخالفات رصدتها أو سجلتها الجمعية لحالات تجارة بالأعضاء؟
- نعم قامت الجمعية بحملة ضد تجارة الأعضاء، ودعت رئيس الجمعية العالمية لزراعة الأعضاء لزيارة الكويت، ومقابلة وزير الصحة حينها الدكتور هلال الساير، كما أنني كنت من المشاركين في التحضير للمؤتمر العالمي ضد تجارة الأعضاء في اسطنبول عام 2008، ونتج عنه «إعلان اسطنبول» لمحاربة تجارة الأعضاء.
• هل من كلمة أخيرة لكم؟
- آخر فرصة لأي إنسان لعمل الخير في الدنيا هي ساعة الوفاة.
وفي اعتقادي لا يوجد عمل أفضل من التبرع بالأعضاء لإنقاذ مرضى، بدلاً من التبرع بها للديدان.