فاجأت تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان، أثناء استضافته في أنقرة، أول من أمس، قمة لمنظمة الحاخامات في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، المسؤولين في الدولة العبرية، بعدما أكد أن «تطبيع العلاقات مع إسرائيل أمر مهم وسيتم قريباً»، مشدداً على أن العلاقات «تتقدم في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية»، واعتبروا ذلك تراجعاً، نظراً لما تمر به تركيا، سياسياً واقتصادياً حالياً.

وأبرزت الصحف العبرية الرئيسية، تصريحات أردوغان مع صورة كبيرة، وهو يصافح الحاخامات، وهم يقدمون له «الشمعدان السباعي»، وكذلك وهم حول المائدة كبيرة خلال اجتماع الأربعاء، بينما ذكرت قناة «آي 24، أن الرئيس التركي يحاول أن يحافظ على مكانته في المنطقة في ظل التنافس القوي، مع إيران وروسيا وإسرائيل.

وركزت صحيفة «إسرائيل هيوم» على ما ورد في كلمة أردوغان بخصوص القدس الشرقية والمسجد الأقصى المبارك، والتي قال فيها «لا نرغب برؤية توتر أو صراع أو اضطراب في هذه المنطقة الجغرافية القديمة التي تحتضن الأماكن المقدسة لكل من الديانات التوحيدية الثلاث»، مضيفاً أن «أعظم رغبة لدى تركيا هي شرق أوسط تعيش فيه الطوائف الدينية والأقليات العرقية والقومية المختلفة معاً في سلام».

كما أكد أردوغان، أن «تحذيراتنا للحكومة الإسرائيلية هي ضمان التعامل مع الأمور من منظور السلام والاستقرار على المدى الطويل في الشرق الأوسط»، موضحاً أن أي خطوات سيتم اتخاذها في ما يخص القضية الفلسطينية، ولا سيما القدس، لن تسهم في أمن واستقرار الفلسطينيين فقط بل ستشمل إسرائيل أيضاً (...) ولذلك أولي أهمية لحوارنا الذي تم إحياؤه مجدداً، سواء مع الرئيس إسحاق هرتسوغ أو رئيس الوزراء نفتالي بينيت».

وأكد الرئيس التركي، ثقته في إمكانية إيجاد حل في القدس يراعي حساسيات كل الطوائف الدينية، مشيراً إلى الأهمية الحيوية للعلاقات التركية - الإسرائيلية «في أمن واستقرار المنطقة».

ولفت أن العلاقات «تتقدم في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية ضمن مسارها، رغم اختلاف الرأي حول القضية الفلسطينية»، مؤكداً «ضرورة تضامن الجميع لمكافحة معاداة الإسلام والسامية وكراهية الأجانب، التي بدأت بالتصاعد لا سيما في الدول الغربية».

وأطلق أردوغان خلال اللقاء، سلسلة من التصريحات الإيجابية والمفاجئة حول موقفه من اليهود ككل، وإسرائيل بصفة خاصة، قائلاً إن «العلاقات بين تركيا واليهود وإسرائيل ستكون قوية على الدوام (...) والعلاقات الاقتصادية أقوى من أي وقت مضى وستستمر في النمو».

وبحسب الحاخامات، الذين حضروا الاجتماع واستقبلوا بحرارة وبحفاوة كبيرتين، أكد أردوغان أن «تطبيع العلاقات مع إسرائيل أمر مهم سيحدث قريباً».

وأضافوا «تحدث بوضوح عن محاربة معاداة السامية، مؤكداً أنه سيحاربها تماماً كما يحارب الإسلاموفوبيا، حتى أن أردوغان ذكر أن تركيا وقعت معاهدة ضد إنكار وقوع المحرقة بحق اليهود، بل إنه قال إنه سيعمل على تعزيز التوعية والإرشاد في تركيا بخصوص ذكرى المحرقة».

وضم اجتماع القمة، حاخامات يمثلون نحو مئة ألف يهودي يعيشون في أرجاء العالم الإسلامي، بما في ذلك كبار الحاخامات في كازاخستان وأوزبكستان وإيران وأذربيجان وقرغيزستان وأوغندا ونيجيريا وألبانيا والإمارات العربية المتحدة، وكذلك شمال قبرص وغيرها.

وبسبب قيود «كورونا» المحلية، شارك حاخامات المغرب وتونس، عبر الإنترنت.

ووجه مندي حتريك، مؤسس المنظمة وحاخام الجالية الأشكنازية في تركيا، شكره لأردوغان على كون أنقرة «رمزاً للعلاقات اليهودية - الإسلامية»، مضيفاً أن «الحاخامات يصبون إلى تطوير هذه العلاقات وتكثيفها».

وقدم الحاخام الأكبر للمجتمع اليهودي في تركيا إيزاك هيلافا، والحاخام الأكبر لروسيا، وكبار الحاخامات في بعض الدول الإسلامية، «شمعداناً سباعياً» لأردوغان، يرمز إلى اليهودية.

وبحسب صحيفة «تركيا الآن»، تُلي هيلافا «الدعاء المبارك أنوتين»، من أجل أردوغان.

وتعتبر هذه المرة الأولى في تاريخ تركيا، التي يتُلى فيها هذا الدعاء من أجل رئيس الجمهورية.

و«الدعاء المبارك أنوتين»، هو دعاء من يهود تركيا لمباركة رئيس الجمهورية، وهو مكتوب بشعور من الامتنان والبلاغة للإمبراطورية العثمانية، التي فتحت أبوابها لليهود السفارديم الفارين من إسبانيا بعد القرن الخامس عشر (1492).