بعد عامين على خط المواجهة ضد وباء «كوفيد - 19»، يواصل مايكل راين، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية إبداء تفاؤله، مؤكداً أن البشرية ستغير مسارها وتتخذ التدابير اللازمة للجم فيروس كورونا المستجد.

لكن راين يدرك أن الأزمة قد تسوء لأن المتحوّر «أوميكرون» يبدو قادراً على رفع معدل الإصابات بشكل حاد وملء المستشفيات.

كذلك، قد يواجه العالم متحوّرات جديدة أكثر خطورة قد تؤدي من خلال موجات متتالية إلى انهيار الأنظمة الصحية.

وقال راين لـ «فرانس برس»، «إنه مستقبل محتمل إذا لم نتعامل مع الفيروس بشكل صحيح».

لكنّ أضاف «لا أرى أن هذا السيناريو الآن. أرى مستقبلاً أفضل».

ويقدّر عالم الأوبئة والجرّاح السابق، أنه إذا «أخذنا التدابير الصحية بجدية وازدادت تغطية اللقاحات» سيكون ممكناً التغلّب على الجائحة.

وفي حين أنه من غير المرجح أن يختفي فيروس «سارس كوف-2»، يعتقد راين أنه قد يصبح مجرد فيروس تنفسي مزمن آخر، مثل الإنفلونزا. وقال «أنا متفائل جدا لما يمكننا تحقيقه بشكل جماعي».

ونتيجة لذلك، شخّص زملاء هذا الطبيب الإيرلندي على أنه «مفرط التفاؤل»، وهي صفة ارتبطت به منذ توليه منصب المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في العام 2019، قبل فترة وجيزة من انتشار الجائحة.

ووجدت منظمة الصحة العالمية نفسها في قلب العاصفة وتعرّضت لانتقادات بسبب بطئها في التحرك وفي ارتكابها أخطاء في التقييم، لكنها أيضا كانت كبش فداء لبعض السلطات السياسية التي تجاوزتها الأحداث.

وأقر مايكل راين الذي كان مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، أحد أبرز الوجوه في معركة المنظمة ضد الوباء «كان ذلك صعباً في بعض الأحيان. لقد تلقينا بعض الصفعات» لكنّ «ذلك جزء من هذا العمل».

والجزء الأصعب بالنسبة إلى «الجنرال»، وهو اللقب الذي أطلقه عليه غيبرييسوس، هو تأثير ذلك على عائلات خبراء منظمة الصحة العالمية الذين يعملون بلا هوادة.

وأوضح راين الذي أمضى فترة كبيرة من ربع القرن الأخير يحارب على الأرض أوبئة مثل فيروس إيبولا والكوليرا وشلل الأطفال «لا يوجد شيء أكثر إرهاقا وأكثر إجهادا من أن تكون في الصفوف الأمامية لمحاربة جائحة».

وتغيرت نظرة الدكتور راين إلى الحياة في العراق العام 1990 حين احتجز رهينة خلال حرب الخليج، وقد أجرى جراحة فيما مسدس مصوّب إلى رأسه.

وروى «كنت رهينة في العراق و(...) اعتقدت في الكثير من المناسبات أن حياتي انتهت. والآن، اعتبر في غالب الأحيان اني أعيش نعمة إضافية».

إلى ذلك، وقبل أسبوع من عيد الميلاد، تعزز القيود المفروضة عبر العالم للجم الانتشار الخاطف لـ «أوميكرون»، مع إلغاء احتفالات أو إغلاق مواقع ثقافية، فيما تزداد الضغوط على غير الملقحين.

فبعد شهر فقط على رصده للمرة الأولى في جنوب أفريقيا، بات «أوميكرون» موجوداً في نحو 90 بلداً وينتشر بسرعة هائلة في أوروبا حيث يُتوقع أن تصير النسخة المهيمنة بحلول منتصف يناير، بحسب المفوضية الأوروبية.

وعزّزت الكثير من الدول الأوروبية إجراءات الوقاية الصحية مع اقتراب أعياد نهاية السنة أو تستعد لذلك.

في فرنسا، طلبت الحكومة من رؤساء البلديات إلغاء الحفلات الموسيقية أو عروض الألعاب النارية المقررة ليلة رأس السنة.

ولن تشهد جادة الشانزيلزيه الشهيرة احتفالات هذه السنة.

في إيرلندا، ستقفل الحانات والمطاعم عند الساعة الثامنة مساء اعتباراً من اليوم حتى نهاية يناير.

أما الدنمارك التي سجلت الجمعة، عدداً قياسياً جديداً بلغ 11 ألف حالة من بينها 2500 بالمتحور، فستغلق اعتباراً من اليوم ولمدة شهر المسارح ودور السينما وقاعات الحفلات الموسيقية فضلاً عن المتنزهات الترفيهية والمتاحف.

كندياً، ستعيد مقاطعة كيبيك العمل بنظام الحد من عدد الموجودين في الحانات والمطاعم والمتاجر.

وآسيوياً، أعادت كوريا الجنوبية اعتباراً من أمس، العمل بساعات إغلاق إلزامية للمقاهي والمطاعم ودور السينما وأماكن عامة أخرى على أن تقتصر اللقاءات الخاصة من الآن وصاعدا على أربعة أشخاص.

وبدأت تفرض قيود سفر في نهاية الأسبوع.

واعتمدت فرنسا اعتباراً من أمس، لزوم وجود «سبب قاهر» للمسافرين الوافدين من بريطانيا والمتوجهين إليها بعدما سجّل هذا البلد لليوم الثالث على التوالي عدداً قياسياً من الإصابات تجاوز 93 ألف حالة.

وداخل الاتحاد الأوروبي بات بعض الدول مثل إيرلندا والبرتغال وإيطاليا واليونان يفرض على المسافرين الأوروبيين حتى الملقحين منهم، التزود بفحص تشخيص سلبي النتيجة.

وستفرض ألمانيا التي صنفت الجمعة، فرنسا والدنمارك بلدين «عاليي المخاطر»، على المسافرين غير الملقحين الآتين من هذين البلدين فترة حجر.

واعتباراً من اليوم سيطبق هذا التدبير أيضاً على الوافدين من النرويج ولبنان وأندورا.

وتترافق هذه الإجراءات أينما كان مع ضغوط متزايدة على غير الملقحين تصل أحيانا إلى حد إلزام تلقي اللقاح.

في سويسرا، سيسمح فقط للملقحين أو المتعافين من «كوفيد - 19» اعتباراً من الغد، بدخول المطاعم والمؤسسات الثقافية والمنشآت الرياضية والترفيهية فضلاً عن الفعاليات التي تقام داخل قاعات.

وفرض اللقاح سيدخل حيز التنفيذ أيضا في فرنسا مطلع السنة بحيث ستصبح الشهادة الصحية «شهادة لقاحية» على ما أعلن الجمعة رئيس الوزراء جان كاستكس.

وبموازاة ذلك، بات التلقيح يشمل الأطفال في دول عدة مع انضمام البرازيل إلى البلدان التي باشرت ذلك مثل كندا والولايات المتحدة واسرائيل وتشيلي والبرتغال وإيطاليا واليونان وقبرص والدنمارك والبرتغال.

وستبدأ فرنسا بدورها الأربعاء المقبل تلقيح الأطفال بين سن الخامسة والحادية عشرة.

وأعلنت «فايزر»، الجمعة، أنها تريد اختبار جرعة ثالثة من لقاحها المضاد لفيروس كورونا للأطفال دون الخامسة ما قد يدفع هذا المختبر الأميركي إلى التقدم العام المقبل بطلب ترخيص لثلاث جرعات أساسية لدى هذه الفئة العمرية.